امتدّ التوتر بين المكوّن العربي والمليشيات الكردية من مدينة الحسكة إلى حلب وريفها، إذ أصدرت غرفة عمليات "لبيك يا أختاه"، التي تضم عدة كتائب من قوات المعارضة، بياناً طالبت فيه سكان حي الشيخ مقصود في حلب، من عرب وأكراد، بالابتعاد عن مقرات "وحدات الحماية الكردية"، لتحصين أنفسهم وذويهم، لأن التحرك ضد هذه الوحدات سيبدأ اليوم، الجمعة. وتزامن إصدار البيان مع إغلاق الطرق المؤدية إلى عفرين، شمال غرب حلب من جهة أعزاز، ودارة عزة.
الغرفة التي تضم "الجبهة الكردية"، "الجبهة الشامية"، "حركة أحرار الشام"، "جيش الإسلام"، "جبهة النصرة"، وفصائل أخرى، قالت في بيانها إنه "نظراً لعدم التزام الوحدات الكردية بما تم الاتفاق عليه واستمرار الإساءة للمسلمين، فإن الفصائل المذكورة تمهل الوحدات الكردية 48 ساعة (اعتباراً من يوم أمس الأول الأربعاء)، لتطبيق ما تم الاتفاق عليه، وإلا فإنها تعتبر المنطقة عسكرية مغلقة".
وكانت الفصائل المعارضة وقّعت مع الوحدات الكردية اتفاقاً بتاريخ 4 مايو/ أيار الحالي، بعد اعتداء مسلحين من "وحدات الحماية" على امرأة ونزع حجابها وتواصل انتهاكاتها بحق المدنيين في الحي. وينص الاتفاق على تسليم المعتدين على المرأة في حي الشيخ مقصود إلى اللجنة الشرعية في غرفة عمليات "لبيك يا أختاه". كما نص الاتفاق على أن الشيخ مقصود هو أحد أحياء حلب المحررة ويُطبق عليه ما يطبق على أحياء حلب، ولا يخضع للإدارة الذاتية للوحدات الكردية، يمنع فيه تفتيش النساء ويسمح لكافة الفصائل دخول الحي كأي حي محرر في حلب المحررة.
وينص أيضاً على "تبييض" سجون "وحدات الحماية الكردية" في كافة مناطقها خلال 5 أيام، وتتعهد الفصائل المشاركة في غرفة عمليات "لبيك يا أختاه" بمتابعة كافة المعتقلين من الأكراد المعتقلين عند فصائل المعارضة والسعي لإخراجهم.
وقالت الفصائل إن الوحدات الكردية لم تلتزم بتبييض السجون، وواصلت اعتداءاتها على سكان حي الشيخ مقصود.
اقرأ أيضاً: قوات المعارضة تحضّر لعملية تنهي وجود القوات الكردية بحلب
وفي إطار هذه التوترات العربية ـ الكردية، قال ناشطون إن "وحدات الحماية الكردية" فجّرت، الأربعاء، عشرات المنازل في قرية تل أحمر العربية، بالريف الجنوبي لعين العرب، في ريف حلب، بحجة أنها "منطقة عسكرية"، علماً أن سكان هذه القرى مدنيون ولا صلة لهم بأية فصائل عسكرية أو بأي توجُّه سياسي.
كما أحرقت الفصائل المنضوية في غرفة عمليات "بركان الفرات"، مئات الأشجار والهكتارات من المحاصيل الزراعية في القرى العربية في ريف عين العرب بعد سيطرتها عليها بحجة التخلّص من الألغام التي خلّفها تنظيم "داعش". وقال ناشطون في المنطقة إن المليشيات الكردية تقوم بسياسة التهجير الممنهج بحق المدنيين العرب من قراهم بريف عين العرب وترتكب العديد من الانتهاكات بحقهم.
يأتي هذا بعد شكاوى عدة من المواطنين العرب في محافظتي الحسكة ودير الزور بأن الوحدات الكردية تقوم بما سموه حملات تهجير جماعي لأهالي القرى العربية في الريف الغربي عقب سيطرة مليشيات حزب "الاتحاد الديمقراطي" على جبل عبد العزيز الذي يتجاوز عدد سكانه المئة ألف نسمة. وتم إجبار الكثير من سكانه على الرحيل، إذ أُمهلوا 24 ساعة فقط لإخلاء قراهم بدعوى تحويل الجبل إلى منطقة عسكرية، وفي ظل اتهامات لبعض الأهالي بالتعاطف مع "داعش". ورحل السكان، بحسب النشطاء المحليين، باتجاه الحدود التركية السورية شمالاً، ومناطق البادية جنوباً، أو معبر تل أبيض في الرقة.
وفي الوقت نفسه، تتواصل ومنذ أسبوع عمليات نزوح السكان العرب من الريف الغربي لمدينة الحسكة، بسبب المواجهات العسكرية بين "داعش" و"وحدات الحماية الكردية" المدعومة من طيران التحالف، فضلاً عن القصف المتواصل من قبل طيران التحالف الدولي على قراهم، خصوصاً بعد سيطرة المليشيات الكردية على عدد من القرى في ريف رأس العين ومنطقة تل تمر.
ونشر ناشطون من محافظة الحسكة صوراً لنزوح مئات العائلات بعد أن باتت قراهم ساحة للمعارك، مشيرين إلى أن عشرات الآلاف من أهالي رأس العين وتل تمر، هجروا عن قراهم وبلداتهم، وما زالوا يهيمون على وجوههم بعد أن منعهم الحرس التركي من العبور باتجاه الداخل التركي، والقسم الآخر اختار البادية، جنوبي الجبل، هرباً من قصف الطيران الدولي.
وتقدّر المصادر أن هناك أكثر من 40 ألف مدني من بلدة تل حميس والقرى التابعة لها، تعرضوا للمصير ذاته عقب سيطرة "وحدات الحماية الكردية" عليها قبل شهرين.
اقرأ أيضاً: نزاعات "الغرفة" الداخلية تؤخر السيطرة على حلب