الحكومة المغربية وأمثلة شعبية

20 نوفمبر 2016
+ الخط -
قد يكون أبرز مثل شعبي في المغرب يدل على أزمة حزب العدالة والتنمية المتصدّر انتخابات 7 أكتوبر/ تشرين الأول هو "لي بغا طامو يحل بزطامو"، أي أنّه في حالتهم هذه، إذا أرادوا تشكيل الحكومة من ائتلاف يضم غالبية حزبية تضمن لهم تجاوز النصاب القانوني وهو 198/395 فعليهم بفتح "بزطامهم" أي جيوبهم، أو في سياق مفاوضتهم فتح قلوبهم لألد أعدائهم، وليس فضحهم كما فعل بنكيران وشباط مع اخنوش .
"مشى يرتاح لقى الهم فلمراح"، وقبل أن يفرح رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بنزاهة صناديق الاقتراع التي توّجت حزبه، ظلّ طوال حملته الانتخابية يشكك في قدرة الداخلية على التخلّي عن إرثها بالتدخل في النتائج والتزوير، كما ظلّ يندّد بخروق الحزب الذي احتل المرتبة الثانية بعده بـ 102 مقعدا أو على "بونت" بالتعبير الشعبي، أي بقليل من الحظ.
وجد بنكيران نفسه أمام فوضى في "لمراح" أو الساحة الحزبية، وهذا المثل ينطبق على حاله وأمانة حزبه وكذلك بعض الكتاب المنتمين إليه، فبعد أن فرح بالنتيجة وبفترة رئاسية جديدة سيكمل فيها ما بدأه من قوانين و"إصلاحات" على المواطنين، لم يمر إلى هذه المرحلة بالسلاسة التي اعتقد، بسبب الفرملة التي تجلت بأمرين:
الأول، لا إرادي أو ظرفي، تجلّى في سفر الملك محمد السادس مباشرة إلى إفريقيا، لأنّه قام بوظيفته الدستورية، وهي تعيين رئيس الحكومة، ثم استضافة المغرب الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيير المناخ، وقبلها الأحداث التي تلت طحن الشاب محسن فكري، ما أيقظ مدن الشمال التي ينتمي إليها أمين عام حزب الاصالة والمعاصرة، إلياس لعماري.
الثاني، ما ورطه فيه أصدقاء التحالف الحكومي السابق، فربما فهم ذلك منذ تقديم صلاح الدين مزوار استقالته من أمانة حزب الأحرار، لينتظر ثلاثة أشهر كي يعقد مؤتمراً استثنائياً، سيعيّن وزيراً ليس عادياً بل تكنوقراطياً، تقاسم معه في الحكومة السابقة المسؤولية عن صندوق مالي يخص الفلاحة، كان المفترض دستورياً أن يكون تحت إمرة رئيس الحكومة ذي الأغلبية البرلمانية.
"ما تعرف العدو من الصديق غير فالشدة والضيق". لا شك أن رئيس الحكومة من حزب العدالة والتنمية (الأصولي)، في خلوته النفسية جال بخاطره حسرة ومواساة مثل هذا المثل، فالخلطة التي حصلت في تسيير الحكومة السابقة تحت شعار مصلحة الوطن فوق الجميع، لا يبدو أنها قابلة للتكرار اليوم، إذ إنّ حلفائه كحزب الأحرار (الليبرالي) والاتحاد الدستوري (اليميني) في الحكومة السابقة يتعنتان في جعل الحكومة لا ترى النور، بل ويخرج عليه أمين حزب الأحرار مبتزّاً بإملاء شروطه كي يشارك هو وحليفه، باشتراط عدم مشاركة حزب الاستقلال (المحافظ) 46 مقعداً، بينما هذا الأخير رفقة حزب الاتحاد الاشتراكي (اليساري) 20 مقعدا، مدّا يد الترحيب، فلا عاد رئيس الحكومة المجمّدة يدري من الصديق من العدو: هل اليسار أم الوسط أم اليمين؟
"المال يخلف لهبال" أو البقاء في الحكومة بعد وصول حلّها إلى الباب المسدود سينتج عنه الحُمق والهلع والسُعار السياسي، الذي تنبّأ به بنكيران قبل شهر، عندما تبرّأ من كتائب حزبه الإلكترونية التي تهاجم أعداء الحزب في مواقع التواصل الاجتماعي بكل الأصناف.
"البلد ماشي، والمركب ماشي"، حتى بعد مرور أكثر من أربعين يوم على تعيين الملك رئيس الحكومة، ووصول مشاوراته إلى الباب المسدود مع الأحزاب، تعسّر تشكيل الحكومة، وبالتالي، بدأت التخمينات بأسوأ السيناريوهات، وهي استقالة بنكيران؟ لأن الملك له دستورياً حق حل مجلسي النواب، لأنه أمير المؤمنين وحامي الملّة والدين، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية... إذن البلد ماشي والمركب ماشي، هي عبارة الراحل اللبناني رفيق الحريري، بل إنّ هناك من يفضل هذه الصراحة، بدل الحديث عن الدولة العميقة والتماسيح والمخزن وأصدقاء الملك...
2196ADF1-70E0-44DB-B9ED-659A5C5D7609
2196ADF1-70E0-44DB-B9ED-659A5C5D7609
سيدي بويه ماءالعينين (المغرب)
سيدي بويه ماءالعينين (المغرب)