05 يوليو 2018
السعودية وصورة الزوال
الحسن حرمة (الجزائر)
صورة دخول الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، في رمزيتها، ثقلها، سيميائيتها، حزنها.. هي صورة وقت الزوال 13:14، وكذا هي أسوأ خطوة بشرية لإنسان يمشي إلى كهف قدره، لكنها أحسن خطوة لإنسان يمشي إلى فضح أقدار سياسة العالم. وفي العلاقات الدولية حاليا، لا يوجد شيء اسمه حقوق الإنسان، إنما المصالح، ولعبة تشبيكها واقتناص الفرص.
واضح أنّ تركيا، بعد المحاولة الانقلابية في صيف العام 2015، تتجسّس على كل السفارات الكبرى لديها، وتخفيها لضرورة دبلوماسية فقط، وقد أطلقت القس الأميركي، أندرو برانسون، بعدما وضعت يدها على كنز مطمورة مال العالم (ملف جمال خاشقجي)، لذلك بعثت رسالة ود للطرف الأميركي، حول إشارة تفاهمات ثلاثية، بحيث تبتز حكومة الرئيس أردوغان عصابة محمد بن سلمان إلى أقصى حدود ممكنة، لأنّ التسوية المالية الكاملة غير ممكنة، نظراً لقوة صحيفة واشنطن بوست حيث كان الصحافي المختفي، جمال خاشقجي، يكتب إضافة إلى التخوّف من الضرر السياحي على تركيا، لهذا تتجه بالقضية إلى طمأنة الطرف السعودي حول رواية تمييع تتفق عليها الأطراف (السعودية، الأميركية، التركية) في إخراج طريقة وفاته، ثم قبض الثمن عاجلاً كأصول استثمارية سعودية في تركيا.
بعدها أعتقد، نظراً ليقينها بمعرفة روسيا وبريطانيا كل التفاصيل، سوف تفجر الحكومة التركية عن طريق التسريبات الصحافية (فيديو، عملية القتل) مع الإفراج عن تسجيلات أقصى قدر من البشاعة لضرورة أخلاقية دولية، من مبدأ أن الصحافة فقدت زميلاً لها. ويبدو لي تاريخ 20 /21 أكتوبر/ تشرين الأول مناسباً لتزامنه مع العطلة الأسبوعية، ويأتي عشيّة مؤتمر مبادرة الاستثمار المقرّر في الرياض (23، 25 أكتوبر/ تشرين الأول)، بذلك تقضي على صورة، محمد بن سلمان، حليف الإمارات، وقد اعتقل جميع معارضيه وقسّم العائلة المالكة حول سياساته، لتجعله يقف وحيداً مع عدوها اللدود عيال بن زايد في مؤتمره، وتضعف قوته داخل عائلة آل سعود، ليبدو خطرا على استمرار ملكها، لذا ينبغي إبعاده، وتحسين صورتها (العائلة) دولة مدافعة عن حقوق الإنسان وسلامة السياح.
الأهم لتركيا هو توجيه ضربة قوية للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، برهن حظوظه في احتفاظ الحزب الجمهوري بالأغلبية في انتخابات التجديد في مجلس الشيوخ في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، خصوصاً أنّ ترامب بصراحته الاقتصادية وغبائه السياسي، قال حرفياً: "ليس خاشقجي مواطناً أميركياً، ولا يمكن أن نفرط في أموال السعودية وملياراتها لصالح روسيا والصين"، إذ أعطى إشارة لامبالاة قاتلة تستغلها الصحافة الأميركية والحزب الديمقراطي لسحقه، بعد إعجابه بكل طغاة العالم (فلاديمير بوتين، كيم جونغ أون، عبد الفتاح السيسي، محمد بن سلمان...).
لا أعتقد أن محمد بن سلمان كان ينوي قتل خاشقجي، وإنما خطفه للظهور قائدا عسكريا سعوديا قويا، بمخابرات أخطبوطية تشبه الموساد، في القيام بعمليات بالخارج، خصوصا وأنّه أرسل عمداً فريق مقربين له، معروفين إعلامياً، لإحراج تركيا بعد التنفيذ في رسالة أنّ "تركيا التي تحمي قطر مؤخراً، فيما نحن نستطيع خطف مواطنين من قلب دولتها"، وربما أنّ مقاومة جمال خاشفجي للخطف اضطرتهم للقتل مخرجا حقيرا، وانقلب السحر على الساحر.
النتيجة، سوف تسلم الحكومة التركية، من دون الظهور في واجهة المشهد، بن سلمان وعصابته، إلى الصحافة التركية والعالمية والمنظمات الحقوقية للقضاء عليه، كما تسلم دونالد ترامب إلى "واشنطن بوست" وكل الصحافة الأميركية والعالمية أيضاً.
أنقرة في النهاية، لا يعنيها مصير، محمد بن سلمان، ولا خاشقجي، بل يهمها رد الصفعة لدونالد ترامب أولاً، وأن تبقى تقدم نفسها واجهة اقتصادية آمنة، ثم تعيد مستقبلاً تقديم نفسها سلطة منتخبة لاعتقال المتورطين (القنصل السعودي) في اختفاء خاشقجي، تنفيذاً لمطلب حقوقي قضائي محلي دولي وحجز الأصول المالية لبن سلمان وعصابته، بالتزامن مع تجميدها في لندن، من دون خسارة علاقتها مع السديريين في عائلة آل سعود.
في ظل لعبة الصور وتحسين الصورة، كتبت الصحافية عزة مختار "نجح خاشقجي في مهمته الأخيرة، وهي تضييع الملايين على محمد بن سلمان، والتي أنفقها في تحسين صورته والتسويق له بديلا متنورا عن الوجه الاستبدادي لحكم آبائه وأجداده"، فهل انتهى بن سلمان حقاً، أم أنّ المصالح الدولية قد تطغى على ما جرى، وتعيد تعويمه من جديد؟
واضح أنّ تركيا، بعد المحاولة الانقلابية في صيف العام 2015، تتجسّس على كل السفارات الكبرى لديها، وتخفيها لضرورة دبلوماسية فقط، وقد أطلقت القس الأميركي، أندرو برانسون، بعدما وضعت يدها على كنز مطمورة مال العالم (ملف جمال خاشقجي)، لذلك بعثت رسالة ود للطرف الأميركي، حول إشارة تفاهمات ثلاثية، بحيث تبتز حكومة الرئيس أردوغان عصابة محمد بن سلمان إلى أقصى حدود ممكنة، لأنّ التسوية المالية الكاملة غير ممكنة، نظراً لقوة صحيفة واشنطن بوست حيث كان الصحافي المختفي، جمال خاشقجي، يكتب إضافة إلى التخوّف من الضرر السياحي على تركيا، لهذا تتجه بالقضية إلى طمأنة الطرف السعودي حول رواية تمييع تتفق عليها الأطراف (السعودية، الأميركية، التركية) في إخراج طريقة وفاته، ثم قبض الثمن عاجلاً كأصول استثمارية سعودية في تركيا.
بعدها أعتقد، نظراً ليقينها بمعرفة روسيا وبريطانيا كل التفاصيل، سوف تفجر الحكومة التركية عن طريق التسريبات الصحافية (فيديو، عملية القتل) مع الإفراج عن تسجيلات أقصى قدر من البشاعة لضرورة أخلاقية دولية، من مبدأ أن الصحافة فقدت زميلاً لها. ويبدو لي تاريخ 20 /21 أكتوبر/ تشرين الأول مناسباً لتزامنه مع العطلة الأسبوعية، ويأتي عشيّة مؤتمر مبادرة الاستثمار المقرّر في الرياض (23، 25 أكتوبر/ تشرين الأول)، بذلك تقضي على صورة، محمد بن سلمان، حليف الإمارات، وقد اعتقل جميع معارضيه وقسّم العائلة المالكة حول سياساته، لتجعله يقف وحيداً مع عدوها اللدود عيال بن زايد في مؤتمره، وتضعف قوته داخل عائلة آل سعود، ليبدو خطرا على استمرار ملكها، لذا ينبغي إبعاده، وتحسين صورتها (العائلة) دولة مدافعة عن حقوق الإنسان وسلامة السياح.
الأهم لتركيا هو توجيه ضربة قوية للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، برهن حظوظه في احتفاظ الحزب الجمهوري بالأغلبية في انتخابات التجديد في مجلس الشيوخ في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، خصوصاً أنّ ترامب بصراحته الاقتصادية وغبائه السياسي، قال حرفياً: "ليس خاشقجي مواطناً أميركياً، ولا يمكن أن نفرط في أموال السعودية وملياراتها لصالح روسيا والصين"، إذ أعطى إشارة لامبالاة قاتلة تستغلها الصحافة الأميركية والحزب الديمقراطي لسحقه، بعد إعجابه بكل طغاة العالم (فلاديمير بوتين، كيم جونغ أون، عبد الفتاح السيسي، محمد بن سلمان...).
لا أعتقد أن محمد بن سلمان كان ينوي قتل خاشقجي، وإنما خطفه للظهور قائدا عسكريا سعوديا قويا، بمخابرات أخطبوطية تشبه الموساد، في القيام بعمليات بالخارج، خصوصا وأنّه أرسل عمداً فريق مقربين له، معروفين إعلامياً، لإحراج تركيا بعد التنفيذ في رسالة أنّ "تركيا التي تحمي قطر مؤخراً، فيما نحن نستطيع خطف مواطنين من قلب دولتها"، وربما أنّ مقاومة جمال خاشفجي للخطف اضطرتهم للقتل مخرجا حقيرا، وانقلب السحر على الساحر.
النتيجة، سوف تسلم الحكومة التركية، من دون الظهور في واجهة المشهد، بن سلمان وعصابته، إلى الصحافة التركية والعالمية والمنظمات الحقوقية للقضاء عليه، كما تسلم دونالد ترامب إلى "واشنطن بوست" وكل الصحافة الأميركية والعالمية أيضاً.
أنقرة في النهاية، لا يعنيها مصير، محمد بن سلمان، ولا خاشقجي، بل يهمها رد الصفعة لدونالد ترامب أولاً، وأن تبقى تقدم نفسها واجهة اقتصادية آمنة، ثم تعيد مستقبلاً تقديم نفسها سلطة منتخبة لاعتقال المتورطين (القنصل السعودي) في اختفاء خاشقجي، تنفيذاً لمطلب حقوقي قضائي محلي دولي وحجز الأصول المالية لبن سلمان وعصابته، بالتزامن مع تجميدها في لندن، من دون خسارة علاقتها مع السديريين في عائلة آل سعود.
في ظل لعبة الصور وتحسين الصورة، كتبت الصحافية عزة مختار "نجح خاشقجي في مهمته الأخيرة، وهي تضييع الملايين على محمد بن سلمان، والتي أنفقها في تحسين صورته والتسويق له بديلا متنورا عن الوجه الاستبدادي لحكم آبائه وأجداده"، فهل انتهى بن سلمان حقاً، أم أنّ المصالح الدولية قد تطغى على ما جرى، وتعيد تعويمه من جديد؟