أثار دخول كميات جديدة من العملة المحلية إلى الأسواق الليبية عبر المصارف التجارية، قلق خبراء اقتصاد ومال، حذروا من تداعيات هذا الإجراء على استقرار الدينار وارتفاع معدلات التضخم.
ويرى محللون أن زيادة المعروض النقدي من شأنها أن تؤدي إلى تراجع في قيمة العملة، مما قد يتسبب في رفع تكاليف المعيشة ويزيد الأعباء الاقتصادية على المواطنين.
وتأتي هذه المخاوف في وقت يعاني فيه الاقتصاد من تبعات تضخم مرتفع وانخفاض في القوة الشرائية، ما يضع المصرف المركزي أمام تحدٍ في إدارة السياسة النقدية وتخفيف تداعياتها على حياة المواطنين.
وفي إبريل/نيسان الماضي، أعلن مصرف ليبيا المركزي عن طباعة أوراق نقدية جديدة من فئة 10 دنانير بقيمة 5 مليارات دينار، جرى إدخالها إلى الأسواق مع مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. وفي هذا السياق، أشار الخبير المالي عبد الحكيم عامر غيث، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن هذه الخطوة جاءت بالتزامن مع إلغاء الورقة النقدية من فئة 50 ديناراً، التي تقدر قيمتها بحوالي 13 مليار دينار موزعة بين الشرق والغرب. وأوضح غيث أن ورقة الخمسين ديناراً ستظل في التداول حتى نهاية العام الحالي، مع منح فترة تمديد لتصريفها، مضيفاً أن هذا الإجراء يضع الاقتصاد في مواجهة مباشرة مع تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالسيولة.
من جانبه، أوضح مدير مركز أويا للدراسات الاقتصادية، أحمد أبوالسين، أن ضخ نقود جديدة يعني إدخال كمية إضافية من العملة إلى النظام المالي، ما يزيد من المعروض النقدي في الاقتصاد. وأكد لـ"العربي الجديد" أن هذه الزيادة غالباً ما تؤدي إلى التضخم، حيث تزداد كمية النقود المتاحة مقارنة بالسلع والخدمات، مما يرفع الطلب ويرفع معه الأسعار، ويُضعف قيمة العملة الشرائية إذا لم يقابله نمو اقتصادي حقيقي.
وفي نفس السياق، حذر المحلل الاقتصادي حسين البوعيشي، من تأثير هذا الضخ النقدي، مشيراً إلى أن زيادة المعروض قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وزيادة تكاليف المعيشة.
طباعة مزيد من النقود
وأشار إلى أن طباعة مزيد من النقود دون زيادة موازية في الإنتاجية قد تتسبب في تفاقم الأزمة المالية بشكل سريع.
أما الخبير الاقتصادي محمد أبوسنينة، فأكد أن معالجة أزمة السيولة لا يمكن تحقيقها عبر طباعة المزيد من النقود فقط، بل تتطلب خطوات جذرية لإعادة تنظيم دورة الأموال وتعزيز الثقة في النظام المصرفي.
وأوضح أن ضخ المزيد من النقود سيكون غير فعّال ما لم يتم الحد من سحبها بسرعة من المصارف وتداولها خارج النظام المصرفي. وشدد على أهمية تحفيز المواطنين على إعادة مدخراتهم إلى المصارف وتوسيع استخدام الصيرفة الإلكترونية، إضافة إلى تنفيذ برامج الشمول المالي، لتحسين إدارة السيولة وتقليل الاعتماد على النقد الورقي.
وبلغت العملة المتداولة خارج القطاع المصرفي حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري 44.4 مليار دينار، "باستثناء العملة المطبوعة في روسيا"، واختار ليبيون كثر الاحتفاظ بأموالهم في المنازل بدلاً من إيداعها في المصارف، بسبب سنوات من تراجع الثقة في قدرة البنوك على توفير السيولة النقدية، فضلاً عن أن العملة خارج القطاع المصرفي تبلغ ثمانية أضعاف معدلاتها الطبيعية.