استمع إلى الملخص
- يعتقد الخبير الروسي ستانيسلاف ميتراخوفيتش أن سياسات ترامب قد تخدم قطاع الطاقة الروسي بتخفيف العقوبات مقابل قبول قواعد اللعبة الأميركية، مما يعيد روسيا إلى سوق الطاقة العالمية.
- المحلل المالي ألكسندر رازوفايف يتوقع رفع بعض العقوبات عن روسيا، لكن سياسات ترامب قد تخفض أسعار النفط، مع احتمال اتصال بين بوتين وترامب لإنهاء النزاع في أوكرانيا.
بعد انتخاب المرشح الجمهوري دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، تترقب روسيا ملامح سياساته الاقتصادية، لا سيما في مجال الطاقة، ومدى استمرارية آلية العقوبات المفروضة على موسكو على خلفية حربها في أوكرانيا، والتي وعد الرئيس العائد إلى البيت الأبيض خلال حملته الانتخابية بإنهائها على وجه السرعة.
ويعرف عن ترامب أنه ينتمي إلى جناح أنصار الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية ولامبالاته تجاه قضية التغير المناخي التي تعتبرها الإدارات الديمقراطية شغلها الشاغل، ولكن ولايته الأولى اتسمت بشن حرب عقوبات حقيقية على مشروع خط أنابيب "السيل الشمالي-2" لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا بحثاً عن هيمنة الغاز الطبيعي المسال أميركي المنشأ على السوق الأوروبية تحقيقاً لشعار "أميركا أولاً" باعتباره ليس مجرد شعار وإنما نهج لسياسته.
تضاف إلى ذلك وعود ترامب بالانسحاب مرة أخرى من اتفاق باريس للمناخ، الذي عادت إليه إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، وعزمه على تسهيل إصدار تصاريح الحفر في الولايات المتحدة، بما في ذلك في المحمية الوطنية الطبيعية في ولاية ألاسكا المطلة على منطقة القطب الشمالي، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط العالمية وتراجع عوائد الدول المصدرة للنفط مثل روسيا. ومع ذلك، يعتبر الخبير في المعهد المالي التابع للحكومة الروسية ستانيسلاف ميتراخوفيتش أن فوز ترامب وسياساته الاقتصادية المرتقبة قد يخدمان قطاع الطاقة الروسي الذي يشاطره رؤية الاعتماد على الوقود الأحفوري غير المتجدد، وهو ما يخدم الدول المصدرة للنفط والغاز مثل روسيا ودول الخليج العربي.
أولويات روسيا
ويقول ميتراخوفيتش في حديث لـ"العربي الجديد": "تنظر السلطات الروسية إلى ترامب باعتباره الشخص القادر على تغيير السياسات الأميركية بحق روسيا والقضية الأوكرانية بشكل عام. واقتصادياً، قد تشعر شركات الطاقة الروسية بنوع من الارتياح في حال انشغل ترامب بمواجهته التجارية مع الصين التي يراها هي التحدي الاستراتيجي الأكبر أمام الولايات المتحدة". ويتوقع أن ترامب قد يسعى لإعادة روسيا إلى سوق الطاقة العالمية، مضيفاً: "قد يخفف ترامب العقوبات المفروضة على بعض الشركات العاملة بقطاع الطاقة الروسي مقابل قبولها قواعد اللعبة الأميركية، مثل اللجوء إلى خدمات التأمين الغربية والعودة إلى إجراء الحسابات بالدولار والبنية التحتية المالية الغربية، وهذا السيناريو مقبول لدى العديد من الشركات الروسية حتى لو لم تكن تتحدث عن ذلك في العلن".
ويلفت إلى أن الرئيس العائد إلى البيت الأبيض ينتمي إلى جناح أنصار طاقة الهيدروكربونات، قائلاً: "يشكك ترامب في جدوى الطاقة الخضراء وواقعية التحول الطاقي السريع في المرحلة الراهنة، ولذلك تبدو رؤيته أقرب إلى رؤية البلدان، مثل روسيا وأذربيجان ودول الخليج المصدرة للنفط والغاز، وبالتالي قد يسعى لإطالة أمد عهد الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية لبضعة عقود أخرى، وهذا التوجه سيصب في مصلحة موسكو".
ومع ذلك، يقر بأن مواقف ترامب هذه لن تثنيه عن شن حروب طاقية محلية ضد روسيا من أجل الحصص في الأسواق في الاتحاد الأوروبي الذي لا يزال عدد من دوله يعتمد على الغاز الروسي لا الغاز الطبيعي المسال الأميركي.
بدوره، يتوقع المحلل المالي ألكسندر رازوفايف هو الآخر أن ترامب قد يرفع عقوبات بعينها مفروضة على روسيا بغية إعادتها إلى المنظومة المالية الغربية التي يتحكم فيها الدولار الأميركي، ولكن من دون الكف عن انتهاج سياسة العقوبات باعتبارها منهجية لتضييق الخناق على الخصوم الجيوسياسيين.
ويقول رازوفايف، في حديث مع "العربي الجديد": "فوز ترامب لا يلغي الحرب الجيوسياسية بين القارات، ولكن قد يتم العدول عن بعض العقوبات مثل تلك المفروضة على بورصة موسكو، ما سيتيح لها استئناف تداول الدولار واليورو، إذ يرى ترامب في الدولار قاعدة للهيمنة الأميركية. إلا أن سياساته الطاقية قد تؤدي لانخفاض أسعار النفط إلى 50 دولاراً، وهو ما لا يثير التفاؤل". ومع ذلك، يعتبر أن تقريب إنهاء النزاع في أوكرانيا، سواء برعاية ترامب أو من دونها، سيشكل دعماً للاقتصاد الروسي، موضحاً أن الأمر سيترتب عليه تراجع النفقات العسكرية ومعدلات التضخم، ما سيتيح للمصرف المركزي تحفيز النشاط الاقتصادي عبر خفض سعر الفائدة الأساسية من 21% حالياً إلى نصف هذا الرقم، وفق رازوفايف.
وعلى الرغم من الحذر الذي تتعامل به موسكو مع فوز ترامب هذه المرة على عكس حالة البهجة التي سادت في عام 2016، إلا أن الكرملين لم يستبعد احتمال إجراء اتصال بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودونالد ترامب قبل تنصيبه، وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، أول أمس الخميس.
وفي تصريحات أخرى بعيد تقدّم ترامب في الولايات المتأرجحة الحاسمة يوم الأربعاء، أقر بيسكوف بأن الولايات المتحدة هي الدولة القادرة على إنهاء النزاع في أوكرانيا على وجه السرعة، آملاً ألا تكون وعود ترامب مجرد كلام في إطار الحملة الانتخابية على غرار "ما شهدنا من قبل"، في إشارة إلى تخاذل ترامب عن الوفاء بوعوده بتحسين العلاقات مع موسكو خلال ولايته الأولى بين عامي 2017 - 2021.