في ظلّ زيادة الضغوط النفسية على العائلات التونسية خلال فترة الحجر الصحي، وارتفاع نسبة العنف ضد النساء، استناداً إلى الشكاوى التي يسجلها الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، لم يكن من رئيسة الاتحاد، راضية الجربي، غير الدعوة إلى ضبط النفس خلال فترة الحجر، كونها فترة صعبة على النساء والأزواج والأسر بشكل عام. وبالنسبة إليها، لا يمكن تجاوز هذه المحنة إلا من خلال مشاركة الأعباء وتقاسم الأدوار وخلق أجواء مسلية وألعاب مشتركة في المنزل، وإن كانت عادية وبسيطة كلعب الورق أو الشطرنج.
وتضيف الجربي، لـ"العربي الجديد"، أنه يمكن لمن يفتقد الخروج من البيت ولقاء الأصدقاء خلق القليل من المرح في البيت، مشيرة إلى أنه لا يمكن تجاوز المشاكل التي قد تطرأ بالعنف.
وتضيف الجربي، لـ"العربي الجديد"، أنه يمكن لمن يفتقد الخروج من البيت ولقاء الأصدقاء خلق القليل من المرح في البيت، مشيرة إلى أنه لا يمكن تجاوز المشاكل التي قد تطرأ بالعنف.
وكانت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، أسماء السحيري، قد أعربت مؤخراً عن مخاوفها من ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة خلال فترة الحجر الصحي بعدما بات جميع أفراد الأسرة مجبرين على البقاء في المنزل. أضافت أنّ الحجر تسبب في إثارة مشاكل في ظلّ الضغوط النفسية، والتي قد تتحول في بعض الحالات إلى عنف مادي ولفظي ضد النساء.
وتفيد إحصائيات صادرة عن وزارة المرأة التونسية أنّ نسبة العنف ضدّ النساء تضاعفت بنحو 5 مرات خلال الأسبوع الأول من الحجر الصحي الذي فرضته الحكومة للحد من انتشار فيروس كورونا، بحسب الحالات التي تم الإبلاغ عنها على الخط الساخن المخصص لهؤلاء، خلال الفترة الممتدة ما بين 23 و27 مارس/آذار الماضي، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
واستجابة لهذه التطورات، سارع الاتحاد الوطني للمرأة إلى تأمين استشارات قانونية مجانية للعائلات التي تعاني ضغوطاً ومشاكل من جراء الحجر الصحي. وتؤكد الجربي أنّها تعطي استشارات قانونية مجانية بوصفها محامية للنساء ضحايا العنف، مضيفة أنّ الاتحاد سيعمل على توفير الإحاطة النفسية اللازمة للأسر التونسية خلال فترة الحجر الصحي.
وتوضح الجربي أنّ الهدف هو مساعدة الأسر التونسية، خصوصاً المرأة، حتى لا تؤدي فترة الحجر إلى تداعيات سلبية على العائلات. وتشير إلى أنّ غالبية التونسيين لم يعتادوا الضغط الذي يسببه الحجر الصحي وبقاء الزوجين فترة طويلة في البيت معاً في عطلة غير مخطط لها، ما أدى إلى زيادة الضغوط النفسية على البعض. وتشير إلى أنّ بعض الخلافات لدى العائلات لم تكن بارزة في ظل انشغال الأفراد بالعمل خارج البيت، ما ساهم في نسيانها أو تجاوزها، لكن البقاء في البيت طويلاً أعاد إلى الواجهة بعض المشاكل القديمة إلى السطح.
تلفت الجربي إلى تلقي الاتحاد استفسارات وتساؤلات وأحياناً رغبة في الحديث للتخفيف من الضغوط، مؤكدة أنّ غالبية حالات العنف التي تصل إلى الاتحاد معنوية من تجريح وإهانات. وتوضح أن الضغوط النفسية ساهمت في زيادة حدة المشاكل نتيجة صعوبة تقبّل الحجر الصحي. وتبرز هذه المشاكل خلال الزيجات غير المتماسكة أصلاً. وتؤكدّ الجربي أنّ الاتحاد بادر إلى وضع برامج وأنشطة للأطفال والأسر للتسلية، داعية المتخصصين في علم النفس إلى التدخل والتطوع والقيام باستشارات مجانية للأسر التونسية، حتى لا يتحول الضغط النفسي إلى شجار وعنف مادي، ولا بد من استباق الأحداث والتعاون أكثر.
من جهتها، تقول نائبة رئيسة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حليمة الجويني، لـ"العربي الجديد"، إنّ انشغال السلطة والأمن بمكافحة كورونا جعل غالبية الاهتمام يتركز على هذا الأمر، وتم تناسي مشاكل العنف لدى بعض الأسر، موضحة أنّ نسبة هامة من الرجال لم يعتادوا البقاء طويلاً مع العائلة، عدا عن غياب ثقافة المشاركة في البيت. وبالتالي، يصب هؤلاء جام غضبهم على النساء.
وتلفت إلى أنّ مثل هذه المشاكل برزت إبان الثورة التونسية وخلال حظر التجول الشامل، خصوصاً أن الأزواج يعيشون في مكان واحد. وعندما تغيب لغة الحوار تحل لغة العنف، مبينة أنّ البعض يستغل عدم قدرة النساء على تقديم شكاوى إلى مراكز الأمن، أو التوجه إلى منازل عائلاتهم بسبب الوضع الصحي الطارئ، ما يدفعهم إلى ممارسة العنف لأنّهم يعتقدون أنّهم سيفلتون من أي عقاب.
وتُطالب الجويني بمزيد من التضامن بدءاً من الأسرة نفسها، وتقاسم الأدوار. وكلّما كان أفراد الأسرة متماسكين ويتشاركون الأعباء، يتراجع الضغط على المرأة، وهذه فرصة لتطوير الوعي وتحسين السلوك، ومعرفة الأعباء التي تقوم بها المرأة. بالتالي، يمكن للجميع المشاركة في تقاسم الأعباء والأدوار.