أعلن القصر الملكي في كوبنهاغن في وقت مبكر من فجر اليوم الأربعاء، عن أن الأمير هنريك، زوج الملكة مارغريتا الثانية، توفي عن عمر يناهز الـ83 عاماً. واستيقظ الدنماركيون على أصوات أجراس الكنائس وتنكيس الأعلام حتى 20 شباط/فبراير.
وهنري ماري جان اندري دي لابرود دي مونبيزات (اسمه الكامل)، الصحافي والدبلوماسي الفرنسي السابق، عاش أكثر من نصف حياته في الدنمارك، منذ منتصف الستينيات، إثر زواجه من الأميرة مارغريتا، التي أصبحت ملكة بعد وفاة أبيها الملك فريدريك في عام 1972، بعد تغيير دستوري سمح للمرأة أن تعتلي العرش الملكي.
وكان الرجل في الثالثة والثلاثين من عمره حين أصبح جزءاً من "الحياة الملكية"، وقد أثارت تصرفاته في البداية الكثير من الاستغراب، كونه عاش ما يشبه حياة "التمرد" على التقاليد. ففي بداية زواجه لم يتردد في الخروج من دون حراسات، وزيارة مجتمعات الهيبي في منطقة كريستيانيا، المشهورة في كوبنهاغن ببيع مادة مخدر الحشيش، بالإضافة إلى تصرفات أخرى.
اكتسب هذا الأمير مع السنوات شعبية كبيرة بين الدنماركيين. لكنه بين فينة وأخرى لم يكن يتردد بانتقاد البلد الذي عامله فيه بعضهم كـ"غريب" رغم كل السنوات التي عاشها و"الخدمات التي قدمها للبلد". وبقي هنريك يعيش كفرنسي بلكنة لم ترق للكثيرين، وعلى الرغم من ذلك أثار في حياته إعجاب مؤيدي الملكية بتواضعه وتعبيره عن رأيه تجاه "الأجانب" بشكل إيجابي، من دون أن يتردد في انتقاد انغلاق الدنماركيين.
وشارك هنريك زوجته في "رحلات عمل رسمية" حول العالم، ضمن مهام الملكية الدستورية، لتسويق الدنمارك ومصالحها الاقتصادية والسياسية. وهو مهتم أيضاً مع مارغريتا بالقضايا الفنية والثقافية، بيد أنه كان أكثر انفتاحاً على العالم والثقافات الأخرى، وكثيراً ما كان يسافر إلى مصر التي يبدو أنها جذبته، وله منها وفيها أصدقاء ومنهم رجل الأعمال المصري الدنماركي عنان الجلالي. وبقي في مصر مدة شهر قبل أن يعاد على وجه السرعة في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، إثر التهاب رئوي حاد أودى بحياته فجر اليوم.
في السنوات الأخيرة بدأ التمرد يظهر على الرجل بشكل أكبر، فقد عبر عن غضبه في العام الماضي 2017 لأنه لم يمنح اللقب الكامل وظل "زوج الملكة"، وتقاعد في 2017 عن مهامه الملكية في عمر 82 سنة. وعبّر هنريك في السنة الماضية عن "عدم الرغبة في أن أدفن مع الملكة مارغرتيا في المقابر الملكية بروسكيلدا"، مثيراً الكثير من الجدل، ولكن ذلك لم يجعل شعبيته أقل بين أغلبية بدأ بعضها منذ السابعة صباحاً يتوافد إلى المساكن الملكية في بعض المدن، للتعبير عن العزاء للعائلة المالكة.
وفي فرنسا ذهبت المواقع والصحف، بما فيها كبرياتها مثل "اللوموند" و"فيغارو"، إلى التطرق لوفاة "جلالة ملك الدنمارك"؛ وهو تعبير قرأه الدنماركيون اليوم كنوع من الانتقاد الذي يوجهه الفرنسيون لطريقة تعامل البلد مع أميرهم وعدم منحه لقب ملك، وهو ما كان يأمله الفرنسيون طيلة 50 سنة بعد 700 عام من انقطاع العلاقة الملكية بين فرنسا والدنمارك.
وأدخل هنريك يوم الجمعة الماضية إلى المشفى الوطني، فعاد ولي العهد فريدريك من كوريا الجنوبية قبل افتتاح الأولمبياد ليكون بجانب أبيه وأخيه يواكيم وزوجتيهما وأطفالهما، ونقل أمس برغبته إلى قصر "فرديدنسبورغ سلوت". وتسود تكهنات بأن الملكة مارغريتا ربما تتنازل عن عرشها لابنها ولي العهد فريدريك، بعد سنوات طويلة من الحكم.