26 نوفمبر 2017
السادات يهدي مياهاً لإسرائيل
رضا حمودة (مصر)
قد يبدو عنوان المقال للوهلة الأولى غريباً، لكنه حقيقي للأسف. وحتى أكون منصفاً فليس نظام عبد الفتاح السيسي وحده من فرّط في حقوق مصر التاريخية والأجيال المقبلة في مياه النيل، فكان أول من سبقه وتآمر على شريان حياة المصريين هو الرئيس الراحل أنور السادات منذ ارتمائه في أحضان الصهيونية، وقبوله ما تسمى اتفاقية" كامب ديفيد" وأكذوبة السلام.
الطمع الصهيوني في مياه النيل قديماً قبل قيام دولة إسرائيل، لكنه تجدد فعلياً عندما اقترحت إسرائيل في أثناء محادثات "كامب ديفيد" أن يكون هناك تعاون مشترك بينها وبين مصر في مشاريع مشتركة لتطوير موارد مياه النيل، ويشتمل الطلب الصهيوني كذلك أن يتم تحويل 1% من مياه النيل إلى إسرائيل عبر أنابيب تحت قناة السويس، لكي تحول ما يعادل 8 مليارات متر مكعب من مياه النيل سنوياً إلى إسرائيل لري صحراء النقب.
ويبدو أن السادات وافقهم على ذلك، بدليل أنه أعلن أمام الإسرائيليين في زيارته حيفا أنه سوف ينقل مياه النيل إلى صحراء النقب عبر قناة سماها "قناة السلام"، ووعدهم أن تصل تلك القناة إلى القدس أيضاً، بل بعث السادات إلى رئيس الوزراء الصهيوني، مناحم بيغن، خطاباً نشرته مجلة أكتوبر الأسبوعية الرسمية المعبرة عن نظام السادات بتاريخ 16 يناير/ كانون ثاني 1979، تحت عنوان "مشروع زمزم الجديد"، قال فيه: "شرعنا في حل شامل للمشكلة الفلسطينية، وسوف نجعل مياه النيل مساهمة من الشعب المصري باسم ملايين المسلمين كرمز خالد وباقي على اتفاق السلام.. وسوف تصبح هذه المياه بمثابة مياه "زمزم" لكل المؤمنين أصحاب الرسالات السماوية في القدس، ودليل على أننا دعاة سلام ورخاء لكافة البشر".
وحتى يثبت جديته، طلب السادات عمل دراسة جدوى دولية، لتوصيل مياه النيل إلى القدس، ولما اهتاج الرأي العام المصري وقتها رفضاً للسلام المزعوم أصلاً مع الكيان الصهيوني، فضلاً عن كل أشكال التعاون مع هذا الكيان الغاصب، تراجع شكلياً عن الفكرة، امتصاصاً لغضب الشارع من دون تصريح رسمي بذلك، إلى أن أعلن عن إشارة بدء العمل في تنفيذ حفر قناة السلام المزعومة من فرع دمياط في 27 نوفمبر/ تشرين ثاني من العام نفسه، ثم تم تجميد العمل بعد اغتيال السادات في أكتوبر/ تشرين أول 1981.
يدرك العدو تماماً قيمة المياه، والتي بدونها يتم تركيع مصر والعرب والمسلمين تماماً. ومن هذا المنطلق، أعلن أول رئيس وزراء إسرائيلي (ديفيد بن غوريون) عام 1955 أن اليهود يخوضون مع العرب معركة مياه، وأنه على ضوء نتيجة هذه المعركة، يتوقف مصير إسرائيل. لذا، اتبعت إسرائيل، منذ ذلك الوقت، سياسة "شد الأطراف" مع مصر عبر الالتفاف حول دول حوض النيل بأنشطة اقتصادية وعسكرية وأمنية وزراعية ومائية مكثفة، بغرض سيطرة إسرائيل على بعض مشاريع الري في منطقة البحيرات العظمى، بمساعدة أميركية غربية عن طريق تقديم الدعم الفني والتكنولوجي، من خلال الأنشطة الهندسية للشركات الإسرائيلية في مجال بناء السدود المائية.
وهذا ما حدث فعلياً بالاتفاق مع أثيوبيا، لتحصد الدولة الصهيونية حصاد سنوات طويلة من العمل الجاد الدؤوب، وها هو سد النهضة الأثيوبي قارب على الانتهاء في العام 2017، لتكون ورقة ضغط، نوعاً من ابتزاز مصر للحصول على مياه النيل في مقابل التفاوض على التقليل من آثار السد (وهذا غاية المراد من رب العباد) بممارسة إسرائيل الضغط على حليفتها الخفية أثيوبيا (والشيء مقابل الشيء)، ويتحقق حلم السادات منذ أربعة عقود في توصيل مياه "زمزم"، كما زعم، إلى الحليف الإسرائيلي، مساهمة من المصريين والمسلمين، لتكون خير شاهد على السلام بين الطرفين.
أكاد أزعم أن نظام السيسي تعمّد توريط مصر في فخ التوقيع على إعلان مبادئ وثيقة سد النهضة مع الجانب الأثيوبي، حتى لا يمكن التراجع، ثم ندخل في مفاوضات بعد ذلك، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حتى لو لزم الأمر الموافقة على توصيل المياه إلى إسرائيل، من باب المضطر، كأخف الضررين (أو هكذا ستجدهم يبررون ويدافعون عن العار)، فهل سنتجرّع سم إرواء ظمأ عدونا التاريخي، حتى لا نروي ظمأنا جزئياً من مياهنا؟
الطمع الصهيوني في مياه النيل قديماً قبل قيام دولة إسرائيل، لكنه تجدد فعلياً عندما اقترحت إسرائيل في أثناء محادثات "كامب ديفيد" أن يكون هناك تعاون مشترك بينها وبين مصر في مشاريع مشتركة لتطوير موارد مياه النيل، ويشتمل الطلب الصهيوني كذلك أن يتم تحويل 1% من مياه النيل إلى إسرائيل عبر أنابيب تحت قناة السويس، لكي تحول ما يعادل 8 مليارات متر مكعب من مياه النيل سنوياً إلى إسرائيل لري صحراء النقب.
ويبدو أن السادات وافقهم على ذلك، بدليل أنه أعلن أمام الإسرائيليين في زيارته حيفا أنه سوف ينقل مياه النيل إلى صحراء النقب عبر قناة سماها "قناة السلام"، ووعدهم أن تصل تلك القناة إلى القدس أيضاً، بل بعث السادات إلى رئيس الوزراء الصهيوني، مناحم بيغن، خطاباً نشرته مجلة أكتوبر الأسبوعية الرسمية المعبرة عن نظام السادات بتاريخ 16 يناير/ كانون ثاني 1979، تحت عنوان "مشروع زمزم الجديد"، قال فيه: "شرعنا في حل شامل للمشكلة الفلسطينية، وسوف نجعل مياه النيل مساهمة من الشعب المصري باسم ملايين المسلمين كرمز خالد وباقي على اتفاق السلام.. وسوف تصبح هذه المياه بمثابة مياه "زمزم" لكل المؤمنين أصحاب الرسالات السماوية في القدس، ودليل على أننا دعاة سلام ورخاء لكافة البشر".
وحتى يثبت جديته، طلب السادات عمل دراسة جدوى دولية، لتوصيل مياه النيل إلى القدس، ولما اهتاج الرأي العام المصري وقتها رفضاً للسلام المزعوم أصلاً مع الكيان الصهيوني، فضلاً عن كل أشكال التعاون مع هذا الكيان الغاصب، تراجع شكلياً عن الفكرة، امتصاصاً لغضب الشارع من دون تصريح رسمي بذلك، إلى أن أعلن عن إشارة بدء العمل في تنفيذ حفر قناة السلام المزعومة من فرع دمياط في 27 نوفمبر/ تشرين ثاني من العام نفسه، ثم تم تجميد العمل بعد اغتيال السادات في أكتوبر/ تشرين أول 1981.
يدرك العدو تماماً قيمة المياه، والتي بدونها يتم تركيع مصر والعرب والمسلمين تماماً. ومن هذا المنطلق، أعلن أول رئيس وزراء إسرائيلي (ديفيد بن غوريون) عام 1955 أن اليهود يخوضون مع العرب معركة مياه، وأنه على ضوء نتيجة هذه المعركة، يتوقف مصير إسرائيل. لذا، اتبعت إسرائيل، منذ ذلك الوقت، سياسة "شد الأطراف" مع مصر عبر الالتفاف حول دول حوض النيل بأنشطة اقتصادية وعسكرية وأمنية وزراعية ومائية مكثفة، بغرض سيطرة إسرائيل على بعض مشاريع الري في منطقة البحيرات العظمى، بمساعدة أميركية غربية عن طريق تقديم الدعم الفني والتكنولوجي، من خلال الأنشطة الهندسية للشركات الإسرائيلية في مجال بناء السدود المائية.
وهذا ما حدث فعلياً بالاتفاق مع أثيوبيا، لتحصد الدولة الصهيونية حصاد سنوات طويلة من العمل الجاد الدؤوب، وها هو سد النهضة الأثيوبي قارب على الانتهاء في العام 2017، لتكون ورقة ضغط، نوعاً من ابتزاز مصر للحصول على مياه النيل في مقابل التفاوض على التقليل من آثار السد (وهذا غاية المراد من رب العباد) بممارسة إسرائيل الضغط على حليفتها الخفية أثيوبيا (والشيء مقابل الشيء)، ويتحقق حلم السادات منذ أربعة عقود في توصيل مياه "زمزم"، كما زعم، إلى الحليف الإسرائيلي، مساهمة من المصريين والمسلمين، لتكون خير شاهد على السلام بين الطرفين.
أكاد أزعم أن نظام السيسي تعمّد توريط مصر في فخ التوقيع على إعلان مبادئ وثيقة سد النهضة مع الجانب الأثيوبي، حتى لا يمكن التراجع، ثم ندخل في مفاوضات بعد ذلك، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حتى لو لزم الأمر الموافقة على توصيل المياه إلى إسرائيل، من باب المضطر، كأخف الضررين (أو هكذا ستجدهم يبررون ويدافعون عن العار)، فهل سنتجرّع سم إرواء ظمأ عدونا التاريخي، حتى لا نروي ظمأنا جزئياً من مياهنا؟
مقالات أخرى
11 يناير 2017
14 يونيو 2016
04 مايو 2016