الجزائر تواكب سقوط مالك "النهار" أنيس رحماني

14 فبراير 2020
اعتقلته وحدة أمنية جزائرية مساء الأربعاء (تويتر)
+ الخط -


أعلنت قناة "النهار" الجزائرية، صباح يوم الجمعة، أن مالكها محمد مقدم، المعروف بـ أنيس رحماني، أودع السجن المؤقت بتهمة "الفساد"، لافتة إلى أن "هيئة الدفاع تعتزم استئناف أمر الإيداع".

وكان رحماني أحيل إلى قاضي التحقيق في محكمة بئر مراد رايس وسط العاصمة الجزائرية ليل الخميس، للتحقيق معه في تهم استغلال النفوذ، والحصول على امتيازات غير مبررة، ومخالفة حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وتكوين أرصدة مالية في الخارج بلا ترخيص من مجلس الصرف والنقد.

وأشارت الصحافة الجزائرية إلى شكاوى تشهير عدة ضد رحماني. في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، حكم على رحماني وصحافي في مجموعة "النهار" بالسجن ستة أشهر بتهمة "الإهانة والتشهير" بحق الجنرال المتقاعد حسين بن حديد الذي كان يومها في السجن. وقضت محكمة في العاصمة، يوم الإثنين، بأن تدفع قناة "النهار" غرامة للرئيس السابق للوفد الأولمبي الجزائري إلى ألعاب ريو الأولمبية في 2016، عمار براهمية، وأسرته، بعد إدانتها بتهمة "التشهير"، وفق ما نقلته وكالة "فرانس برس".

جاء قرار قاضي التحقيق بإيداع رحماني السجن الاحتياطي بعدما اعتقلت وحدة من الدرك الوطني بالزي المدني، مساء الأربعاء، مدير قناة "النهار"، واقتادته إلى مركز أمني للتحقيق الذي دام 28 ساعة.

تجمع عدد كبير من الصحافيين والناشطين خاصة عند البوابة الرئيسية للمحكمة ليل الخميس، وتهجم بعضهم على أنيس رحماني، بسبب قضايا ومشكلات سببها لهم. وتعمدت السلطات إدخال رحماني من البوابة الرئيسية لوضعه أمام الكاميرات، على غير عادتها مع الموقوفين الذين يُدخلون من البوابة الخلفية الخاصة بمركبات ترحيل السجناء والموقوفين.

وعمدت قنوات منافسة يملكها صحافيون وأفراد على خلاف مع مدير قناة "النهار"، مثل قناة "الحياة" و"الشروق" و"نوميديا" و"بور تي في"، إلى بثّ صور أنيس رحماني وهو داخل عربة الترحيلات ولحظة إنزاله والقيود في يديه. وقالت "الشروق" إن رحماني متهم بـ "مخالفة التشريع الخاص بتحويل الأموال إلى الخارج وتكوين أرصدة مالية في الخارج" و"الحصول على امتيازات غير مستحقة". وخصصت قناة "الحياة" برنامجاً متواصلاً لما اعتبرته الحدث الأبرز، وبثت مقطعاً ظهر فيه صحافي سابق على موقع تابع لـ "النهار" مهاجماً رحماني ومذكراً إياه بطرده وملاحقته.

ولاحظ مراقبون أن طريقة تعامل قنوات منافسة مع توقيف رحماني تشبه كيفية تعاطي الأخير، نهاية عام 2018، مع مجموعة تضم إعلامياً وممثلاً ومغنياً ورياضياً كان على خلاف معهم ودفع السلطة بسبب نفوذه إلى ملاحقتهم قضائياً، وأمعن حينها عبر قناته في تصويرهم وهم مقيدو الأيدي والتشهير بهم.

انتقل رحماني في فترة وجيزة، وبدعم من السلطة وأجهزتها، من صحافي بسيط ومراسل صحف أجنبية، ومناوئ للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في انتخابات عام 2004، إلى مالك ومدير لمجمع إعلامي يضم قناة تلفزيونية وصحيفة ومجموعة مواقع إخبارية، مثلت خلال أكثر من عقد الذراع الإعلامية لنظام بوتفليقة، واستخدمت لمهاجمة المعارضين وتشويههم سياسياً. وكان بين أبرز الصحافيين المقربين من السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، ما سمح للقناة بالحصول بشكل مستمر على الأخبار الحصرية في ما يتعلق بالأحداث والمعلومات الرسمية.

وأشعل توقيف رحماني مواقع التواصل الاجتماعي والشارع في الجزائر، وشبّه بعضهم ليلة سقوطه بسقوط رئيس الحكومة السابق، أحمد أويحيى. وتجمع ناشطون في الحراك في إحدى محطات الميترو، ورددوا هتافات تعبر عن فرحتهم بتوقيفه، كما عبّر عدد كبير من ناشطي الحراك الشعبي على مواقع التواصل الاجتماعي عن سرورهم، بسبب حملات دعائية سابقة قادها رحماني وقناته ضد الحراك وناشطيه، إذ اتهمهم بـ "العمالة" و"التضليل"، ودافع باستماتة عن نظام بوتفليقة.

ويبقي مراقبون هامشاً للاعتقاد أن قضية رحماني لا تخلو من أبعاد سياسية تتوخى من خلالها السلطة إرضاء الحراك الشعبي الذي طالب بملاحقة مدير قناة "النهار" وإقفالها، فضلاً عن مهاجمة القناة عام 2017 الرئيس الحالي، عبد المجيد تبون، عندما كان رئيساً للحكومة واتهامه بالسفر إلى مولدافيا لـ "السياحة الجنسية"، ما مثل إساءة أخلاقية بالنسبة إليه حينها، كما تجددت أزمة "النهار" مع تبون في بداية الحملة الانتخابية للرئاسيات الأخيرة، بعدما اتهمته بتمويل حملته الانتخابية من قبل شخصية كبيرة في توريد خمور في الجزائر.