كشفت آخر الأرقام الرسمية عن تبخر جزء كبير من احتياطي النقد الأجنبي للجزائر بفعل أزمة تراجع الإيرادات في ظل انخفاض أسعار النفط.
وبحسب إحصاءات البنك المركزي، فقدت الجزائر نحو نصف احتياطاتها خلال السنوات الخمس الماضية إذ بلغ نحو 194.01 مليار دولار عام 2013 لينخفض إلى نحو 97.3 مليار دولار نهاية العام الماضي.
وتوقع وزير المالية عبد الرحمن راوية، تواصل تأكل احتياطات النقد الأجنبي لتصل إلى 85.2 مليار دولار في نهاية 2018، ثم 79.7 مليار دولار بنهاية 2019، على أن تبلغ 76.2 مليار دولار خلال عام 2020.
ورغم هذه الأرقام الخطرة، تحرص الحكومة في كل مرة على "التفاؤل"، حيث تتوقع أن يرتفع احتياطي العملة بعد سنة 2020 نتيجة زيادة أسعار النفط، التي تشكل 96% من مداخيل البلاد والمصدر الأساسي لاحتياطي البلاد من النقد، حسب تقارير رسمية.
إلى ذلك، يستغرب الخبير المالي فرحات علي في حديثه لـ"العربي الجديد" من التفاؤل الحكومي، قائلاً: "على أي أساس تبني الحكومة توقعاتها وترفع في كل مرة من السقف المرتقب للاحتياطي؟".
وأضاف أن "الاحتياطي يعيش ضغطا كبيرا خلفه ضعف نسبة مردودية الجزء الموظف كسندات في الخزانة الأميركية وسندات سيادية في أوروبا، يضاف إليها تقلبات أسعار الصرف بعد تدهور الدينار الجزائري وكل هذا مع استمرار انهيار عائدات النفط التي تُشكل 96% من مداخيل البلاد".
وخلال 8 أشهر، خسر الاحتياطي الجزائري قرابة 15 مليار دولار، بعدما هوى من 112 مليار دولار في إبريل/ نيسان 2017 إلى 97.3 مليار دولار نهاية 2017، وبذلك ينخفض الاحتياطي دون عتبة 100 مليار دولار لأول مرة منذ 2004.
من جانبه، يرى وزير المالية السابق عبدالرحمن بن خالفة أن "تراجع احتياطي البلاد تحت 90 مليار دولار بات أمرا قريبا ولا يجب استبعاده، ما سيؤثر مباشرة في الاقتصاد بمستويات متفاوتة".
وأشار إلى تضرر التجارة الخارجية، إذ اضطرت الجزائر لتقليص فاتورة الواردات التي كانت تكلف خزينة الدولة 60 مليار دولار سنويا، كما يتطلب الأمر ضخ أموال سنويا في الخزينة العمومية لتغطية العجز التجاري الخارجي، مؤكداً على تأثر سوق الصرف عاجلا أيضا بسبب نقص السيولة من العملة الأجنبية جراء شد الحكومة للحزام ونقص الاحتياطي الذي سيؤثر في قيمة العملة الوطنية.
وبدأت المخاوف تتزايد من عجز الجزائر عن تأمين حاجياتها المستوردة، في ظل عجزها على الانتقال من اقتصاد "ريعي" إلى اقتصاد "منتج".
وفي هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي فارس مسدور لـ"العربي الجديد" إن "الاحتياطي الأجنبي بحجمه الحالي لا يغطي سوى 12 شهراً من الواردات، وبعميلة حسابية نجد أن الجزائر مضطرة لسحب 30 مليار دولار لسد العجز الذي تسجله الخزينة العمومية، يضاف إليها 47 مليار دولار معدل ما تستورده الجزائر سنويا".
التآكل السريع لاحتياطي الجزائر من العملة الصعبة أثر أيضا على التصنيف الائتماني للبلاد، لأن الاحتياطي يبقى مقياسا مهما في هذا الصدد، حسب الخبير المالي سيد أحمد مقدم الذي قال لـ"العربي الجديد" إن "الجزائر تراجعت كثيرا في التصنيف الائتماني العالمي، بعد انهيار احتياطاتها من العملة الصعبة.
وأخيراً، يقول مقدم، قلصت "وكالة ضمان تأمين الصادرات" الفرنسية "كوفاس"، التصنيف الائتماني للبلاد من "أيه 4+" إلى "أيه 4-"، وقبلها خفّضت وكالة "يولير هيرمس" الدولية، تصنيفها للجزائر إلى درجة "سي" على سلم من سبع درجات ينتهي بالفئة "دي".