لم تكن الفنانة الفلسطينية سحر وشاح تمل من المشاركة في مسابقات الرسم في مدرستها حين كانت طفلة، على الرغم من الإحباط الذي تحظى به في كل مرة ، إذ سخرت كل طاقاتها من أجل النجاح، والفوز بالمراتب الأولى، وهذا ما حصل فعلاً.
الطفلة سحر وشاح كَبُرت وأصبحت فنانة محترفة، تجيد مختلف أنواع الفنون، إذ ترسم لوحات باستخدام ألوان "الأكريليك"، إلى جانب الرسم على الزجاج بالألوان المائية، وصناعة المجسمات الفنية والأعمال الفنية التشكيلية، علاوة على مجموعة من الفنون المعاصرة.
حُب سحر للتميز، دفعها إلى التفكير بأساليب مبتكرة، وغير تقليدية، فاتجهت إلى الرسم بالخيطان، وهي أداة أكثر صعوبة وتعقيداً من الرسوم التشكيلية، ويعتبر من الفنون الصعبة، التي تتطلب جهداً ووقتاً، إلى جانب تزيين لوحاتها برسوم "الماندالا"، وهي زخارف هندية، للخروج بلوحات تحمل رونقاً مختلفاً.
وتقول الفنانة سحر وشاح (24 عاماً) من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وهي خريجة تعليم أساسي من جامعة الأزهر بغزة، إن حكاية عشقها للرسم بدأت معها منذ الطفولة، إذ شعرت مُدرسة الفنون الجميلة تميز رسوماتها عن باقي الأطفال.
وتشير سحر لـ"العربي الجديد" إلى أنّ تميزها في الرسم عن زملائها في الفصل، دفع أستاذتها للطلب منها المشاركة في مسابقة خاصة في الرسم، مضيفة: "شاركت برسمة خاصة في السوق، لكنني لم أنجح في المسابقة على الرغم من جمال لوحتي، وذلك لسبب غريب، وهو أن عدد من الأطفال، شاركوا برسومات جاهزة لرسامين وخطاطين محترفين، ما دفع اللجنة لتفضيل رسوماتهم".
وتشير إلى أن الموقف أثر بها سلباً، وأورثها حالة من الإحباط، امتدت لفترة طويلة، لكنها تجاوزتها عبر المشاركة في مسابقة أخرى كانت قد أجريت في المرحلة الإعدادية، سبقها طلب المعلمة صناعة مجسم ورقي لـ "بطة"، فقامت بصناعتها بطريقة جميلة، لكن المعلمة اختارت زميلتها لقربها منها، ما أحبطها مجدداً.
حالة الإحباط امتدت هذه المرة لمرحلة الثانوية، لكن الفنانة سحر كانت تمارس هواية رسم وجوه القصص والمسلسلات الكارتونية وتلوين دفاتر الرسم، وتحاول تقليد الرسومات بداخلها، إلى أن شاركت مجدداً في مسابقة عام 2010 بلوحة عن الحرب الأولى التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة عامي 2008/2009.
المسابقة كانت لمختلف المراحل العمرية، وفازت فيها الفنانة وشاح، حيث حصلت على المركز الأول لمرحلة الثانوية على مستوى المنطقة الوسطى في قطاع غزة، وكانت رسمتها عبارة عن منزل مهدوم، بجواره أم وطفل، يحمل دمية ممزقة، واخوته يقفون على خزان مياه مهترئ، يراقبون أطفال العالم، وخلفهم آلية تجرف البيوت.
أضافت سحر: "شاركت حينها لمجرد المشاركة فقط، ولم أتوقع أنني سأفوز، لكن فوزي وتكريمي ومكافأتي جدد عندي الثقة بنفسي، وشعوري بأنني أملك موهبة، ما دفعني للاهتمام مجدداً بتطوير ذاتي، خاصة بعد أن شاهدت لوحتي في المعرض الخاص باللوحات الفائزة من مختلف المراحل".
وبدأت الفنانة وشاح ترويج أعمالها الفنية خلال دراستها الجامعية على مواقع التواصل الاجتماعي، وحظيت بالمزيد من التشجيع، مضيفة: "عملت مُدرسة في روضة خاصة بالأطفال، وكنت أزين الفصل بالوسائل والأعمال الفنية، وبعد ذلك، بدأت بتطوير مهاراتي وصناعة لوحات فنية بألوان الأكريليك، وأخرى باستخدام الخيطان".
وتوضح أن الرسم بالخيطان يحتاج لقاعدة خشبية بسُمك معين، ومسامير، ويتم رسم موضوع اللوحة، وتنقيط أماكن زرع المسامير، ومن ثم مسح الخطوط، والبدء بشد الخيطان على رؤوس المسامير، وتثبيتها بطريقة محكمة، باستخدام ألوان مختلفة، حسب الموضوع المطروح، وبعد الانتهاء من اللوحة، يتم تثبيت الخيطان بالصمغ الأبيض، ومن ثم تزيينها برسوم الماندالا الهندية.
وتشير الفنانة وشاح إلى أنها شاركت في معارض خاصة بالأعمال والفنون اليدوية، بهدف تطوير مهاراتها وأساليبها في العمل، مختتمة بالقول: "لا شك أن الظروف صعبة في غزة المحاصرة، لكن لدى كل واحد منا موهبة، يجب أن تتحدى كل الظروف، وأن تظهر للعلن".