وبحسب ما أفادت به مصادر من "الجبهة الوطنية للتحرير" التابعة للمعارضة السورية المسلحة، فقد توزعت المعارك، أمس، على محاور عدة، إلا أن أعنفها شهده محورا شرق وغرب خان شيخون، حيث تحاول قوات النظام التقدم شرقاً من محور السكيك إلى التمانعة، وغرباً من محور مدايا إلى النقير.
وأوضحت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن فصائل المعارضة تقوم بعمليات عكسية بهدف وقف تقدم النظام، إذ قامت بتفجير عدد من المفخخات، آخرها في بلدة مدايا، ما أسفر عن إلحاق خسائر بشرية ومادية بصفوف قوات النظام.
وتتبع قوات النظام السوري سياسة الأرض المحروقة قبل التقدم البري، إذ تعتمد تكثيف عمليات القصف الجوي من قبل المقاتلات الحربية والطيران المروحي، والقصف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، قبل التحرك بالدبابات والمدرعات، وهو ما جعلها تتمكن من التقدم في المحورين خلال الأيام الماضية.
في هذه الأثناء، تحدثت المصادر لـ"العربي الجديد"، عن وصول مجموعات من "الجيش الوطني السوري" التابع للمعارضة، والذي يتلقى دعماً تركياً، إلى جبهات إدلب وريف حماة، قادمة من منطقة ريف حماة الشمالي، وذلك بعد ارتفاع وتيرة المعارك وتقدم النظام بشكل كبير في محيط خان شيخون.
بدوره، أكد القيادي في "لواء المعتصم"، المنضوي في صفوف "الجيش الوطني"، مصطفى سيجري، وصول مجموعات من "الجيش الوطني" إلى جبهات إدلب وحماة، لكنه لفت إلى أنها "محدودة"، نظراً للمعوقات التي تفرضها "هيئة تحرير الشام"، التي تسيطر على المعابر الواصلة بين إدلب ومناطق سيطرة "الجيش الوطني" في ريف حلب.
وشدد القيادي على أن "تحرير الشام لا تزال تمنع وصول بعض الوحدات من الجيش الوطني، كما تمنع إدخال السلاح وخاصة الثقيل".
وحول أسباب المنع، أشار سيجري إلى أنها "محاولة لإفراغ مشاركة الجيش الوطني من مقاصدها الحقيقية، وعدم إحداث تغيير جوهري في سير المعارك، ومخافة هيمنة الجيش على المنطقة، وتعرية دور (جبهة) النصرة فيها"، معتبراً في الوقت ذاته أنه "بالنظر لمسيرتها السابقة (في إشارة إلى تحرير الشام)، وتعاطيها مع القوى الثورية (الإسلامية وغير الإسلامية)، فإننا نجد ما تقوم به اليوم طبيعياً".
ونفى سيجري أن تكون "تحرير الشام" قد عرضت السلاح على "الجيش الوطني" لدى دخول قواته للمشاركة في معارك ريف إدلب، خصوصاً أن قوات النظام باتت على أبواب خان شيخون.
وتأتي أهمية مدينة خان شيخون (شرقي مدينة إدلب بنحو 65 كيلومتراً، وجنوبي مدينة حلب بنحو 100 كيلومتر)، من كونها تقع على الطريق الدولية التي تربط بين حلب ومدينة حماة، كما تعتبر طريق الإمداد الوحيدة لمناطق سيطرة المعارضة و"هيئة تحرير الشام" في ريف حماة الشمالي. وتعني سيطرة النظام عليها سقوط ريف حماة الشمالي كاملاً، أو وقوعه تحت حصار مطبق.
وتمنح السيطرة على خان شيخون النظام فرصة للتقدم على الطريق الدولية نحو مدينة معرة النعمان، كما تمنحه فرصة التقدم نحو مدينة كفرنبل التي تعتبر رمزاً من رموز النضال السلمي في الثورة السورية ضد النظام السوري.
وبينما تستمر قوات النظام في محاولات التقدم على الأرض، واصل الطيران الحربي الروسي حصده لأرواح المدنيين في المنطقة، إذ أسفرت غاراته خلال الساعات الـ48 الماضية عن مقتل 25 مدنياً على الأقل، وإصابة 60 آخرين، جلهم من الأطفال والنساء، وفق ما أفادت به مصادر من الدفاع المدني السوري لـ"العربي الجديد".
وكان معظم الضحايا قد سقطوا جراء قصف الطيران الحربي تجمعاً للنازحين في بلدة حاس، أسفر عن مقتل 16 شخصاً، من بينهم أربعة أطفال وسيدتان، فيما أدى القصف الروسي إلى مقتل سبعة مدنيين من عائلة واحدة في بلدة دير الشرقي.
وقال مصدر من الدفاع المدني السوري لـ"العربي الجديد"، إن الطيران الحربي الروسي شنّ غارة بصواريخ شديدة الانفجار على منازل المدنيين في قرية دير الشرقي، جنوب إدلب، ما أدى إلى مقتل سبعة مدنيين، موضحاً أن فرق الدفاع المدني عملت على انتشال القتلى من تحت أنقاض أحد المنازل المدمرة، ليتبين أن الضحايا كلهم من عائلة واحدة، وأن بينهم أطفال.
وتسعى قوات النظام وحليفها الروسي من خلال عمليات القصف لإفراغ المنطقة من سكانها قبل التقدم البرّي، حيث نزح مئات الآلاف إلى مناطق تعتبر أكثر أمنا في شمال إدلب ليبيت معظمهم في العراء بين الأشجار وعلى الطرقات.
وقال فريق "منسقو استجابة سورية" إن عدد الضحايا من المدنيين منذ توقيع اتفاق سوتشي في سبتمبر/ أيلول 2018 تجاوز 1291 مدنياً، مضيفاً أن عدد النازحين منذ بدء الحملة تجاوز الـ131354 عائلة، ووصل إلى 853416 نسمة، في أكبر موجة نزوح تشهدها سورية حتى الآن.