وكعادتهم في كل ذكرى، رفع التونسيون الأعلام التونسية والفلسطينية تعبيراً عن دعمهم القضية الفلسطينية التي لم تغب عن هذه الاحتفالات، ولم تمنع برودة الطقس التونسيين وبعض الوجوه السياسية ومكونات المجتمع المدني من الحضور والاحتفال برفقة أبنائهم.
وغابت الشعارات عن الاحتفال بالذكرى الثامنة للثورة، إذ نادرًا ما كانت بعض الأصوات ترتفع للتذكير بإحدى الشعارات، مثل "مهما يحدث ومهما سيحدث تونس بعد الثورة أفضل"، فإن عائلات شهداء وجرحى الثورة لم تفوت هذه المناسبة لرفع صور أبنائها الشهداء والتذكير بمطالبها في كشف الحقيقة.
وتميز المشهد اليوم بحضور أمني مكثف، إذ تم تطويق أغلب مداخل شارع الحبيب بورقيبة وتفتيش المارة تجنبًا لأي "مفاجآت" من شأنها تنغيص فرحة التونسيين.
وقال القيادي في حركة النهضة، والنائب سمير ديلو لـ"العربي الجديد" إنّ ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011 فتحت صفحة جديدة للتونسيين، إذ تم طي صفحة الاستبداد، مضيفًا أن الثورة حققت نجاحات تتعلق بالحريات والجانب السياسي والانتقال الديمقراطي، لكن الجانبَين الاقتصادي والاجتماعي لا يزالان في حاجة إلى مزيد التضحيات والعمل وتوحيد الجهود حوله، مبينًا أن "الحضور المكثف للأحزاب هو للاحتفال، والنهضة كانت حاضرة في كل الاحتفالات، وسنويًا يأتي أنصار الحركة من كل المحافظات للاحتفال ومشاركة التونسيين فرحتهم".
بدوره، قال القيادي في "حزب المؤتمر من أجل الجمهورية"، سمير بن عمر، إن الاحتفال بالذكرى الثامنة للثورة يأتي في ظرف سياسي دقيق، لأن مكاسب الثورة مهددة، مضيفًا في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "المحكمة الدستورية، وحتى الساعة، لم يتم تركيزها، والهيئات الدستورية تتعثر، ومصير هيئة الانتخابات غامض، إلى جانب غياب الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فالشعب التونسي يدفع فاتورة سوء الاختيارات".
وبيّن أنه "لا بد من تصحيح مسار الثورة عبر التوجه إلى صناديق الاقتراع، وعبر انتخابات نزيهة يشارك فيها الشباب بكثافة، ومن أجل المساهمة في تحديد مصير البلاد وتخليص تونس من سوء الاختيارات باختيار قيادات وفية لتطلعات الشعب التونسي".
وعلّل الوجود الحزبي المكثف بالقول إن "حزب المؤتمر هو حزب الثورة، وبقطع النظر عن أي اعتبارات، فإن المؤتمر تعوّد أن يكون في الشارع، وهي فرصة للأحزاب للتعريف بنفسها وإحياء هذه الذكرى، رغم أن بعض الأحزاب تؤلمها هذه الذكرى".
من جانبه، قال المواطن التونسي محمد علي الماهري، إن "أهم مكسب للتونسيين هو الحرية والعيش بكرامة، أما بقية المطالب فستأتي تباعًا"، مضيفًا أن "الأجواء هادئة إلى حد الآن، ووجود الأحزاب طبيعي؛ كل منهم يدافع عن وجوده".
وقدمت الستينية منال من محافظة توزر جنوب تونس لتشارك التونسيين فرحتهم ولتواكب احتفالات شارع الحبيب بورقيبة، التي تعتبرها "مميزة ولها نكهة خاصة"، مبينة في حديث لـ"العربي الجديد" أنها "تحب كثيرًا هذا الشارع باعتباره رمز الثورة التونسية والحرية".
وأضافت أن "ما حصل يوم 14 يناير 2011 جيد ومفرح ونقلة نوعية لتونس وللشعب التونسي، بقطع النظر عن أية صعوبات تشهدها البلاد حاليًا".
ومتلحفة بالعلم التونسي، كانت خدوجة بوغانمي تجوب بدورها شارع الحبيب بورقيبة تارة تلتقط الصور مع عموم التونسيين، وتارة تهتف بالثورة التونسية. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الثورة هي عيد ويوم فرحة، وما نعيشه من انتقال هو للجيل الحالي ومن أجل المستقبل"، وأملها أن ينتخب التونسيون "شخصًا يخاف الله في تونس".
وأضافت أنها "لم تفوت احتفالًا وأمنيتها أن ترفع راية تونس عاليًا، وأن يكون هذا البلد بخير".