وهتف المتظاهرون لحظة خروجهم من مسجد الرحمة، وسط العاصمة، بشعار "باعوها الخونة باعوها"، في إشارة إلى رهن السيادة الوطنية لدى القوى العظمى.
ولا صوت علا على صوت الاستقلال السياسي في مظاهرات الجمعة 36 من الحراك، والتي تأتي قبل أسبوع من احتفالات ذكرى ثورة التحرير، بعدما استشعر الجزائريون، بحسب ما قال بعض المتظاهرين، "وخزا مؤلما في الكرامة وانتقاصا من السيادة الوطنية" على خلفية حادثة سوتشي.
وترددت شعارات "اليد في اليد ونجيبو (نحقق) الاستقلال"، و"باعها (البلد) الخونة وجيبوها يا أولاد (يا شباب)"، أكثر من كل الشعارات السياسية الأخرى في مظاهرات الجمعة التي صبت قدرا غير يسير من الغضب الشعبي والهتافات والشعارات ضد بن صالح، بعد ما اعتبر "فضيحة دبلوماسية في سوتشي الروسية ".
وهتف المتظاهرون "يا بن صالح يا جبان، هذا الشعب لا يهان"، و"بن صالح خاين راح (ذهب) يشكي لبوتين"، كما رفعت صور له عليها علامة حمراء، ولافتات تطالب بضرورة رحيله ضمن مجموع رموز النظام السابق.
وكان بن صالح قد التقى الخميس بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على هامش قمة سوتشي الروسية الأفريقية، ونقل له تقريرا عن الأوضاع السياسية في الجزائر، ووصف الجزائريين الذين يخرجون كل جمعة وثلاثاء بـ"المجموعات الصغيرة"، واتهم الإعلام بتضخيم الأحداث في الجزائر، وهو ما خلف غضبا سياسيا وشعبيا كبيرا في الجزائر.
واعتبر الناشط السياسي البارز نور الدين خندودي أن "تصريحات بن صالح، وإضافة إلى أنه مسؤول يفتقد إلى كل شرعية سياسية وشعبية، فإنه حمّل الحراك الشعبي مسؤولية استمرار الأزمة، بينما استمرار الأزمة هو في بقاء بن صالح في حد ذاته، وحكومة نور الدين بدوي، ورفض السلطة إقامة حوار جدي مع المجتمع السياسي والمدني لحل الأزمة"، مضيفا أن "ما قام به بن صالح مثل وخزا مؤلما لكرامة الجزائريين، لا يضاهيها في الوخز سوى محاولة بوتفليقة الترشح لولاية رئاسية خامسة وهو غائب عن الوعي، والحراك رد عليه اليوم بوضوح بأن الشعب الجزائري حر ولا يهان".
وعززت هذه التطورات موقف الحراك الشعبي وشرعية مطالبه في ضرورة رحيل النظام ورموزه السياسية، ورفض الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها في 12 ديسمبر/ كانون الأول القادم.
واستمر المتظاهرون في رفع شعار "لا انتخابات مع حكومة العصابات"، و"هذا العام لا توجد انتخابات والله ما نديروا ( لن نصوت)، ولن نتوقف (عن التظاهر)"، ما يدفع إلى التساؤل عن المآلات التي سينتهي إليها المسار الانتخابي على ضوء هذه المواقف، خاصة مع قرب موعد بدء الحملة الانتخابية منتصف الشهر المقبل، ما قد يخلق توترات بين الرافضين للانتخابات وأنصار المرشحين.
وفي السياق نفسه، تصاعدت الانتقادات والمواقف الشعبية المناوئة لقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، ورفعت لافتات تندد بمحاولة هيمنة المؤسسة العسكرية على مسار الحل السياسي، كشعار "دولة مدنية وليس عسكرية"، و"الشعب تعب من الجنرلات".
وخلال الأسابيع الأخيرة من الحراك الشعبي، باتت المسيرة الشعبية، التي تنطلق من حي باب الواد الشعبي، المعقل السابق للإسلامين، والمعروف بمواقفه المناوئة للسلطة، الأبرز، حيث تجر معها باقي تجمعات المتظاهرين عبر شوارع الجيب الغربي للعاصمة، وصولا إلى وسطها.
وكان لافتا في مظاهرات اليوم الجمعة تجدد الدعوات للتعبئة والحشد، استعدادا لمظاهرات الجمعة المقبل، والتي تتصادف مع ذكرى عيد ثورة التحرير (أول نوفمبر/ تشرين الثاني 1954).
وهتف المتظاهرون "أول نوفمبر قادم"، في إشارة إلى الاستعداد لمظاهرات مليونية يتم التحضير لها.
ولم تشهد مسيرات الجمعة الـ36 أية مصادمات بين المتظاهرين وقوات الشرطة التي انتشرت وسط العاصمة وقرب الساحات التي تجري فيها المظاهرات، فيما استمرت السلطات الجزائرية في أحكام مراقبة مداخل العاصمة، خاصة المدخل الشرقي، لكونه المدخل الذي يصلها بولايات منطقة القبائل، وهي الولايات التي تسعى الأجهزة الأمنية، وبقرار من قائد الجيش، لمنع وصول متظاهرين منها إلى العاصمة.
وإضافة إلى العاصمة، خرج متظاهرون في مسيرات حاشدة في ولايات البويرة وبجاية وتيزي وزو وعنابة وقسنطينة ووهران، رفضا للمسار الانتخابي المفروض في ظل بقاء رموز نظام بوتفليقة، والمطالبة بالإفراج الفوري عن عشرات الناشطين الموقوفين في السجون، بسبب مواقفهم السياسية المعارضة أو لمشاركتهم في مظاهرات الحراك الشعبي.