وقال خبراء اقتصاد ومتعاملون في سوق العملات، لـ"العربي الجديد" إن قرار التعويم لم يؤد النتائج المرجوة منه، موضحين أن المضاربات انتقلت من السوق السوداء للبنوك، حيث لوحظ خلال الأيام الماضية تذبذب كبير في سعر الصرف بين البنوك العامة والخاصة مع شح المعروض من الدولار.
ولامس سعر العملة الأميركية 19 جنيهاً في السوق السوداء، في حين تراوح في البنوك بين 17 و18 جنيهاً، خلال اليومين الماضيين.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي وائل النحاس، لـ"العربي الجديد"، إن "قرار تعويم الجنيه لم نلمس له أي إيجابيات حتى الآن، خاصة أن الحكومة أعلنت أكثر من مرة أن استثمارات بمليارات الدولارات ستأتي إلى مصر عقب التعويم، لكن المؤشرات الأولية تؤكد تخوف المستثمرين من تذبذب سوق العملات".
وأوضح النحاس أنه "قبل تحرير سوق الصرف كان لدينا سعران للدولار والآن أصبح لدينا عدة أسعار إذ انتقلت المضاربة من السوق السوداء إلى البنوك الحكومية والخاصة".
وأشار إلى أن البنك المركزي أصدر قراراً بتعويم الجنيه وتركه للعرض والطلب، موضحاً عدم وجود آليات وقواعد محدّدة لإدارة سوق العملات.
وأكد النحاس أن أزمة السوق السوداء لن تنتهي إلا إذا وفرت البنوك العملات الأجنبية للعملاء، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
ولفت النظر إلى أن مسؤولين بالحكومة توقعوا أن تشهد الأيام الأولى للتعويم حصيلة ما بين 3 إلى 4 مليارات دولار، لكن ما تم جمعه نحو 850 مليون دولار فقط، في حين أن هناك تقارير تؤكد وجود نحو 60 مليار دولار خارج السوق المصرفي.
وأشار إلى أن تعويم الجنيه لن ينتج عنه زيادة في الصادرات بل إن التجارب السابقة تؤكد تراجع الصادرات رغم خفض العملة المحلية.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي نبيل محمد، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية تداعيات أزمة سوق الصرف لأنها لم تستخدم الآليات المتعارف عليها لتخفيض الطلب على الدولار مثل تقييد الاستيراد، وهو حق تجيزه منظمة التجارة العالمية للدول التي تعاني من خلل في ميزان مدفوعاتها أو التي تتعرض فيها الصناعات لخطر جسيم.
وأشار إلى أن الحكومة استمرت في السماح للشركات الأجنبية بالحصول على احتياجاتها من الدولار من السوق المحلي، وقيام هذه الشركات بالمضاربة على العملات أحيانا، وقد سبق لإحدى الشركات العاملة في تجميع السيارات الحصول على قرض من البنك الأهلي قيمته 150 مليون دولار ثم تردد أنباء عن تصفية أعمالها بعد ذلك ولم يعرف مصير القرض.
وأضاف محمد، أنه "لا يمكن إغفال الاستنزاف الذي حدث عبر الإنفاق على مشروعات ضخمة كان من الممكن تأجيلها مثل توسعة قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، حيث كان من الأفضل أن توجه القروض والمنح لإعادة تشغيل المصانع المتوقفة والمتعثرة".
وكانت الحكومة جمعت 64 مليار جنيه شهادات استثمار لحفر تفريعة قناة السويس الجديدة، بفائدة 12% سنوياً تم رفعها إلى 15.5 % بعد تعويم الجنيه، ورغم ذلك تراجعت إيرادات القناة، ما فاقم أزمة الدولار.
وقال رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة لـ"العربي الجديد"، إن "قرار التعويم سيئ وجاء في توقيت غير مناسب".
وأشار إلى أن الحكومة رضخت لتعليمات صندوق النقد الدولي الذي يعتبر دخوله خراباً على الدولة، وفقا لكل التجارب السابقة.
وتسعى مصر إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي يبلغ 12 مليار دولار على 3 سنوات للحد من الأزمة المالية، وطلب الصندوق من الحكومة مرونة أكثر للعملة المحلية وإلغاء الدعم لإتمام القرض.
وحذر شيحة، من أنه في حالة عدم توفير الدولار للمستوردين قد يرتفع في السوق السوداء لأكثر من 30 جنيها، لافتا إلى أن الحكومة لم تحدد حتى الآن سعر الدولار الأميركي، وآليات وشروط الشراء من البنك وفقا لقرار التعويم.
وأوضح أن التعويم سيظهر تأثيره على بعض السلع خلال الفترة القريبة في ظل استيراد مصر أكثر من 70% من استهلاكها. وقررت الحكومة عقب التعويم زيادة أسعار الوقود بنسبة وصلت إلى 47%.