وتخشى جهات ليبية مشاركة في الحوار، فضلاً عن محللين وسياسيين ليبيين، من أن يكون الاتفاق السياسي المرتقب هشاً، تتآكل دعائمه عند أول اختلاف في الرؤى، أو في تطبيق بنود الاتفاقية. وطالبت الجهات بأن تحرص الأطراف المعنية على ألا يتم التوقيع، إلا بعد دراسة تفاصيل الوثيقة بدقة.
وفي السياق، أكد أعضاء مستقيلون من طرفي الحوار، قبل المشاركة في جلسات المفاوضات بصفة "مستقلين"، في تصريحات صحافية، أن "المسودة الجديدة المطروحة قد لا ترضي جميع الأطراف، وبأن بعض تفاصيلها تبدو ملغومة، وقد تنسف في أية لحظة الجهود المبذولة لبلوغ حلّ يخرج ليبيا من عنق الزجاجة".
ويرى مستقلون أن "عدداً من بنود وثيقة الاتفاق السياسي الجديدة تبدو غامضة، وتحتاج إلى التجريب على الأرض لتتم معرفة مدى قوتها أو هشاشتها". واعتبروا أن "مستقبل الاتفاق الليبي لا يتوقف عند تلك التفاصيل، بل عند الشخصيات المؤسسة لمجلس الوزراء، وآليات إحداثه".
اقرأ أيضاً جولات الحوار الليبي: في التفاصيل يكمن التأجيل
ويبدي مراقبون خشيتهم من تعثر الاتفاق السياسي حول الوضع بليبيا، حتى بعد التوقيع عليه بالأحرف الأولى إن حدث بالصخيرات، بالنظر إلى عدة اعتبارات رئيسة، منها أن الاتفاق يهيئ للتقليل من العنف، ولا يضع حدّاً نهائياً للمعارك الدائرة بين الأطراف المتناحرة على السلطة بليبيا. التخوّف الآخر، الذي يبديه نشطاء سياسيون ليبيون، إزاء تعثر الاتفاق مستقبلاً، يتمثل في الوضع الذي يزداد توتراً وعنفاً على الأرض، فضلاً عن تفشي السلاح بين أيدي المواطنين، وتنامي سجن المواطنين بدون محاكمات.
ومن المخاوف المطروحة الأخرى، هو انتقال كل وفد عقب انتهاء جلسة حوار إلى ليبيا للتشاور، ثم العودة بعد ذلك إلى طاولة المفاوضات أحياناً بمزاج سياسي مختلف، وبقرارات ترجئ الاتفاق السياسي، إذ عاد وفدا "المؤتمر الوطني"، ومجلس النواب المنحلّ إلى رئاستيهما للتباحث والعودة بالقرار النهائي.
وعلى الرغم من كل هذه المخاوف المحتملة، فإن المتفائلين يرون أن "اللقاء الجديد بالصخيرات سيُفضي إلى اتفاق سياسي، يُشكّل أرضية تُمهّد لتحقيق شبه معجزة ليبية، بعد التوافق على إقرار حكومة وحدة وطنية، وتعيين رئيس الحكومة ونائبيه على الأقل، وتقديم رئيس الحكومة تشكيلة حكومته للجهة التشريعية، بينما تترك النقاط الخلافية جانباً".
وما يرفع حظوظ التوقيع على الاتفاق السياسي، بحسب عدد من المراقبين، هو الضغوطات الدولية التي تدفع في اتجاه حلحلة الملف الليبي، كما أن المسودة الخامسة تبدو أكثر واقعية من سابقاتها، بالنظر إلى محاولة ليون الضغط على طرفي الحوار للقبول بإنشاء حكومة الوحدة الوطنية، وإرجاء الخلافات إلى وقت لاحق.
وفي جميع الأحوال، يتفق المتفائلون والمتشائمون إزاء التوصل إلى حل سياسي ينقذ البلاد من دوامة العنف المتنامية في ليبيا، على أن توقيع المسودة في الصخيرات حتى لو كان إنجازاً سياسياً لا يمكن الاستهانة بتأثيراته وتداعياته الإيجابية، فإنه يظل غير كاف لبلوغ اتفاق نهائي وشامل يدفع الحرب في ليبيا إلى أن تضع أوزارها.
اقرأ أيضاً: حوار مباشر بين الليبيين للمرة الأولى