تعيش داخل الدولة اللبنانية دولة أخرى موازية. الدولة الأولى لا تقدم الخدمات العامة المطلوبة للمواطنين، الدولة الموازية تبيعهم كل الخدمات التي لا تقدمها الأولى، بتكاليف مرتفعة جداً.
أهم هذه الخدمات، الكهرباء والمياه اضافة الى الانترنت. على ضفاف الدولة، يتواجد آلاف الشركات الخاصة، التابعة بمعظمها لأحزاب ينتمي إليها الوزراء والنواب في الحكومات اللبنانية المتعاقبة.
هذه الشركات، تقدم خدمة الكهرباء عبر المولدات الخاصة، بكلفة تراوح بين 33 دولاراً وصولاً الى 125 دولاراً، عن كل 5 "أمبير" من الكهرباء، تقدم لكل منزل لبناني قادر على دفع هذه الكلفة. أما العائلات التي لا تسمح لها قدرتها الشرائية بدفع هذا المبلغ، فتعيش طوال العام على وقع التقنين الكهربائي الذي يصل في بعض المناطق الى 16 ساعة يومياً.
مياه وانترنت و"دش"
كذلك، تتوافر مئات الشركات الخاصة التي توزع مياه الاستخدام، شركات صغيرة بطبيعتها، وتابعة هي الأخرى بمعظمها لأشخاص يتبعون بنحو مباشر أو غير مباشر لجهات سياسية نافذة.
اما كلفة المياه التي تشتريها العائلات، فتراوح بين 20 الى 40 دولاراً، وتكفي كميتها لحوالي الثلاثة أيام فقط.
والحال نفسها تنطبق على الانترنت والستالايت، حيث يتوافر في جميع المناطق اللبنانية موزعون لخدمة الانترنت، برغم من أن الدولة تقوم ببيع هذه الخدمة. وهؤلاء الموزعون، يستفيدون من الفوضى القائمة في قطاع الاتصالات لرفع كلفة الاشتراك لتصل الى حوالي 80 دولاراً شهرياً على كل مشترك.
ما قصة الفوضى؟
وقد ارتفعت الأصوات منذ أيام في لبنان. كلها تحذر من أزمة كهرباء ومياه تعم المناطق اللبنانية. وكلها تقول إن اللبنانيين سيحرمون من هاتين الخدمتين. وذلك بالرغم من أن الحكومات المتعاقبة دفعت مليارات الدولارات للقيام بإصلاح شبكتي الكهرباء والمياه.
فقد أعلنت مؤسسة الكهرباء اللبنانية ارتفاع حدة التقنين الى أكثر من 10 ساعات يومياً. وبالتوازي، اعلنت مؤسسات المياه عن مشكلة ضخمة في توفير حاجة اللبنانيين من المياه، لدرجة أن رئيس لجنة الأشغال والمياه اللبناني، دعا الى استيراد المياه الى لبنان من قبرص!
ما قصة هذه الفوضى كلها؟.. من يتحمل المسؤولية؟.. وكيف يعيش اللبنانيون في ظل حرمانهم من أدنى حقوقهم في الحصول على كهرباء ومياه كأي شعب يدفع الضرائب والرسوم ليحصل على الخدمات العامة؟.