22 سبتمبر 2019
السعودية.. الحداثة والتقليد
فوزي الحقب (اليمن)
الوعي الحداثي الذي تبديه المملكة السعودية ضمن إطار تجلياتها القائمة يواجه طوفاناً من الأخطار والمتاعب الكبيرة، على صعيد العلاقة البنيوية السابقة، والتي ترتكز عليها مقومات الدولة والمجتمع. ويبدو أن تبدّلها السريع معاكس تماماً للنشاط الذي ظل يدعم مطلق الخطاب والممارسة عقوداً، حتى حافظ طويلا على تماسك مجتمعها المحافظ وترابط نسيجه العام، وأكسب سلطاتها الحاكمة مناعة قوية باستمرار شرعية البقاء.
ينطوي الانفتاح حين إطلاقه أول مرة على مخاطر عكسية، قد تزعزع ثقة الاندماج السياسي والاجتماعي، وتضر بالشعور الجمعي المشترك، وتخل بالعلاقة التاريخية التي كانت سائدة نتيجة تقديس التراث والتسليم المطلق بسيرورته.
ولا ينكر هنا أن إنغلاقها التقليدي من قضايا التطور والتحديث نتيجة نمط الحكم فيها وتداخل عوامل ثقافية أحدث عندها شعور الحاجة الضرورية للإنفتاح على مهام التغيير والتقدم، على الرغم من مراحل التنشئة الإجتماعية المختلفة. لكن لا يعني أن تبرر وجودها بهذا الشكل الذي يتعارض كلياً مع أنماط الحياة الإجتماعية وسياقها التاريخي، حيث يؤخذ على مسار تنشئتها الجديدة أنها تقوم على تثوير الواقع، بانتهاج مظاهر زائفة من دون أن تتبع النهج السديد في منظور العلاقة المميزة، والتي تفرض عليها مسؤولية الحفاظ على أصالة المجتمع، وترشيد سلوكه إنطلاقاً من مراعاة الأخذ بطرق التدرج وترويض القناعة على قبول الانفتاح وقضايا العصر.
بمعنى أنها توسعت بمهاجمة القديم وتشديد القطيعة عليه، وتنكرت للتكوين الثقافي والإجتماعي نفسه الذي ظلت ترعاه وتنفق الأموال الطائلة على تجذيره في محتوى المفاهيم والأفكار السائدة، حتى اختلفت جوهرياً عن القيم نفسها المرتبطة بالبيئة المحافظة.
يكاد هذا الرهان يكون ضعيفاً وصعب التأسيس أمام معتقدات البيئة التي نشأت فيها، الأمر الذي أوجد عند الغالبية العظمى اندماجا تماهى مع ظروف الحياة العملية، لا يزال التخلص من تصوراتها ليس بصورة التوقعات التي تسعى إليها السلطة الحاكمة، بل إنّ تجاوز الإرث الثقيل بهذه الإجراءات المتبعة مغامرة خطرة، قد لا تأتي بالنتائج المرجوة لوسط اجتماعي محكوم بهوية خاصة به.
وعلى افتراض أهمية ذلك، فإن الإشكاليات كامنة في إعادة إنتاج المجتمع ومختلف القطاعات على قيم الديمقراطية ومعطى الحرية الحقيقية، وليس مجرد ترويج لدعايات منقوصة، وانفتاحا زائفا كما الحاصل هناك، بل تكاد المعالجة الشافية تتعذر في إطار تلك الرؤى المحدّدة، التي تقيم خصومة قطعية مع مشاريع الديمقراطية والتنمية الشاملة، وهو ما لا يمكن استيعابه أو حتى المطالبه بالوصول إليه في هذه المرحلة.
ويفهم من هذا كله، أن تجاوز مكونات الرؤية التقليدية مرهون بوعي متماسك ينشأ من تفاعلات حيوية تبدأ من حامل ديمقراطي لها، بحيث يرسم الناظم الدستوري محدّدات منطقية، تقوم على إطلاق المشاريع القابلة للحياة، وتوفير شروط إنتاجها، ورفع مستوى الإصلاح والمشاركة السياسية، وهو ما يمكن اعتباره تحولا في رغبة الإرادة السياسية، وتكاملا في البعد الإصلاحي للحياة العامة.
ثم إنّ المؤشرات السائدة لدينا تكشف خسرانها الواضح في كل المواقف المشرّفة، حيث تنتقل من إخفاق إلى آخر، وبشكل عام فإن غيابها ضمن رؤية إستراتيجية أفقدها الإستقرار السياسي والإجتماعي وجعلها تراكم الأخطاء الفادحة بحق نفسها وبحق الجميع من حولها، ما أدى بها إلى إشكال حقيقي في معنى انتماءها للأمة وأفقدها المكانة اللائقة بها.
وحين توضع السعودية في إطار التقييم، فإن الأكثر توصيفاً لها، أنها فوضى تعكس نفسها.
ينطوي الانفتاح حين إطلاقه أول مرة على مخاطر عكسية، قد تزعزع ثقة الاندماج السياسي والاجتماعي، وتضر بالشعور الجمعي المشترك، وتخل بالعلاقة التاريخية التي كانت سائدة نتيجة تقديس التراث والتسليم المطلق بسيرورته.
ولا ينكر هنا أن إنغلاقها التقليدي من قضايا التطور والتحديث نتيجة نمط الحكم فيها وتداخل عوامل ثقافية أحدث عندها شعور الحاجة الضرورية للإنفتاح على مهام التغيير والتقدم، على الرغم من مراحل التنشئة الإجتماعية المختلفة. لكن لا يعني أن تبرر وجودها بهذا الشكل الذي يتعارض كلياً مع أنماط الحياة الإجتماعية وسياقها التاريخي، حيث يؤخذ على مسار تنشئتها الجديدة أنها تقوم على تثوير الواقع، بانتهاج مظاهر زائفة من دون أن تتبع النهج السديد في منظور العلاقة المميزة، والتي تفرض عليها مسؤولية الحفاظ على أصالة المجتمع، وترشيد سلوكه إنطلاقاً من مراعاة الأخذ بطرق التدرج وترويض القناعة على قبول الانفتاح وقضايا العصر.
بمعنى أنها توسعت بمهاجمة القديم وتشديد القطيعة عليه، وتنكرت للتكوين الثقافي والإجتماعي نفسه الذي ظلت ترعاه وتنفق الأموال الطائلة على تجذيره في محتوى المفاهيم والأفكار السائدة، حتى اختلفت جوهرياً عن القيم نفسها المرتبطة بالبيئة المحافظة.
يكاد هذا الرهان يكون ضعيفاً وصعب التأسيس أمام معتقدات البيئة التي نشأت فيها، الأمر الذي أوجد عند الغالبية العظمى اندماجا تماهى مع ظروف الحياة العملية، لا يزال التخلص من تصوراتها ليس بصورة التوقعات التي تسعى إليها السلطة الحاكمة، بل إنّ تجاوز الإرث الثقيل بهذه الإجراءات المتبعة مغامرة خطرة، قد لا تأتي بالنتائج المرجوة لوسط اجتماعي محكوم بهوية خاصة به.
وعلى افتراض أهمية ذلك، فإن الإشكاليات كامنة في إعادة إنتاج المجتمع ومختلف القطاعات على قيم الديمقراطية ومعطى الحرية الحقيقية، وليس مجرد ترويج لدعايات منقوصة، وانفتاحا زائفا كما الحاصل هناك، بل تكاد المعالجة الشافية تتعذر في إطار تلك الرؤى المحدّدة، التي تقيم خصومة قطعية مع مشاريع الديمقراطية والتنمية الشاملة، وهو ما لا يمكن استيعابه أو حتى المطالبه بالوصول إليه في هذه المرحلة.
ويفهم من هذا كله، أن تجاوز مكونات الرؤية التقليدية مرهون بوعي متماسك ينشأ من تفاعلات حيوية تبدأ من حامل ديمقراطي لها، بحيث يرسم الناظم الدستوري محدّدات منطقية، تقوم على إطلاق المشاريع القابلة للحياة، وتوفير شروط إنتاجها، ورفع مستوى الإصلاح والمشاركة السياسية، وهو ما يمكن اعتباره تحولا في رغبة الإرادة السياسية، وتكاملا في البعد الإصلاحي للحياة العامة.
ثم إنّ المؤشرات السائدة لدينا تكشف خسرانها الواضح في كل المواقف المشرّفة، حيث تنتقل من إخفاق إلى آخر، وبشكل عام فإن غيابها ضمن رؤية إستراتيجية أفقدها الإستقرار السياسي والإجتماعي وجعلها تراكم الأخطاء الفادحة بحق نفسها وبحق الجميع من حولها، ما أدى بها إلى إشكال حقيقي في معنى انتماءها للأمة وأفقدها المكانة اللائقة بها.
وحين توضع السعودية في إطار التقييم، فإن الأكثر توصيفاً لها، أنها فوضى تعكس نفسها.
مقالات أخرى
21 اغسطس 2019
24 مارس 2019
15 أكتوبر 2018