تعيش شركة النفط الجزائرية "سوناطراك" حالة نزيف حادة وغير مسبوقة لكوادرها الذين شدوا الرحال نحو شركات نفطية متعددة الجنسيات ناشطة في الجزائر والخارج، بعد عجز الشركة ولطيلة أكثر من 10 سنوات عن رفع أجور العمال.
وحسب معلومات تحصلت عليها "العربي الجديد" من مصدر في إدارة الشركة فإن قرابة 4 آلاف عامل ما بين تقنيين وعمال "ماكينات" وفنيين غادروا سوناطراك إلى شركتي "توتال" الفرنسية و"ستات أويل" النرويجية الناشطتين في الجنوب الجزائري.
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن نحو 1200 عامل فضلوا الشركات الأميركية "هاليبرتون" و"ويذر فورد"، في حين فضل الباقون المغادرة خارج الجزائر للعمل في الخليج العربي والهجرة إلى كندا.
وفي ظرف 3 سنوات فقط، غادر قرابة 10 آلاف عامل "سوناطراك" بسبب العروض المغرية التي تصلهم من شركات أجنبية أخرى، حسبما كشف عنه المدير العام لشركة سوناطراك، عبد المؤمن ولد قدور، والذي أكد مطلع الأسبوع الحالي أن "الشركة غير قادرة على مواجهة النزيف الكبير في إطاراتها (كوادرها)".
وقال ولد قدور: "لا يوجد حل للحفاظ على إطارات وكوادر الشركة في مواجهة الشركات الأجنبية" في إشارة إلى الإغراءات والأجور التي تمنحها لهم تلك الشركات، مضيفاً: "ليست لدينا القدرة ولا الإمكانات للحفاظ عليهم"، في إشارة إلى عدم قدرة سوناطراك على دفع أجور لعمالها تكون في مستوى الأجور التي تمنحها الشركات الأجنبية العاملة في قطاع المحروقات.
ولا تعد هذه الهجرة الجماعية حالة نادرة ولا "سحابة صيف" داخل أكبر شركة نفطية في أفريقيا، فالظاهرة تعود لأكثر من عشر سنوات، وبالضبط إلى ما يعرف بأزمة "صيف 2004" التي شهدت دخول عمال حقل "حاسي مسعود" أكبر حقول النفط في الجزائر، في إضراب مفتوح للمطالبة برفع الأجور، وهو المطلب الذي ظل دون إجابة إلى يومنا هذا.
وتبدو الشركة باعتراف كبار مسؤوليها عاجزة عن تلبية الرغبات المالية لعمالها، ما ينبئ بتواصل نزيف الكوادر الذين كلفوا "سوناطراك" أموالا كبيرة لتدريبهم ورفع كفاءتهم.
وحسب المدير التنفيذي للمالية بالشركة محمد جروبي فإن "سوناطراك تنشط في سوق مفتوحة، وبالتالي فإن الإطارات تعتبر عملة يكثر الطلب عليها وتباع وتشترى، وليست سوناطراك وحدها من يعيش هذه الحالة من الحراك العمالي".
اقــرأ أيضاً
وأضاف نفس المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "الشركة لا يمكنها في الظروف المالية الحالية التي تعيشها بالنظر لتطورات السوق النفطية في السنوات الأخيرة، أن تضمن أجورا كتلك الأجور التي توفرها الشركات الأجنبية، لكن يمكن أن تقدم لعمالها تطلعات إيجابية فيما يتعلق بالتدرج في المناصب داخل الشركة".
كما أضاف جروبي أن "إدارة سوناطراك وضعت "سياسة وفاء" مبنية على ضمان التدرج في المناصب وبالتالي رفع الأجور بالموازاة مع تقلد مهام جديدة".
وشهدت الإيرادات المالية لسوناطراك انخفاضاً حاداً في ظل التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية منذ منتصف عام 2014 من 115 دولارا إلى أقل من 30 دولاراً قبل أن ترتفع خلال الفترة الأخيرة لتتجه صوب 80 دولاراً.
وحسب وثيقة اطلعت عليها "العربي الجديد"، فإن رواتب عمال سوناطراك في حقول النفط تبدأ من 90 ألف دينار (782 دولارا) شهريا لعاملي الماكينات وسائقي الشاحنات والسيارات، وتصل إلى 500 ألف دينار (4347 دولارا) لمسير حقل أو مدير فرعي، في حين أن شركات مثل "توتال" الفرنسية تقدم راتبا يقدر بـ 150 ألف دينار (1304 دولارات) لعامل الماكينات والسائقين، وتصل إلى 700 ألف دينار (6000 دولار) لمسير حقل أو ورشة لاستخراج النفط.
ومن جانبه، أكد المدير العام الأسبق لشركة سوناطراك، عبد المجيد عطار، في حديثه مع "العربي الجديد" أن "عدة عوامل تقف وراء نزيف الإطارات الذي تعاني منه الشركة النفطية الجزائرية منها تفشي فضائح الفساد داخل المؤسسة، بالإضافة إلى إعلان الشركة في كل مرة عن استثمارات جديدة بقيمة تفوق أحيانا 10 مليارات دولار، بل تعدى ذلك بكثير حيث وضعت سوناطراك خطة لتوسيع نشاطها بفاتورة تفوق 70 مليار دولار، في السنوات الخمس القادمة، وبالتالي من الطبيعي أن يطالب العمال برفع الأجور أو المغادرة لشركة نفطية أخرى".
ووصف عطار "اعتراف عبد المؤمن ولد قدور (المدير العام للشركة)، بأن سوناطراك غير قادرة على مواجهة النزيف الكبير في إطاراتها، بـ"كارثة" حقيقية يجب معالجتها قبل فوات الأوان".
اقــرأ أيضاً
ويعتقد المدير العام الأسبق لشركة سوناطراك أن "أكبر تحد يقع على عاتق ولد قدور، يكمن في كيفية إعادة الثقة للإطارات الجزائرية بالشركة التي يعملون بها، خصوصا أن مجمع الطاقة عانى من عدة صدمات في السنوات الأخيرة بدأت بفضائح الفساد في عهد وزير الطاقة شكيب خليل، ومروراً بتراجع أسعار النفط في السوق الدولية، إضافة إلى معضلة تجديد عقود النفط والغاز طويلة ومتوسطة المدى التي ستنتهي آجالها قريبا".
وكان سجل سوناطراك قد تلوث بفضائح مالية تفجرت عام 2010 وكشفت حجم الفساد الذي شاب صفقات توسع المجموعة، خاصة صفقات أنابيب الغاز الموجهة لتزويد أوروبا، إذ أُدينت في الموضوع شركات ألمانية وإيطالية.
وقد اتُهم في ما يعرف إعلاميا بقضيتي "سوناطراك 1" و"سوناطراك 2" مديرون سابقون للمجموعة ومسؤولون كبار، فضلا عن وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل الذي يتابع في القضاء الإيطالي بتهمة تلقي رشى تفوق 200 مليون دولار لمنح صفقات لشركة "إيني" الايطالية.
وسرعان ما تحولت القضيتان إلى ملف سياسي، حيث تتهم أطراف مؤيدة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، جهاز "دائرة أمن الاستعلام" سابقا بتلفيق التهم لوزير الطاقة الأسبق شكيب خليل للضغط على بوتفليقة كونه أحد مقربيه.
وتعد سوناطراك من أكبر الشركات النفطية في المنطقة لامتلاكها إمكانات هائلة، وتحوز الشركة النفطية العملاقة على أسطول بحري يسمح لها بتصدير النفط والغاز لزبائنها، متكون من 4 سفن لنقل النفط، أولها "الرار" وناقل للغاز النفطي السائل، والناقلتان "رقان" و"جانت"، وآخر السفن التي اقتنتها سوناطراك هي سفينة "المصدر".
وتسعى الحكومة إلى تطوير الشركة بهدف زيادة إيراداتها المالية للمساهمة في الحد من الأزمة المالية الخانقة التي تواجهها البلاد.
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن نحو 1200 عامل فضلوا الشركات الأميركية "هاليبرتون" و"ويذر فورد"، في حين فضل الباقون المغادرة خارج الجزائر للعمل في الخليج العربي والهجرة إلى كندا.
وفي ظرف 3 سنوات فقط، غادر قرابة 10 آلاف عامل "سوناطراك" بسبب العروض المغرية التي تصلهم من شركات أجنبية أخرى، حسبما كشف عنه المدير العام لشركة سوناطراك، عبد المؤمن ولد قدور، والذي أكد مطلع الأسبوع الحالي أن "الشركة غير قادرة على مواجهة النزيف الكبير في إطاراتها (كوادرها)".
وقال ولد قدور: "لا يوجد حل للحفاظ على إطارات وكوادر الشركة في مواجهة الشركات الأجنبية" في إشارة إلى الإغراءات والأجور التي تمنحها لهم تلك الشركات، مضيفاً: "ليست لدينا القدرة ولا الإمكانات للحفاظ عليهم"، في إشارة إلى عدم قدرة سوناطراك على دفع أجور لعمالها تكون في مستوى الأجور التي تمنحها الشركات الأجنبية العاملة في قطاع المحروقات.
ولا تعد هذه الهجرة الجماعية حالة نادرة ولا "سحابة صيف" داخل أكبر شركة نفطية في أفريقيا، فالظاهرة تعود لأكثر من عشر سنوات، وبالضبط إلى ما يعرف بأزمة "صيف 2004" التي شهدت دخول عمال حقل "حاسي مسعود" أكبر حقول النفط في الجزائر، في إضراب مفتوح للمطالبة برفع الأجور، وهو المطلب الذي ظل دون إجابة إلى يومنا هذا.
وتبدو الشركة باعتراف كبار مسؤوليها عاجزة عن تلبية الرغبات المالية لعمالها، ما ينبئ بتواصل نزيف الكوادر الذين كلفوا "سوناطراك" أموالا كبيرة لتدريبهم ورفع كفاءتهم.
وحسب المدير التنفيذي للمالية بالشركة محمد جروبي فإن "سوناطراك تنشط في سوق مفتوحة، وبالتالي فإن الإطارات تعتبر عملة يكثر الطلب عليها وتباع وتشترى، وليست سوناطراك وحدها من يعيش هذه الحالة من الحراك العمالي".
وأضاف نفس المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "الشركة لا يمكنها في الظروف المالية الحالية التي تعيشها بالنظر لتطورات السوق النفطية في السنوات الأخيرة، أن تضمن أجورا كتلك الأجور التي توفرها الشركات الأجنبية، لكن يمكن أن تقدم لعمالها تطلعات إيجابية فيما يتعلق بالتدرج في المناصب داخل الشركة".
كما أضاف جروبي أن "إدارة سوناطراك وضعت "سياسة وفاء" مبنية على ضمان التدرج في المناصب وبالتالي رفع الأجور بالموازاة مع تقلد مهام جديدة".
وشهدت الإيرادات المالية لسوناطراك انخفاضاً حاداً في ظل التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية منذ منتصف عام 2014 من 115 دولارا إلى أقل من 30 دولاراً قبل أن ترتفع خلال الفترة الأخيرة لتتجه صوب 80 دولاراً.
وحسب وثيقة اطلعت عليها "العربي الجديد"، فإن رواتب عمال سوناطراك في حقول النفط تبدأ من 90 ألف دينار (782 دولارا) شهريا لعاملي الماكينات وسائقي الشاحنات والسيارات، وتصل إلى 500 ألف دينار (4347 دولارا) لمسير حقل أو مدير فرعي، في حين أن شركات مثل "توتال" الفرنسية تقدم راتبا يقدر بـ 150 ألف دينار (1304 دولارات) لعامل الماكينات والسائقين، وتصل إلى 700 ألف دينار (6000 دولار) لمسير حقل أو ورشة لاستخراج النفط.
ومن جانبه، أكد المدير العام الأسبق لشركة سوناطراك، عبد المجيد عطار، في حديثه مع "العربي الجديد" أن "عدة عوامل تقف وراء نزيف الإطارات الذي تعاني منه الشركة النفطية الجزائرية منها تفشي فضائح الفساد داخل المؤسسة، بالإضافة إلى إعلان الشركة في كل مرة عن استثمارات جديدة بقيمة تفوق أحيانا 10 مليارات دولار، بل تعدى ذلك بكثير حيث وضعت سوناطراك خطة لتوسيع نشاطها بفاتورة تفوق 70 مليار دولار، في السنوات الخمس القادمة، وبالتالي من الطبيعي أن يطالب العمال برفع الأجور أو المغادرة لشركة نفطية أخرى".
ووصف عطار "اعتراف عبد المؤمن ولد قدور (المدير العام للشركة)، بأن سوناطراك غير قادرة على مواجهة النزيف الكبير في إطاراتها، بـ"كارثة" حقيقية يجب معالجتها قبل فوات الأوان".
ويعتقد المدير العام الأسبق لشركة سوناطراك أن "أكبر تحد يقع على عاتق ولد قدور، يكمن في كيفية إعادة الثقة للإطارات الجزائرية بالشركة التي يعملون بها، خصوصا أن مجمع الطاقة عانى من عدة صدمات في السنوات الأخيرة بدأت بفضائح الفساد في عهد وزير الطاقة شكيب خليل، ومروراً بتراجع أسعار النفط في السوق الدولية، إضافة إلى معضلة تجديد عقود النفط والغاز طويلة ومتوسطة المدى التي ستنتهي آجالها قريبا".
وكان سجل سوناطراك قد تلوث بفضائح مالية تفجرت عام 2010 وكشفت حجم الفساد الذي شاب صفقات توسع المجموعة، خاصة صفقات أنابيب الغاز الموجهة لتزويد أوروبا، إذ أُدينت في الموضوع شركات ألمانية وإيطالية.
وقد اتُهم في ما يعرف إعلاميا بقضيتي "سوناطراك 1" و"سوناطراك 2" مديرون سابقون للمجموعة ومسؤولون كبار، فضلا عن وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل الذي يتابع في القضاء الإيطالي بتهمة تلقي رشى تفوق 200 مليون دولار لمنح صفقات لشركة "إيني" الايطالية.
وسرعان ما تحولت القضيتان إلى ملف سياسي، حيث تتهم أطراف مؤيدة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، جهاز "دائرة أمن الاستعلام" سابقا بتلفيق التهم لوزير الطاقة الأسبق شكيب خليل للضغط على بوتفليقة كونه أحد مقربيه.
وتعد سوناطراك من أكبر الشركات النفطية في المنطقة لامتلاكها إمكانات هائلة، وتحوز الشركة النفطية العملاقة على أسطول بحري يسمح لها بتصدير النفط والغاز لزبائنها، متكون من 4 سفن لنقل النفط، أولها "الرار" وناقل للغاز النفطي السائل، والناقلتان "رقان" و"جانت"، وآخر السفن التي اقتنتها سوناطراك هي سفينة "المصدر".
وتسعى الحكومة إلى تطوير الشركة بهدف زيادة إيراداتها المالية للمساهمة في الحد من الأزمة المالية الخانقة التي تواجهها البلاد.