تدخل فرنسا شهرها الثاني في الحجر الصحي الإجباري، وسط مؤشرات تُظهر انخفاضاً طفيفاً في عدد الإصابات الجديدة بفيروس كورونا وعدد المرضى الذين يتلقون العلاج في العناية المركزة في الأيام الأخيرة، وهو ما عزاه المدير العام للصحة في البلاد، جيروم سالومون، خلال إيجازه الصحافي اليومي أول من أمس الثلاثاء، إلى "احترام إجراءات الحجر" من قبل الفرنسيين.
مشاهد الفوضى العارمة التي انتشرت في الأيام الأولى للحجر الصحي اختفت تماماً، مع نجاح الإجراءات والتطمينات الحكومية في تهدئة الناس قليلاً، إذ أصبح التسوق أكثر تنظيماً مع تمكّن مراكز تسوق الغذاء من إيجاد نظام ينهي حالة الفوضى عبر تنظيم دخول المشترين وضمان عدم حدوث تجمّعات داخل تلك المراكز.
انتظام الحياة في ظل إجراءات الحجر تثبته الإحصائيات الحكومية، إذ أكد وزير الداخلية كريستوف كاستانير أخيراً أن "65 مليون فرنسي يحترمون بشكل عام إجراءات الحجر الصحي"، واصفاً إياهم بأنهم من "بين الذين يحترمون إجراءات الحجر على أفضل وجه" مقارنة بدول أخرى.
هذا المشهد، الذي بدا مستقراً في الأيام الأخيرة، غيّرت معالمه كلمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مع إعلانه تمديد إجراءات الحجر شهراً إضافياً حتى 11 مايو/أيار المقبل، وهو موعد أيضاً لإعادة فتح تدريجي لمؤسسات تعليمية مثل المدارس وروضات الأطفال، الأمر الذي أحدث جلبة كبيرة في الداخل الفرنسي. فما إن انتهى ماكرون من كلمته، حتى انتشر تعليق ناقد بين الفرنسيين على وسائل التواصل الاجتماعي يقول "إذاً، في الحادي عشر من مايو لن يكون بمقدورنا وضع 20 شخصاً في مطعم، لكن في المقابل سنكون قادرين على وضع 35 طفلاً داخل صف مؤلف من 20 متراً مربعاً. شكراً للرئيس".
ذلك التعليق ينطلق من الهدف وراء إعادة فتح مؤسسات تعليمية مقابل استمرار إغلاق الأماكن العامة، مثل المطاعم وصالات السينما وأماكن الترفيه والحفلات. وهو ما لمّح إليه البعض على أنه خطة أو اتفاق لإعادة الموظفين إلى المؤسسات من خلال إيجاد من يتكفل برعاية أطفالهم، وبذلك تعود عجلة الإنتاج إلى الدوران لتدارك الخسائر الكبيرة التي لحقت بالاقتصاد.
موقع "ميديا بارت" ذهب إلى حد وصف إجراء إعادة فتح المدارس وبعض المؤسسات بأنه "فقدان للوعي" لأنه يعرّض الموظفين الذين يعيشون بالفعل ظروف عمل صعبة للغاية بالإضافة إلى أبنائهم الطلبة وعائلاتهم للخطر، وذلك نظراً لعدم وضوح إجراءات الحماية التي يمكن أن تتّبعها الحكومة في حال نجحت بالفعل في فرض هذا القرار على الموظفين.
اقــرأ أيضاً
وعلى الرغم من كل الانتقادات والجلبة التي أحدثها ماكرون بعد كلمته، إلا أن استطلاع رأي أجرته صحيفة "ليزيكو" أظهر أن 62 في المائة من الفرنسيين وجدوا كلمة ماكرون مقنعة، فيما اعتبر 37 في المائة أنه لم يكن مقنعاً تماماً أو غير مقنع على الإطلاق. هذه الأرقام الإيجابية يعود الفضل فيها إلى الأداء الذي يقوم به ماكرون، إذ يعتبر كثير من المراقبين أنه يتحدث بتواضع للمرة الأولى منذ توليه منصب الرئاسة أمام الفرنسيين، ففي كلمته يوم الإثنين الماضي، والتي شاهدها 36.7 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد سكان فرنسا، اعترف الرئيس الفرنسي بأن بلاده لم تكن مستعدة لمثل هذه الأزمة، مؤكداً أن بلاده ستستخلص العبر مما حدث وتعالج أوجه القصور.
وكانت شعبية ماكرون قد شهدت قفزة كبيرة في الأسبوعين الأولين من الأزمة، إذ انتزع ثقة 51 في المائة من الفرنسيين بحسب استطلاع أجرته مؤسسة "هاريس انتراكتيف". وقال جان دانييل ليفي، رئيس وحدة الاستطلاع السياسي، في مذكرة مرفقة بالاستطلاع: "من النادر رصد مثل هذا التغير... آخر مرة حظي فيها رئيس دولة بمثل هذه الزيادة الملحوظة كانت أثناء هجمات يناير/كانون الثاني 2015" (التي وقعت في أرجاء منطقة إيل دو فرانس، لا سيما باريس).
سلوك ماكرون يبدو أنه اتجاه عام لدى المسؤولين الفرنسيين، إذ يمكن ملاحظته لدى كثير من رؤساء البلديات أو المناطق، الذين باتوا يحرصون كل يوم على التحدث إلى الناس في مواقع التواصل الاجتماعي، لدرجة أنهم أصبحوا يستخدمون موقع "إنستغرام" على سبيل المثال كأي شخص عادي ينشر يومياته، ما أحدث تفاعلاً كبيراً بينهم وبين السكان.
لكن في المقابل، يرى المحلل الاقتصادي والسياسي لويك نيرين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة "ارتكبت سلسلة من الأخطاء الفادحة، إن لم تكن قرارات مذنبة، في محاولتها السيطرة على الوباء". ويقارن الإجراءات التي تم اتخاذها في كوريا الجنوبية والصين، قائلاً: "قررت الصين، التي نعلم أنها تضع اقتصادها أولاً وقبل كل شيء، الاحتواء الكامل والسريع للغاية، بينما لم تقرر فرنسا حتى الآن إجراء اختبارات الفحص أو ارتداء الكمامات"، مضيفاً: "أكثر من ذلك، كانت تصريحات أعضاء الحكومة المتناقضة كافية لإثارة الشك في كيفية إدارة هذه الأزمة، في وقت يكون لكل حرف أهمية في مثل هذه الحالات، فعلى سبيل المثال ما زلنا نذكر تصريح المتحدثة باسم الحكومة سيبيث ندياي نهاية مارس/آذار عندما قالت إن الكمامات مفيدة للمرضى فقط، بينما الآن تتحدث الحكومة عن ضرورة ارتدائها من قبل الجميع وتحاول توفيرها".
مشاهد الفوضى العارمة التي انتشرت في الأيام الأولى للحجر الصحي اختفت تماماً، مع نجاح الإجراءات والتطمينات الحكومية في تهدئة الناس قليلاً، إذ أصبح التسوق أكثر تنظيماً مع تمكّن مراكز تسوق الغذاء من إيجاد نظام ينهي حالة الفوضى عبر تنظيم دخول المشترين وضمان عدم حدوث تجمّعات داخل تلك المراكز.
انتظام الحياة في ظل إجراءات الحجر تثبته الإحصائيات الحكومية، إذ أكد وزير الداخلية كريستوف كاستانير أخيراً أن "65 مليون فرنسي يحترمون بشكل عام إجراءات الحجر الصحي"، واصفاً إياهم بأنهم من "بين الذين يحترمون إجراءات الحجر على أفضل وجه" مقارنة بدول أخرى.
ذلك التعليق ينطلق من الهدف وراء إعادة فتح مؤسسات تعليمية مقابل استمرار إغلاق الأماكن العامة، مثل المطاعم وصالات السينما وأماكن الترفيه والحفلات. وهو ما لمّح إليه البعض على أنه خطة أو اتفاق لإعادة الموظفين إلى المؤسسات من خلال إيجاد من يتكفل برعاية أطفالهم، وبذلك تعود عجلة الإنتاج إلى الدوران لتدارك الخسائر الكبيرة التي لحقت بالاقتصاد.
موقع "ميديا بارت" ذهب إلى حد وصف إجراء إعادة فتح المدارس وبعض المؤسسات بأنه "فقدان للوعي" لأنه يعرّض الموظفين الذين يعيشون بالفعل ظروف عمل صعبة للغاية بالإضافة إلى أبنائهم الطلبة وعائلاتهم للخطر، وذلك نظراً لعدم وضوح إجراءات الحماية التي يمكن أن تتّبعها الحكومة في حال نجحت بالفعل في فرض هذا القرار على الموظفين.
وعلى الرغم من كل الانتقادات والجلبة التي أحدثها ماكرون بعد كلمته، إلا أن استطلاع رأي أجرته صحيفة "ليزيكو" أظهر أن 62 في المائة من الفرنسيين وجدوا كلمة ماكرون مقنعة، فيما اعتبر 37 في المائة أنه لم يكن مقنعاً تماماً أو غير مقنع على الإطلاق. هذه الأرقام الإيجابية يعود الفضل فيها إلى الأداء الذي يقوم به ماكرون، إذ يعتبر كثير من المراقبين أنه يتحدث بتواضع للمرة الأولى منذ توليه منصب الرئاسة أمام الفرنسيين، ففي كلمته يوم الإثنين الماضي، والتي شاهدها 36.7 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد سكان فرنسا، اعترف الرئيس الفرنسي بأن بلاده لم تكن مستعدة لمثل هذه الأزمة، مؤكداً أن بلاده ستستخلص العبر مما حدث وتعالج أوجه القصور.
وكانت شعبية ماكرون قد شهدت قفزة كبيرة في الأسبوعين الأولين من الأزمة، إذ انتزع ثقة 51 في المائة من الفرنسيين بحسب استطلاع أجرته مؤسسة "هاريس انتراكتيف". وقال جان دانييل ليفي، رئيس وحدة الاستطلاع السياسي، في مذكرة مرفقة بالاستطلاع: "من النادر رصد مثل هذا التغير... آخر مرة حظي فيها رئيس دولة بمثل هذه الزيادة الملحوظة كانت أثناء هجمات يناير/كانون الثاني 2015" (التي وقعت في أرجاء منطقة إيل دو فرانس، لا سيما باريس).
سلوك ماكرون يبدو أنه اتجاه عام لدى المسؤولين الفرنسيين، إذ يمكن ملاحظته لدى كثير من رؤساء البلديات أو المناطق، الذين باتوا يحرصون كل يوم على التحدث إلى الناس في مواقع التواصل الاجتماعي، لدرجة أنهم أصبحوا يستخدمون موقع "إنستغرام" على سبيل المثال كأي شخص عادي ينشر يومياته، ما أحدث تفاعلاً كبيراً بينهم وبين السكان.
لكن في المقابل، يرى المحلل الاقتصادي والسياسي لويك نيرين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة "ارتكبت سلسلة من الأخطاء الفادحة، إن لم تكن قرارات مذنبة، في محاولتها السيطرة على الوباء". ويقارن الإجراءات التي تم اتخاذها في كوريا الجنوبية والصين، قائلاً: "قررت الصين، التي نعلم أنها تضع اقتصادها أولاً وقبل كل شيء، الاحتواء الكامل والسريع للغاية، بينما لم تقرر فرنسا حتى الآن إجراء اختبارات الفحص أو ارتداء الكمامات"، مضيفاً: "أكثر من ذلك، كانت تصريحات أعضاء الحكومة المتناقضة كافية لإثارة الشك في كيفية إدارة هذه الأزمة، في وقت يكون لكل حرف أهمية في مثل هذه الحالات، فعلى سبيل المثال ما زلنا نذكر تصريح المتحدثة باسم الحكومة سيبيث ندياي نهاية مارس/آذار عندما قالت إن الكمامات مفيدة للمرضى فقط، بينما الآن تتحدث الحكومة عن ضرورة ارتدائها من قبل الجميع وتحاول توفيرها".
وبانتظار 11 مايو المقبل، يبدو أن الغالبية الساحقة من الفرنسيين تؤمن بخطة الحجر، التي بدأت بصورة حرصت الحكومة على أن تكون لطيفة ووقعها خفيفاً على الفرنسيين، قبل أن تصبح الآن في غاية الضيق مع مصادرة قرار السماح بإجراء النشاطات الرياضية الفردية مثل المشي أو الركض من دون اعتراض يذكر. حتى أن بعض الفرنسيين الحريصين على تنفيذ خطة الحجر اتخذوا وضعية الشرطي، لدرجة أن قرابة الـ70 في المائة من المكالمات التي تتلقاها مراكز الشرطة في المدن الكبيرة هي بلاغات من فرنسيين ضد فرنسيين ينتهكون إجراءات الحجر، بحسب ما أعلنته نقابة الشرطة البديلة أمس الأول الثلاثاء.