كشف انخفاض أسعار النفط عالمياً عن اختلالات كبيرة في تسعير المشتقات النفطية في الأردن، إذ أظهر رصد لـ"العربي الجديد" أن قيمة الضريبة المحتسبة تعادل ضعف قيمة الوقود نفسه في بعض الأصناف، ما يجعل الأسعار محتفظة بمستوياتها المرتفعة رغم تهاويها في الأشهر الأخيرة في السوق الدولية.
ويبلغ سعر صفيحة البنزين "أوكتان 90" لشهر مايو/ أيار الجاري نحو 15.5 دولاراً، منها 10.5 دولارات ضريبة ونحو 5 دولارات سعر الصفيحة (20 لتراً) قبل الضريبة، فيما يقدر سعر صفيحة بنزين "أوكتان 95" بنحو 21.7 دولاراً، منها 16.21 دولاراً ضريبة. ويبلغ سعر صفيحة السولار 11.14 دولاراً، منها 4.65 دولارات ضريبة.
وقامت الحكومة بفرض ضريبة مقطوعة على المشتقات النفطية منذ العام الماضي 2019، بعد أن كانت مفروضة كنسبة من السعر النهائي لكل صنف، وذلك بغية المحافظة على إيرادات الخزينة التي كانت تنخفض تبعاً لانخفاض أسعار النفط.
وبموجب القرار، تم فرض ضريبة على بنزين "وكتان 90" بمقدار 37 قرشاً للتر (الدينار يحوي 100 قرش)، وفرض 57.5 قرشاً على لتر البنزين "اوكتان 95" ونحو 70 قرشاً على البنزين "اوكتان 98". كما تم فرض ضريبة على السولار بمقدار 16.5 قرشاً للتر وضرائب أخرى على باقي المشتقات.
وخفضت الحكومة أسعار المشتقات النفطية بنسبة وصلت إلى 15 في المائة بالنسبة لبعض الأصناف، اعتباراً من بداية الشهر الجاري بموجب التسعير الشهري.
لكن مواطنين يؤكدون أنهم لم يلمسوا أثر انهيار أسعار النفط العالمية على مستويات بيع المشتقات في السوق المحلية، الأمر الذي دعا لجنة الطاقة والثروة المعدنية في مجلس النواب إلى إعلان عدم قناعتها بمعادلة التسعير لجميع المشتقات النفطية.
وقال عضو لجنة الطاقة، موسى هنطش لـ"العربي الجديد" إن ملف تسعيرة المشتقات النفطية غير مقنع على الإطلاق، مشيراً إلى أن الفجوة بين السعر الحقيقي لكل صنف والضريبة المفروضة عليه اتسعت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، بسبب انخفاض أسعار النفط الخام والمشتقات، بينما نسبة الضريبة مرتفعة قياساً إلى سعر المنتج.
وأضاف هنطش أن المواطن يتحمّل عبئاً كبيراً، بسبب ارتفاع الضريبة، وبالتالي فإن استفادته من انخفاض أسعار النفط العالمية محدودة جداً وتكاد لا تذكر، مؤكداً أهمية تخفيض الحكومة هذه الأعباء من خلال إعادة النظر في الضريبة، بحيث لا يصح أن تتجاوز سعر المنتج، فبعض الأصناف مفروض عليها ضريبة أكبر بكثير من قيمة صنف الوقود.
وأشار إلى أن القطاع الخاص يتحمل أعباء كبيرة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وحجم الضرائب المفروضة عليها ما يضعف تنافسية المنتجات المحلية التي تواجه صعوبات بالأساس.
وقال إن ملف تسعيرة المشتقات النفطية يجب أن يتصدر أولويات عمل الحكومة في المرحلة المقبلة، بحيث تعالج الاختلالات القائمة واعتماد آلية واضحة ومنطقية لفرض ضريبة على المشتقات، مضيفاً: "مجلس النواب حالياً في حالة عدم انعقاد بسبب جائحة فيروس كورونا، لكن نأمل أن يعود المجلس للانعقاد قريباً، وسنبذل كل جهد لمعالجة تلك الاختلالات والتصدي للضرائب الخيالية على المحروقات".
ويستورد الأردن كامل احتياجاته النفطية من الخارج بالأسعار العالمية من السعودية وحوالي 10 آلاف برميل نفط خام من العراق يومياً.
ولم تسفر الاستكشافات النفطية التي تمت في الأردن منذ عقود عن مؤشرات إيجابية لوجود النفط بكميات تجارية، فيما تزال المساعي قائمة لإقامة مشاريع للاستفادة من الصخر الزيتي.
وقال الخبير في قطاع الطاقة عامر الشوبكي لـ"العربي الجديد" إن أسعار المحروقات في الأردن أعلى من الدول الأخرى، ومجمل العوائد التي تجنيها الحكومة الأردنية من الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية والكهرباء تتجاوز ما تجنيه الدول النفطية ذاتها وبشكل كبير.
وأضاف الشوبكي أن فرض ضريبة مقطوعة على المشتقات النفطية أوجد اختلالات سعرية، حيث لا يعقل أن تتجاوز قيمة الضريبة أسعار العديد من الأصناف، ما يحمّل المواطن والاقتصاد بشكل عام أعباءً كبيرة تضعف فرص النمو.
وتأتي الانتقادات للضرائب المرتفعة على الوقود، في الوقت الذي تزايدت فيه شكاوى المواطنين في الأشهر الأخيرة من ارتفاع كبير طاول أسعار الكهرباء وصلت إلى نحو 100 في المائة، فيما بررت شركة الكهرباء الزيادة بارتفاع الاستهلاك بسبب برودة الطقس وقضاء العائلات وقتاً أطول في المنازل بسبب العطل الرسمية.
وطبقت الحكومة منذ عام 2018 إجراءات لزيادة عائداتها المالية، منها توسيع قاعدة الخاضعين لضريبة الدخل وإلغاء دعم الخبز وزيادة أسعار الوقود والكهرباء، بناء على اتفاق مع صندوق النقد الدولي في 2016 للحصول على قرض بقيمة 723 مليون دولار. وعاد الأردن ووقع اتفاقاً جديداً مع الصندوق لاقتراض 1.3 مليار دولار، على 4 سنوات، وسط مخاوف في الشارع من موجة غلاء جديدة، مع بدء تطبيق البرنامج الاقتصادي الجديد.