استعاد الكثير من سكان المدن العالقين في منازلهم متعة الحياة بوتيرة بطيئة نتيجة انتشار فيروس كورونا المستجد، مع التركيز على الدائرة العائلية الضيقة والاسترسال في النوم والحلم والقراءة... والحب.
في سائر أنحاء العالم، أغلقت مدن كثيرة الحانات، والمطاعم، والمدارس، والجامعات، والمدرجات الرياضية، والمتاحف. كذلك اتخذت بلدان عدة بينها إيطاليا، وإسبانيا، وفرنسا، وبلجيكا، تدابير مشددة تشمل إلزام السكان بالتزام الحجر المنزلي ما يفرض على الجميع، حتى الأشخاص الأكثر نشاطاً، إعادة ترتيب أولوياتهم والتركيز على الدائرة العائلية أو تنمية الذات من خلال الأنشطة المنزلية.
ويفتح العزل المنزلي للأشخاص الذين أفلتوا وعائلاتهم من المرض مجالات كثيرة لتمضية الوقت بما يشمل النوم والغوص في عالم الأحلام، إضافة إلى التدريب الرياضي والقراءة.
وفي مدريد، تتصل مونيكا بوالدتها يومياً مستعيدة عادة "كانت مفقودة". وعلى الحدود الفرنسية ــ السويسرية، تغتنم أميرة هذا الوضع الطارئ لتأجيج قصة حبها الجديدة. أما في غافاردو بمنطقة لومبارديا الإيطالية، فتتعلم أليساندرا وعائلتها مجدداً "العيش معا" ولعب الورق. وفي بروكسل، تبدو أنّا سعيدة لإفادتها من إجازة أمومة مطوّلة.
وبالإضافة إلى استعادة الهدوء المفقود في محيط منزل غيميت مع إقفال الشركة الموجودة تحت شقتها الباريسية أبوابها، بدأت هذه الفرنسية أنشطة البستنة مع ابنتها البالغة عشر سنوات إذ زرعتا النعناع وإكليل الجبل على نوافذ الشقة بعدما حصلتا على البذور من منسقة زهور في الجوار.
وتقول غيميت "من باب التحوط، استحصلت على عدد كبير من الألعاب اللوحية... هذه نقطة قوة المتشائمين إذ إننا دائماً متقدمون على الباقين. وقد فوجئت بأني أحب هذا النمط من الحياة البطيئة".
وللحفاظ على رشاقته في شقته المؤلفة من غرفتين، حمّل لورنزو تطبيقاً للرياضة داخل أربعة جدران. ويقول هذا الرجل العازب "كنت أفضل الانعزال مع نصفي الثاني لكن الوحدة أيضاً أمر جيد".
وتشكل فترة الحجر المنزلي فرصة للتقاب بين الأزواج، كما الحال مع الثنائي الأسترالي - الأيرلندي أميرة ومات المقيمين على جانبي الحدود الفرنسية السويسرية، اللذين يعملان في جنيف. وتقول أميرة "اخترنا أن ننعزل في بيتي (عند الجانب الفرنسي من بحيرة ليمان) ونتعرف على بعضنا بصورة أفضل"، مضيفة "نقوم بالطبخ والقراءة والضحك كما نمضي أوقاتا طويلة معا في السرير".
ويلفت يان إلى أن مشاهدة كامل أفلام الممثلة الأميركية الراحلة جينجر روجرز مع صديقته "تتيح التفلت من حالة القلق والغوص في عالم آخر". هذا الموظف في المفوضية الأوروبية في بروكسل يعيد اكتشاف لذة الأشغال اليدوية. ويشير إلى أن إصلاح الدراجة الهوائية أو القطع المنزلية "يمنح شعوراً بالتحكم بالبيئة المباشرة في ظل عدم القدرة على التحكم بالفيروس".
وكانت مونيكا تتدرب يومياً بواقع ثلاث ساعات إلى أربع للمشاركة في سباق "أيرون مان" الثلاثي. وتقول من شقتها البالغة مساحتها 60 متراً مربعاً في العاصمة الإسبانية "في هذا الوضع تدركون قدرة الإنسان على التكيف وقوة التحمل لديه". وهي ترفض الاستسلام وتواصل تمارينها بالاستعانة بكل ما تيسّر أمامها في المنزل، حتى بأوعية المياه كما أنها تركض وتجري على الدراجة داخل قاعة الجلوس. وتقول "كنت أظن أني سأصاب بالجنون من دون رؤية أحد. لكن ندرك كم من الناس يحبوننا ويقلقون علينا، كما أننا ننظم لقاءات عبر الفيديو مع الأصدقاء عبر واتساب".
وتقر كارولينا وهي أيضاً من سكان العاصمة الإسبانية، بأنها أعدت أقنعة تجميل خلال أربعة أيام أكثر مما فعلت طوال حياتها. وتوضح "من خلال أحاديثي مع ابنتي البالغة ثماني سنوات، اكتشفت أمورا كثيرة لم ألاحظها يوما في نمط الحياة اليومية السريع. وللأزواج، من الجيد أيضا إعادة تفعيل التواصل".
(فرانس برس)