يزداد العراقيون حسرة وهم ينظرون إلى أطلال الأسواق المركزية، التي كانت تقدم سلعاً مدعّمة من الحكومة وتتميز بنايتها بتصميمات عمرانية مميزة. واستولت أحزاب سياسية ومليشيات على ما تبقى من مقرات الأسواق المركزية بعد توقفها عن العمل وتدمير بعضها خلال الاحتلال الأميركي عام 2003.
ورغم مطالب شعبية بإحياء هذه الأسواق، أعلن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء الماضي، أنه جرى مناقشة إعادة هيكلة الشركة العامة للأسواق المركزية، وذلك ضمن جملة ملفات خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدها في اليوم نفسه، ما يعني قتل أي محاولات لإحياء هذه الأسواق، حيث تم دراسة توزيع الموظفين بالشركة وحلها، حسب مصادر حكومية لـ "العربي الجديد".
والأسواق المركزية، بنايات ضخمة أسست على طراز حديث تتخلل هندسة بنائها معالم فنية رائعة، افتتحت مطلع ثمانينيات القرن الماضي من الدولة لتزود المواطنين بمختلف السلع والبضائع المدعّمة، من مناشئ عالمية بالإضافة إلى المنتجات المحلية بأسعار أقل من مثيلاتها في الأسواق التجارية الخاصة.
اقــرأ أيضاً
وبعد أن كانت عامرة أصبحت منذ الاطاحة بنظام الرئيس صدام حسين في 2003 مجرد هياكل؛ تعرض بعضها لدمار من جراء قصف طائرات التحالف الدولي حينها، أو المعارك، بالإضافة إلى تعرضها لعمليات سرقة وتخريب بعد سقوط الأجهزة الأمنية من جراء احتلال البلاد، ثم سيطرة أحزاب ومليشيات على ما تبقى منها.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي، عباس الغراوي لـ "العربي الجديد"، إن الأسواق المركزية كانت تعود بالإيجاب على الاقتصاد العراقي من جهة، ومعيشة المواطن من جهة أخرى.
وأضاف أن الأسواق المركزية تأسست لغرض تسويق البضاعة المحلية، إلى جانب توفير أخرى مستوردة جيدة المنشأ، مدعومة حكومياً، موضحاً أن "الغاية من وجود هذه الأسواق تحققت لسنين طويلة، كانت خلالها هذه الأسواق ملاذاً لذوي الدخل المحدود، وهذا بالطبع مهم جداً.
اقــرأ أيضاً
وأكد أن عودة هذه الأسواق ستساهم بشكل كبير في دعم القطاعين الخاص والعام على حد سواء من خلال كونها بوابة تسويق واسعة ومهمة، ويبقى الأمر في هذا الحال متوقف على دعم الحكومة للصناعات المحلية، واعتمادها على وجود بضائع مستوردة من مناشئ جيدة.
وحسب اقتصاديين عراقيين، تقترب الأسواق المركزية، في عملها من "المولات التجارية" التي ظهرت لاحقاً بشكل واسع في المنطقة، إلا أن الأولى مدعومة من قبل الدولة، وتتمتع بضائعها بأسعار تناسب جميع طبقات المجتمع.
ويلفت مواطنون الانتباه إلى أهمية إحياء الأسواق المركزية، وتقول ناهدة عمران، 68 عاماً، وهي موظفة سابقة في وزارة الصحة، لـ"العربي الجديد" إن "وجود كل احتياجات المواطن المنزلية والغذائية والملابس في مكان واحد وبأسعار مناسبة هو شيء جميل. كنا نذهب باستمرار إلى الأسواق المركزية، خاصة أن الأسعار فيها أقل من أسعار الأسواق الأخرى".
واستطردت عمران: "كل هذا ذهب مع أيام الخير، الآن حين أمر من أمام إحدى هذه الأسواق المركزية الخالية يعتصرني الألم لما آل إليه حالها".
وكانت الأسواق المركزية تنتشر في عدة مناطق من بغداد، واختير لها مواقع مهمة تُسهل للمواطنين الوصول إليها، حسب المهندس المتقاعد منير حسون، الذي يصفها لـ "العربي الجديد" بأنها "ثورة في عالم التجارة والتسوق، تحتضنها ثورة في عالم التصميم العمراني".
وأوضح حسون أن "التصميم الموحد للأسواق المركزية التي أنشئت، منذ ما يقرب من أربعين عاماً، حملت ذوقاً فنياً رفيعاً؛ إذ مزجت هندستها بين الحداثة والعمارة البغدادية، وتخللتها لمسات فنية كانت تمثل في حينها ثورة فريدة في عالم العمارة ليس في العراق فحسب بل في الشرق الأوسط".
فكرة "الأسواق المركزية" عرفها العراقيون، منذ عشرينيات القرن الماضي، وذلك بدخول الشركة العالمية المعروفة "أورزدي باك" إلى العراق وتأسيسها أسواقاً مركزية خاصة في بغداد والبصرة ولكن لم تكن مدعّمة من الحكومة، وفقاً للباحث في التراث العراقي جاسم الشيخلي.
اقــرأ أيضاً
وأشار الشيخلي لـ"العربي الجديد" إلى أن كثيراً من العراقيين ما زال يطلق على الأسواق المركزية التي افتتحت في ثمانينيات القرن الماضي اسم "أورزدي"، على الرغم من أن الأسواق المركزية حكومية تدار من قبل وزارة التجارة.
ليس الشيخلي وحده من يظهر حزنه وأسفه على تلك الأسواق، بل هو حزن يشترك به العراقيون؛ لما لهذه البنايات من أثر في حياتهم. ذلك ما يؤكده دريد عبد الستار، عضو في أحد أحزاب السلطة، مبيناً أن "سوء إدارة البلاد هو الذي قضى على تلك الأسواق".
وأوضح عبد الستار، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "إعادة تأهيل مباني الأسواق المركزية، وتشغيلها مرة أخرى مطلب شعبي، ففي عدة وقفات احتجاجية شعبية سابقة للمطالبة بتحسين وضع المواطن المعاشي، ومحاسبة المسؤولين الفاسدين، كان المتظاهرون يرفعون شعارات تطالب بإعادة عمل الأسواق المركزية".
وأضاف: "لقد قضى الفساد على كل شيء في البلاد، وكان من السهل تخصيص ميزانية لإعمار ما هدمته الحرب وخربه العابثون من السراق، لكن مثل تلك المشاريع تعتبر حقيقية واضحة للعيان، لذلك يؤجل المسؤولون الشروع بإعمارها وتأهيلها".
اقــرأ أيضاً
والأسواق المركزية، بنايات ضخمة أسست على طراز حديث تتخلل هندسة بنائها معالم فنية رائعة، افتتحت مطلع ثمانينيات القرن الماضي من الدولة لتزود المواطنين بمختلف السلع والبضائع المدعّمة، من مناشئ عالمية بالإضافة إلى المنتجات المحلية بأسعار أقل من مثيلاتها في الأسواق التجارية الخاصة.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي، عباس الغراوي لـ "العربي الجديد"، إن الأسواق المركزية كانت تعود بالإيجاب على الاقتصاد العراقي من جهة، ومعيشة المواطن من جهة أخرى.
وأضاف أن الأسواق المركزية تأسست لغرض تسويق البضاعة المحلية، إلى جانب توفير أخرى مستوردة جيدة المنشأ، مدعومة حكومياً، موضحاً أن "الغاية من وجود هذه الأسواق تحققت لسنين طويلة، كانت خلالها هذه الأسواق ملاذاً لذوي الدخل المحدود، وهذا بالطبع مهم جداً.
وحسب اقتصاديين عراقيين، تقترب الأسواق المركزية، في عملها من "المولات التجارية" التي ظهرت لاحقاً بشكل واسع في المنطقة، إلا أن الأولى مدعومة من قبل الدولة، وتتمتع بضائعها بأسعار تناسب جميع طبقات المجتمع.
ويلفت مواطنون الانتباه إلى أهمية إحياء الأسواق المركزية، وتقول ناهدة عمران، 68 عاماً، وهي موظفة سابقة في وزارة الصحة، لـ"العربي الجديد" إن "وجود كل احتياجات المواطن المنزلية والغذائية والملابس في مكان واحد وبأسعار مناسبة هو شيء جميل. كنا نذهب باستمرار إلى الأسواق المركزية، خاصة أن الأسعار فيها أقل من أسعار الأسواق الأخرى".
واستطردت عمران: "كل هذا ذهب مع أيام الخير، الآن حين أمر من أمام إحدى هذه الأسواق المركزية الخالية يعتصرني الألم لما آل إليه حالها".
وكانت الأسواق المركزية تنتشر في عدة مناطق من بغداد، واختير لها مواقع مهمة تُسهل للمواطنين الوصول إليها، حسب المهندس المتقاعد منير حسون، الذي يصفها لـ "العربي الجديد" بأنها "ثورة في عالم التجارة والتسوق، تحتضنها ثورة في عالم التصميم العمراني".
وأوضح حسون أن "التصميم الموحد للأسواق المركزية التي أنشئت، منذ ما يقرب من أربعين عاماً، حملت ذوقاً فنياً رفيعاً؛ إذ مزجت هندستها بين الحداثة والعمارة البغدادية، وتخللتها لمسات فنية كانت تمثل في حينها ثورة فريدة في عالم العمارة ليس في العراق فحسب بل في الشرق الأوسط".
فكرة "الأسواق المركزية" عرفها العراقيون، منذ عشرينيات القرن الماضي، وذلك بدخول الشركة العالمية المعروفة "أورزدي باك" إلى العراق وتأسيسها أسواقاً مركزية خاصة في بغداد والبصرة ولكن لم تكن مدعّمة من الحكومة، وفقاً للباحث في التراث العراقي جاسم الشيخلي.
ليس الشيخلي وحده من يظهر حزنه وأسفه على تلك الأسواق، بل هو حزن يشترك به العراقيون؛ لما لهذه البنايات من أثر في حياتهم. ذلك ما يؤكده دريد عبد الستار، عضو في أحد أحزاب السلطة، مبيناً أن "سوء إدارة البلاد هو الذي قضى على تلك الأسواق".
وأوضح عبد الستار، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "إعادة تأهيل مباني الأسواق المركزية، وتشغيلها مرة أخرى مطلب شعبي، ففي عدة وقفات احتجاجية شعبية سابقة للمطالبة بتحسين وضع المواطن المعاشي، ومحاسبة المسؤولين الفاسدين، كان المتظاهرون يرفعون شعارات تطالب بإعادة عمل الأسواق المركزية".
وأضاف: "لقد قضى الفساد على كل شيء في البلاد، وكان من السهل تخصيص ميزانية لإعمار ما هدمته الحرب وخربه العابثون من السراق، لكن مثل تلك المشاريع تعتبر حقيقية واضحة للعيان، لذلك يؤجل المسؤولون الشروع بإعمارها وتأهيلها".