27 سبتمبر 2024
الجزائر ومقاربات الحل في ليبيا
تعمل الجزائر على طرح مبادرة لحل الأزمة الليبية، متخذة من مبدأ "الوساطة الحيادية" سبيلاً لذلك؛ وكانت قد استضافت أقطاب طرفي الأزمة في ليبيا أخيرا، معبرة عن أملها في إيجاد صيغة اتفاقية تبنى عليها اتفاقات سياسية تكون حلاً للأزمة ككل. وإن كان، من الناحية المنطقية الفعلية التطبيقية، لا يمكن لدولة جارة وحدها، أيا كان وزنها، أن تنجز وساطة فاعلة بدون إشراك بقية دول الجوار من جهة، وارتياح دولي إن لم يكن "توافقيا" من جهة أخرى، ناهيك عن قبول جميع الأطراف الداخلية بها، وإقناعها بجدوى هذه الوساطة. ولتقدير المقاربات الجزائرية في ذلك، نجاحها أو فشلها، لا بد من استقراء الأحداث والتاريخ، ومن ثم الواقع.
لم تنقطع الصلة بين الشعبين، الليبي والجزائري، على المستوى الشعبي، فقد بذلت ليبيا جهوداً كبيرة في مساندة الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، ووقفت معه في الثورة الجزائرية التي اندلعت في 1954. بل شهدت ليبيا اجتماعات ومؤتمرات مصيرية للدولة الجزائرية، لعل أهمها مؤتمرات طرابلس الأول والثاني والثالث للمجلس الوطني للثورة الجزائرية. وبالتالي، للجزائر تَارِيخيا مع ليبيا ما يؤهلها لإجراء محادثاتٍ يمكن أن تكون ثمرة حل دائم في البلاد، غير أن هذا لا يتأتى إلا بمقاربات سياسية حيادية فعَّالة، تجعل من ثورة فبراير أساساً لذلك، وإلا الفشل أقرب من النجاح.
انعقد اجتماع دول جوار ليبيا في الجزائر في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد أن جدّدت الجزائر السلطة فيها في الانتخابات الرئاسية التي انتظمت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي،
وبالتالي غيرت معادلتها السياسية في الأزمة الليبية من الركون إلى التدخل الفعال، فقد نشط أخيرا دورها على المستوى الإقليمي، لفرض وجوده في الأزمة، باعتبار الجزائر إحدى دول الجوار الفاعلة في ليبيا ولا يمكن تخطّيها، ما جعل كثيرين يعتبرون الجزائر تمثل فرصة كبيرة لحل الأزمة الليبية، وهي التي لا تتفق مع دول جوار أخرى تتدخل سلباً في ليبيا.
ولافتٌ للنظر أن اجتماع وزراء خارجية دول الجوار في الجزائر في يناير/ كانون الثاني الماضي جاء بعد مؤتمر برلين مباشرة، وكان بدعوة جزائرية، الأمر الذي يؤكد أن الجزائر تريد مزيدا من الدخول الفعَّال في الأزمة، حيث طرح الوزراء في اجتماعهم تصوراتهم، ودعموا مقاربة الجزائر القائمة على الحلول السلمية والسياسية في الأزمة الليبية، وفقاً لما أعلنته وزارة الخارجية الجزائرية التي قالت إن اللقاء يندرج في إطار الجهود الحثيثة التي يبذلها هذا البلد لتدعيم التنسيق والتشاور بين بلدان الجوار الليبي والفاعلين الدوليين، من أجل الدفع بمسار التسوية السياسية عن طريق الحوار الشامل.
والجزائر تعتبر المجلس الرئاسي في طرابلس السلطة الوحيدة المعترف بها في ليبيا، من منطلق الاعتراف الدولي به؛ وبذلك لا ترى غضاضة في إبرامه الاتفاقيات، من باب تمثيله السيادة الليبية، ما يضفي دعما قويا للاتفاقية المبرمة بين ليبيا وتركيا، من دولة مجاورة لها ثقلها السياسي. وهذا على النقيض من دول جوار أخرى تدعم البرلمان في طبرق فعلياً، وإن ادعت غير ذلك نظرياً. وبذاك يشكل الموقف الجزائري توازنا فعليا يمكن استغلاله والبناء عليه في حلول سياسية في الأزمة تكون الجزائر وحلفاؤها أطرافا فيها.
وقد جدّدت الرئاسة الجزائرية الدعوة أخيرا إلى قيادة مبادرة سياسية لحل الأزمة في ليبيا، معتبرة أن الجزائر أولى من غيرها في حل الأزمة، وتأتي دعوتها هذه بعد نجاحاتٍ عسكرية متتالية لقوات حكومة الوفاق الوطني، ما يعزّز فرض شرعيتها في أي حوار مقبل، كما يمكنها البناء على مزيد من النجاحات العسكرية في البلاد ككل، تزامنا مع مبادرات الحل السياسي، ما يجعل أفق الحل السياسي الجزائري في ليبيا قائما. وإذا ما تطور النهج العسكري، في بعض أحيانه، فلن يكون إلا تدعيما للحوار وتسليما للشرعية في البلاد. وقد برز هذا التوجه في ارتياح جزائري، بحسب التقديرات السياسية لا أكثر، للنجاحات التي حققتها حكومة الوفاق في ليبيا أخيرا.
وقد تساهم مبادرة جزائرية في بلورة رؤية جديدة للحل، يمكن من خلالها تغير الوضع في ليبيا، أو محاولة تجديد رؤى الأطراف الفاعلة في الملف الليبي في حل الأزمة. كما أن مبادرة كهذه يمكن لها أن تشكل دافعاً أساسيا للحد من التدخل السلبي لدول جوار أخرى، إن لم تدعم المقاربة الجزائرية القائمة على الحلول السلمية والسياسية في الأزمة الليبية، على أقل تقدير.
انعقد اجتماع دول جوار ليبيا في الجزائر في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد أن جدّدت الجزائر السلطة فيها في الانتخابات الرئاسية التي انتظمت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي،
ولافتٌ للنظر أن اجتماع وزراء خارجية دول الجوار في الجزائر في يناير/ كانون الثاني الماضي جاء بعد مؤتمر برلين مباشرة، وكان بدعوة جزائرية، الأمر الذي يؤكد أن الجزائر تريد مزيدا من الدخول الفعَّال في الأزمة، حيث طرح الوزراء في اجتماعهم تصوراتهم، ودعموا مقاربة الجزائر القائمة على الحلول السلمية والسياسية في الأزمة الليبية، وفقاً لما أعلنته وزارة الخارجية الجزائرية التي قالت إن اللقاء يندرج في إطار الجهود الحثيثة التي يبذلها هذا البلد لتدعيم التنسيق والتشاور بين بلدان الجوار الليبي والفاعلين الدوليين، من أجل الدفع بمسار التسوية السياسية عن طريق الحوار الشامل.
والجزائر تعتبر المجلس الرئاسي في طرابلس السلطة الوحيدة المعترف بها في ليبيا، من منطلق الاعتراف الدولي به؛ وبذلك لا ترى غضاضة في إبرامه الاتفاقيات، من باب تمثيله السيادة الليبية، ما يضفي دعما قويا للاتفاقية المبرمة بين ليبيا وتركيا، من دولة مجاورة لها ثقلها السياسي. وهذا على النقيض من دول جوار أخرى تدعم البرلمان في طبرق فعلياً، وإن ادعت غير ذلك نظرياً. وبذاك يشكل الموقف الجزائري توازنا فعليا يمكن استغلاله والبناء عليه في حلول سياسية في الأزمة تكون الجزائر وحلفاؤها أطرافا فيها.
وقد جدّدت الرئاسة الجزائرية الدعوة أخيرا إلى قيادة مبادرة سياسية لحل الأزمة في ليبيا، معتبرة أن الجزائر أولى من غيرها في حل الأزمة، وتأتي دعوتها هذه بعد نجاحاتٍ عسكرية متتالية لقوات حكومة الوفاق الوطني، ما يعزّز فرض شرعيتها في أي حوار مقبل، كما يمكنها البناء على مزيد من النجاحات العسكرية في البلاد ككل، تزامنا مع مبادرات الحل السياسي، ما يجعل أفق الحل السياسي الجزائري في ليبيا قائما. وإذا ما تطور النهج العسكري، في بعض أحيانه، فلن يكون إلا تدعيما للحوار وتسليما للشرعية في البلاد. وقد برز هذا التوجه في ارتياح جزائري، بحسب التقديرات السياسية لا أكثر، للنجاحات التي حققتها حكومة الوفاق في ليبيا أخيرا.
وقد تساهم مبادرة جزائرية في بلورة رؤية جديدة للحل، يمكن من خلالها تغير الوضع في ليبيا، أو محاولة تجديد رؤى الأطراف الفاعلة في الملف الليبي في حل الأزمة. كما أن مبادرة كهذه يمكن لها أن تشكل دافعاً أساسيا للحد من التدخل السلبي لدول جوار أخرى، إن لم تدعم المقاربة الجزائرية القائمة على الحلول السلمية والسياسية في الأزمة الليبية، على أقل تقدير.