وحظي المقترح بدعم اليمين المتشدد بشكل أساسي، بعد سجال استمر لأشهر، بسبب رفض البعض المصافحة باليد، سواء داخل البلد أو في دول أوروبية أخرى، من بينها سويسرا التي ألغت في وقت سابق من هذا العام منح جنسيتها لزوجين رفضا مصافحة موظفين من الجنس الآخر، فيما سارعت وزيرة الهجرة والدمج في الدنمارك، إنغا ستويبرغ، لاستغلال تلك الحادثة، ورفض التسامح الذي كان يقبل في الدنمارك عدم سلام بعض المسلمين على الجنس الآخر، لتدفع باتجاه جعل "المصافحة باليد" شرطا للحصول على الجنسية.
وعلى مدى أشهر اشتغلت ستويبرغ، بدعم من حزب الشعب الدنماركي اليميني المتشدد، لجمع أغلبية برلمانية لتمرير القانون الملزم، وأصبح الشرط وبمفعول فوري قانونا "سيشمل تعهدا مُوقعا من مقدمي طلب الجنسية (يشمل مهاجرين ولاجئين ينتظرون لسنوات وعليهم النجاح في امتحان الجنسية) بمصافحة الجنس الآخر أثناء حفل توزيع شهادة الجنسية"، بحسب الوزيرة ستويبرغ. وتعتبر هذه الوزيرة أن "السجال الذي اندلع قبل أسابيع بسبب تصريح المتحدث باسم حزب التحرير (الإسلامي) في الدنمارك بأنه لن يصافح ولن يتعهد بذلك، ساهم بالتعجيل في تبني القانون، وهو بذلك لن يكون دنماركيا منذ الآن (وهو شخص دفع بطلب الحصول على الجنسية منذ فترة)".
ولقي القانون معارضة عدد من رؤساء البلديات، حيث تجري عادة في قاعاتها احتفالات منح الجنسية، باعتباره يلقي على عاتقهم مسؤولية مراقبة من يصافح ومن يرفض المصافحة، إذ يمكن وقف الجنسية في حال رفض الشخص المصافحة. وتعتبر رئيسة بلدية هيسلنيورفي شمال العاصمة كوبنهاغن، من حزب المحافظين في الائتلاف الحكومي، بينديكتا كيير، أن "فحص من يصافح يجب أن يقوم به مانحو الجنسية في البرلمان وليس البلديات، فالساسة في البرلمان عليهم تنفيذ ذلك لأن لدينا مهام أخرى كثيرة نقوم بها بدل مراقبة الناس ومن لا يصافح".
من جهة ثانية، وقفت أحزاب يسارية ضد هذا القانون وذهب يسار الوسط نحو الامتناع عن التصويت الذي سيطبق في الأول من يناير/كانون الثاني القادم، فترة الدفعة الجديدة للجنسيات التي يجري تدارسها حاليا. واعتبر حزب اللائحة الموحدة اليساري أن "القانون لا تأثير له في مسألة الاندماج، بل هو تعبير عن حالة نفاق، فالسؤال الأساسي يرتبط بمدى التزام الناس بالنظام العام وليس بالمصافحة، فالمصافحة لا تعبر عن أن الناس سيتصرفون بشكل يحترم النظام والدستور، بل سيعطي صورة زائفة".
وينصّ التعهد بالمصافحة على توقيع آخر يتعهد فيه طالب الجنسية بـ"احترام الدستور والقيم والثقافة الدنماركية". ويأتي طلب التعهد الخطي بعد بروز حالات شبابية، وخصوصا من جماعة صغيرة بين المسلمين، تتمثل في حزب التحرير، الناشط بقوة بين صفوف الشبان من أصول مهاجرة، وبعض الجماعات الأخرى، أثارت جدلا في مجتمع الدنمارك بتعبيرها الصريح عن رفض القيم والديمقراطية في الدنمارك. وأثارت تلك المواقف موجة سجال دفعت بالتشدد في كثير من القضايا المتعلقة بمجتمع الهجرة، ومنها إغلاق مدارس إسلامية، ورفض منح الجنسيات وسحبها من آخرين بتهم مختلفة، وعلى رأسها الانخراط في "تعظيم فكر العنف والإرهاب"، كما في قضية المغربي الدنماركي سام منصور، الذي سحبت جنسيته وتفاوض الدنمارك على إبعاده إلى بلده الأصلي بعد إقامة لأكثر من ثلاثة عقود وتأسيسه عائلة في البلد، ولم تنجح كل محاولاته أمام محاكم البلد بوقف قرار سحب جنسيته. وبات مؤخرا من السهل سحب جنسية وإقامة البعض لمجرد اتهامه بالدعوة والتشجيع على الإرهاب.
وتخشى وزيرة الهجرة إنغا ستويبرغ، ومعها الحزب اليميني المتشدد "حزب الشعب الدنماركي"، من أن "حمل الجنسية الدنماركية من قبل أشخاص يرفضون قيم وديمقراطية الدنمارك يشكل خطرا على البلد"، كما بررت فرض التعهد بالمصافحة واحترام الدستور والقيم، ما يمكن أن يسهل أيضا سحب الجنسية لمن يعتبر مخالفا لما تعهد به.
يذكر أن القانون الجديد يمنع أيضا المصافحة بارتداء بعض النساء المسلمات للقفازات، وينص على أن طريقة المصافحة يجب أن تكون بالكف العاري.