وقالت خارجية فلسطين، في بيان لها وصلت نسخة عنه إلى "العربي الجديد"، إن "تصريحات كوشنر لا تعدو كونها تكراراً مُملاً لمواقف الإدارة الأميركية، ومحاولات فاشلة لتسويق هذه المواقف وفك العزلة عنها، تارة من خلال التلويح بالإغراءات الاقتصادية و(عائدات صفقة القرن) على شعوب المنطقة، والعمل على تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية اقتصادية إنسانية ليس لها أي بعد سياسي، وأخرى عبر مُحاولات خلق فجوة بين الفلسطينيين والعرب من جهة، وبين الفلسطينيين وقيادتهم من جهة أخرى".
وتابعت الخارجية الفلسطينية: "اختار كوشنر في تصريحاته الصحافية التغطية على حقيقة الموقف الأميركي المنحاز بشكل أعمى للاحتلال وسياساته الاستيطانية التوسعية، وتجاوز حقيقة أن الرئيس ترامب هو من بدأ العدوان على الشعب الفلسطيني وحقوقه، وتخلى بذلك عن الدور الأميركي في رعاية عملية سلام ومفاوضات ذات معنى".
ورأت الوزارة الفلسطينية أن "تصريحات كوشنر لا يمكن أن تصدر إلا عن شخص مبتدئ في السياسة، خاصة عندما يُحاول تحريض الشعب الفلسطيني على قيادته، وجعل الأزمة تتمحور حول ما يصفه بـ(تعنت) القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، دون أن يوضح المؤشرات التي بنى عليها هذا الموقف، ومتوهما بقدرته على إسقاط رغباته السياسية على الموقف الفلسطيني، مُتجاهلا حقيقة أن الشارع الفلسطيني يدعم القيادة التي تلتزم بثوابت الموقف الفلسطيني ولا تتنازل عنه، وهذا هو حال الرئيس محمود عباس".
وأضافت أن "كوشنر يمارس حملة تحريض واسعة على الجانب الفلسطيني، عندما يتحدث عن (أخطاء وقعت وفرص ضائعة دفع الفلسطيني ثمنها)، مُحاولاً بذلك تحميل الطرف الفلسطيني المسؤولية عن فشل وتعثر جولات المفاوضات السابقة، وعن تبعات الرفض الفلسطيني للانحياز الأميركي للاحتلال ومحاولات تصفية قضيته وحقوقه الوطنية والمشروعة. ليس هذا فحسب، وإنما أيضاً يُعبر عن جهل عميق وأمية سياسية بشؤون المنطقة وحقائق الصراع عندما يُشير إلى أن الرئيس عباس لديه نفس نقاط الحديث التي لا تتغير خلال 25 سنة".
وأردفت: "نعم إن نقاط ومحاور مواقف الرئيس محمود عباس هي ثوابت الموقف الفلسطيني والرؤية الفلسطينية لحل الصراع، والتي سيسمعها كوشنر من الرئيس محمود عباس أو غيره، وطيلة الوقت ما دام الصراع مستمراً. ويبلغ عمى الألوان السياسي لدى كوشنر مرحلة مُتقدمة عندما يتهم الرئيس عباس بالتركيز فقط على بقائه السياسي، فهذا المبتدئ في السياسة لم يقرأ عن تاريخ الرئيس عباس ومواقفه، ولم يستمع إلى حديثه المتواصل عن الرغبة في التقاعد وترك العمل السياسي، بالرغم من الالتفاف الشعبي الفلسطيني حوله، ودعوات قادة العالم له بالاستمرار في قيادة الشعب الفلسطيني، وشهادتهم له بأنه من أبرز صانعي ومريدي السلام".
وأشارت الوزارة إلى أن "كوشنر يقول إن المجتمع الدولي يشعر بالإحباط من القيادة الفلسطينية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: عن أي مجتمع دولي يتحدث صهر الرئيس الأميركي ترامب؟ من الواضح أن كوشنر يتحدث عن مجتمع دولي في خياله لا يمت بصلة لحقيقة المواقف الدولية الرافضة للسياسات والتوجهات الأميركية في أكثر من محطة دولية، بما فيها القضية الفلسطينية".
وأكدت الخارجية الفلسطينية أن "الإحباط الحقيقي الذي يشعر به المجتمع الدولي هو الإحباط من الرئيس ترامب وقراراته، فمنذ قدومه إلى البيت الأبيض يعمل على تخريب النظام الدولي، من خلال رفضه لاتفاقية تغيير المناخ، وإدخال العالم في معركة تجارية مع أوروبا والصين وكندا والمكسيك وغيرها، هذا بالإضافة إلى تهديده بوضع الأطفال اللاجئين في أقفاص، وسياساته المهزوزة والمبتورة تجاه قضية الهجرة، والعديد من تصريحاته ومواقفه التي تُهدد السلم الدولي وتزعزع الاستقرار العالمي، بما في ذلك الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران".
وقالت خارجية فلسطين إن "مواقف المجتمع الدولي ضد نهج وقرارات الرئيس الأميركي تجلت بوضوح في النجاحات التي حققتها القيادة الفلسطينية ودبلوماسيتها في أروقة الأمم المتحدة ومحافلها المختلفة التي ما زالت تحصد أصوات أغلبية الدول، في حين أن المواقف الأميركية التي يقودها ترامب هي التي تتعثر وتحصد الفشل تلو الآخر".
وأكدت "يبدو أن بعض عناصر الإدارة الأميركية، خاصة المسؤولين عن ملف الصراع، بحاجة إلى دروس مكثفة في تاريخ هذه المنطقة، وبالتحديد قصص الفشل الذريع لعشرات المؤامرات التي حاولت تصفية القضية الفلسطينية، والتي سقطت واحدة تلو الأخرى". وقالت خارجية فلسطين إن "القيادة الفلسطينية ليست بحاجة لـ(شهادات) من كوشنر وغيره من المنحازين للاحتلال وسياساته حول مدى التزامها بالسلام والشرعية الدولية وقراراتها، فمن يخرج عن هذه القرارات ويتحداها ويتمرد عليها ويتعامل مع الأزمات الدولية بلغة البلطجة لا يمكنه أن يتقمص دور الحكيم وراعي السلام".
وشددت على أنه "تدرك الإدارة الأميركية حجم الأزمة التي تعاني منها في تسويق طروحاتها وصفقتها المشبوهة، وهي على دراية تامة أن عقلية الصفقات التجارية وسياسة الإغراءات المالية والإملاءات السياسية، واستخدام سلاح قطع المساعدات، وصلت بفعل صمود شعبنا وثبات قيادتنا ودعم أشقائنا وأصدقائنا إلى طريق مسدود".
من جانبها، أكدت الحكومة الفلسطينية، في تصريحات لها على لسان المتحدث باسمها يوسف المحمود، اليوم الإثنين، أن "الشعب الفلسطيني له عنوان واحد ووحيد، هو منظمة التحرير الفلسطينية، التي تمثلها القيادة، وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس".
وقال المحمود إن "محاولات تجاوز قيادة شعبنا الفلسطيني كان مصيرها الفشل على مر التاريخ المعاصر، ولن تكون المحاولات الأميركية - الإسرائيلية الحالية في هذا الإطار أشدّ تأثيراً من سابقاتها".
وأضاف أن "ما راهنت عليه إدارة الرئيس الأميركي بالتهديد وموقفها المنحاز للاحتلال، واجهته القيادة الفلسطينية بالرفض القاطع والصريح، وهو ما قلب كافة الحسابات لدى واشنطن وتل أبيب".
وأوضح المحمود أن "استمرار بنيامين نتنياهو في اللجوء إلى نشر الإشاعات والتسريبات الكاذبة حول دعم الأشقاء العرب لـ(صفقة القرن) والرضى عن الإعلان الأميركي بشأن القدس، وتصوير العالم العربي وكأنه يلهث خلفه، ما هي إلا للتغطية على فشله والإدارة الأميركية بالترويج لـ(صفقة القرن)".
وأكد المحمود أن "محاولات النفاذ إلى الوعي الفلسطيني من خلال تشويه صورة القيادة، لن تنطلي على أبناء الشعب الفلسطيني، الذي يُعرف بعمق تجربته، ولا على قيادته التي واجهت على مدى سنوات طويلة كافة التقلبات وتصدت لجميع أنواع المِحَن".