15 مايو 2024
الحشد الشعبي في العراق.. خطط منسقة
قممٌ جرت في الرياض، وربما ستكون في إسطنبول أو القاهرة، اعتراضات إيرانية، وفرح خليجي عربي بوعود أميركية في نهاية عصر التفوق الإستراتيجي الإيراني في المنطقة، فما هي حقيقة، وما ستؤول إليه، الحقبة الأميركية (الترامبية) المقبلة؟ وهل ستتراجع إيران عن أداء أدوارها الممهدة لتحقيق حلم الثورة الإسلامية الجامحة في دول وطن العربي عموماً، ودول الجوار منها خصوصاً؟
أعطت السعودية، ومعها دول الخليج العربي، الكثير، ولم تطلب، في مقابل ذلك، أشياء كثيرة. نعم، المطلوب فقط هو قطع أذرع إيران في دولهم، وفي الدول التي تؤثر على دولهم؛ وهنا تكون جماعة الحوثي في اليمن في مقدمة المطلوب تجفيف منابع الدعم الإيراني لها، وبالتالي هزيمتها عسكرياً، أو قبولها بالحلول السياسية الوسط، وهو ما يأمل تحقيقه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
يأتي بعد الحوثيين حزب الله اللبناني، وهو منظمة صنّفت إرهابية، وأساس عملياتها ومشاركاتها يرتكز على حجم التناغم مع الولي الفقيه في طهران وقيادات الحرس الثوري، وقد أثبتت الفعاليات الأمنية، في دول الخليج قاطبة، ضلوع حزب الله اللبناني بعمليات تنظيمية لعناصر لبنانية وغير لبنانية في هذه الدول، بعضهم معتقل والآخر تم تسفيره إلى بلاده .
تبقى، من حيث الخطورة المباشرة على مستقبل الصراع بين الولي الفقيه، عقيدة وأيديولوجية
تربوية وعسكرية، ودول الإقليم المحيط بإيران، وخصوصاً العربية منها، مليشيات ما تسمى الحشد الشعبي العراقي، وهي مليشيا أعدت بشكل ممنهج، ومن دون ضغوط سياسية أو اقتصادية، أعدت لتكون الحرس الثوري بصيغته العربية، وقد كانت شماعة ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية المظلة التي أنشأ ونما وتكاثر ثم رسخ من خلاها كل فصيل أو مليشيا في هذا التنظيم الخطير للغاية.
لطالما أطلق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تسمية "القوة الفارسية" إشارة إلى الحشد الشعبي في العراق وحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن وغيرهم. وفي موضوعة الحشد الشعبي تحديداً، فإن أردوغان، شأن دول كثيرة، يعتبر أن مليشيا الحشد الشعبي في العراق هي تجمع منظم لتشكيلات "إرهابية". لكن، وعلى الرغم من هذا التحديد والتعريف الواضح، فإن أنقرة أجبرت على القبول بوجود هذا الحشد ضمن قطعات تحرير مدينة الموصل، ولم يستطع تنفيذ تحذيراته بشأن هذه المشاركة.
لدى السعودية والإمارات وقطر وآخرين التقييم نفسه لمليشيات الحشد الشعبي، لكنهم جميعاً، ولحساباتٍ تتعلق بالسياسة تجاه عراق الحاضر والمستقبل، يخففون من حدة التصريحات الخاصة بجرائم هذه المليشيات وانتهاكاتها، ومع قدوم سيد البيت الأبيض دونالد ترامب إلى الرياض، ونجاحه في إعادة تدوير الزعامات والمواقف السياسية في المنطقة، ثم تبنيه، خلال رحلته من واشنطن إلى بروكسل مروراً بالرياض وتل أبيب والفاتيكان، موقفاً متشدّداً من الجماعة الحاكمة في طهران، فإن المراقبين يتوقعون ارتفاع وتيرة أصوات الدول الخليجية التي دفعت مئات المليارات من الدولارات ضد مخططات إيران، مشخصين بالأسماء والأفعال دور كل فصيل أو حزبٍ أو مليشيا في بلدانهم، وفي المنطقة.
وهنا لابد من الإشارة إلى دور مليشيات الحشد الشعبي في العراق، باعتبارها أخطر (وأقوى)
التنظيمات الإيرانية الولاء والعقيدة خارج حدودها، تعتبرها الحكومة العراقية "قوة تدين بالولاء للعراق وشعبه، وليس لأية دولة أخرى، وتتبع أوامر القائد العام للقوات المسلحة"، لكنها في الحقيقة ليست للعراق، كما تشير البيانات الرسمية العراقية، إنما هي القوة الضاربة لمشروع ولاية الفقيه في المنطقة. وقد ذكر كثيرون من قادة هذه المليشيات ذلك، وهدد بعضهم دولا خليجية وأخرى دولية، من دون أن يكون للحكومة العراقية أي صوت أو ردة فعل، كما أن مئات من جرائم لهذه المليشيات وانتهاكاتها بحق السكان المدنيين في محافظات كبيرة في العراق، مثل ديالى والأنبار وصلاح الدين والموصل، لم تفعل إزاءها بغداد أي إجراءٍ، حتى التي تم تشكيل لجان تحقيق بحقها، لم يحصل المجني عليهم، أو ذووهم أو الرأي العام على أية نتائج معلنة، أو مذنبين مدانين.
الحشد الشعبي في العراق، وهو، في حقيقته، حشد إقليمي، لديه خطط منسقة بشكل كامل مع الجانب الإيراني، وهي الآن موجودة بوضوح على الأرض، وبعلم كامل من الحكومة العراقية. تمثل هذه الخطط عملية تمكّن وبسط نفوذ مطلق على الشريط الحدودي الممتد من الموصل شمالاً حتى النخيب وجرف الصخر جنوباً، كما أن هذه الخطط تعتمد إفراغ المحافظات العراقية السنيّة (ديالى والأنبار وصلاح الدين والموصل) من قواها المؤثرة، وخفض نسبة السكان فيها، وإبقائها أيضاً تحت هيمنة مليشياتها هناك، إضافة إلى تمكين الحشد الشعبي من أحدث أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وأخطرها، وهي الحالة الغريبة على مستوى العالم، بعد تجربة تسليح حزب الله اللبناني (الإيرانية أيضاً).
الخوف والخشية التي يجب أن ينتبه إليها الفرحون بالدور الأميركي المقبل هو ما يمكن أن يكون من اتفاقات (تحت الطاولة) بين الجانبين، الأميركي والإيراني، تمنع الاحتكاكات، وبالتالي الصدام والمواجهات بين القطعات الأميركية والمليشيات، من خلال إبقاء خطوط مناطق النفوذ واضحة بين الطرفين. وفي هذه الحالة، ستكون هذه الخديعة الأكبر في التاريخ.
أعطت السعودية، ومعها دول الخليج العربي، الكثير، ولم تطلب، في مقابل ذلك، أشياء كثيرة. نعم، المطلوب فقط هو قطع أذرع إيران في دولهم، وفي الدول التي تؤثر على دولهم؛ وهنا تكون جماعة الحوثي في اليمن في مقدمة المطلوب تجفيف منابع الدعم الإيراني لها، وبالتالي هزيمتها عسكرياً، أو قبولها بالحلول السياسية الوسط، وهو ما يأمل تحقيقه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
يأتي بعد الحوثيين حزب الله اللبناني، وهو منظمة صنّفت إرهابية، وأساس عملياتها ومشاركاتها يرتكز على حجم التناغم مع الولي الفقيه في طهران وقيادات الحرس الثوري، وقد أثبتت الفعاليات الأمنية، في دول الخليج قاطبة، ضلوع حزب الله اللبناني بعمليات تنظيمية لعناصر لبنانية وغير لبنانية في هذه الدول، بعضهم معتقل والآخر تم تسفيره إلى بلاده .
تبقى، من حيث الخطورة المباشرة على مستقبل الصراع بين الولي الفقيه، عقيدة وأيديولوجية
لطالما أطلق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تسمية "القوة الفارسية" إشارة إلى الحشد الشعبي في العراق وحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن وغيرهم. وفي موضوعة الحشد الشعبي تحديداً، فإن أردوغان، شأن دول كثيرة، يعتبر أن مليشيا الحشد الشعبي في العراق هي تجمع منظم لتشكيلات "إرهابية". لكن، وعلى الرغم من هذا التحديد والتعريف الواضح، فإن أنقرة أجبرت على القبول بوجود هذا الحشد ضمن قطعات تحرير مدينة الموصل، ولم يستطع تنفيذ تحذيراته بشأن هذه المشاركة.
لدى السعودية والإمارات وقطر وآخرين التقييم نفسه لمليشيات الحشد الشعبي، لكنهم جميعاً، ولحساباتٍ تتعلق بالسياسة تجاه عراق الحاضر والمستقبل، يخففون من حدة التصريحات الخاصة بجرائم هذه المليشيات وانتهاكاتها، ومع قدوم سيد البيت الأبيض دونالد ترامب إلى الرياض، ونجاحه في إعادة تدوير الزعامات والمواقف السياسية في المنطقة، ثم تبنيه، خلال رحلته من واشنطن إلى بروكسل مروراً بالرياض وتل أبيب والفاتيكان، موقفاً متشدّداً من الجماعة الحاكمة في طهران، فإن المراقبين يتوقعون ارتفاع وتيرة أصوات الدول الخليجية التي دفعت مئات المليارات من الدولارات ضد مخططات إيران، مشخصين بالأسماء والأفعال دور كل فصيل أو حزبٍ أو مليشيا في بلدانهم، وفي المنطقة.
وهنا لابد من الإشارة إلى دور مليشيات الحشد الشعبي في العراق، باعتبارها أخطر (وأقوى)
الحشد الشعبي في العراق، وهو، في حقيقته، حشد إقليمي، لديه خطط منسقة بشكل كامل مع الجانب الإيراني، وهي الآن موجودة بوضوح على الأرض، وبعلم كامل من الحكومة العراقية. تمثل هذه الخطط عملية تمكّن وبسط نفوذ مطلق على الشريط الحدودي الممتد من الموصل شمالاً حتى النخيب وجرف الصخر جنوباً، كما أن هذه الخطط تعتمد إفراغ المحافظات العراقية السنيّة (ديالى والأنبار وصلاح الدين والموصل) من قواها المؤثرة، وخفض نسبة السكان فيها، وإبقائها أيضاً تحت هيمنة مليشياتها هناك، إضافة إلى تمكين الحشد الشعبي من أحدث أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وأخطرها، وهي الحالة الغريبة على مستوى العالم، بعد تجربة تسليح حزب الله اللبناني (الإيرانية أيضاً).
الخوف والخشية التي يجب أن ينتبه إليها الفرحون بالدور الأميركي المقبل هو ما يمكن أن يكون من اتفاقات (تحت الطاولة) بين الجانبين، الأميركي والإيراني، تمنع الاحتكاكات، وبالتالي الصدام والمواجهات بين القطعات الأميركية والمليشيات، من خلال إبقاء خطوط مناطق النفوذ واضحة بين الطرفين. وفي هذه الحالة، ستكون هذه الخديعة الأكبر في التاريخ.