السلطة الفلسطينية.. انعدام الخيارات

15 ديسمبر 2014
+ الخط -


من الواضح أن ارتقاء وزير هيئة الجدار والاستيطان، زياد أبو عين، الى رتبة شهيد، كان حدثاً لهُ أثرُه على الساحة الفلسطينية، خصوصاً على مستوى السلطة الفلسطينية في رام الله، فقد كان الحدث كاشفاً لانعدام الخيارات لدى السلطة، وعدم قدرتها على إيجاد بديل واقعي عن الخيار السلمي، وفلك المفاوضات، ما ظهر في عدم قدرة القيادة الفلسطينية على اتخاذ أي قرار في اجتماعاتها الأخيرة، وعدم قدرتها على سدّ الفراغ السياسي، خصوصاً في ظل تزايد حدة السياسات الاستيطانية والتهويدية التي تعيشهما الضفة الغربية والقدس الشرقية، والذي يهدد أسس قيام السلطة الفلسطينية، والتي نشأت حلاً مرحلياً يمهد لقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة، على حدودها، ومواردها المائية والطبيعية، في ظل سعي إسرائيل الحثيث للقضاء على مبدأ حل الدولتين، وفرض الاستيطان والتهويد في القدس والضفة الغربية أمراً واقعاً، لا بد من قبوله، والتعايش معه.

كما أنَّ سعي إسرائيل إلى فرض يهودية الدولة كطابع لدولة اسرائيل، ما يعني شرعنة فكرة تبادل السكان في أي حل سلمي قادم، وبالتالي، شرعنة تهجير السكان الفلسطينين من القدس، على اعتبار أنَّهم رعايا، يحق لاسرائيل متى شاءت حرمانهم من حق الإقامة والعمل، بالإضافة إلى شرعنة تهويد القدس، وهدم المسجد الأقصى المبارك، وبناء الهيكل المزعوم حقاً لإسرائيل دولة تعرّف نفسها يهودية، يؤكد سعي إسرائيل إلى إفشال أي حل سياسي قادم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، الأمر الذي قوبل برفض الاعتراف بيهودية إسرائيل، من السلطة الفلسطينية.

ما يتوجب على السلطة القيام به، الآن، وقف فعلي للتنسيق الأمني، وتعزيز المقاومة الشعبية في الضفة الغربية ودعمها، والكف عن ربط فكرة وقف التنسيق الأمني بفشل مشروع القرار الفلسطيني الذي سيعرض على مجلس الأمن، والذي يقضي بتحديد فترة زمنية لإنهاء الاحتلال، والاعتراف الدولي بفلسطين، على أساس حل الدولتين، كما أنه يتوجب على السلطة الفلسطينية المبادرة في الانضمام إلى الاتفاقيات والمنظمات الدولية، وخصوصاً اتفاقية روما، ومحكمة الجنايات الدولية، لمحاكمة إسرائيل على جرائمها المتكررة بحق الشعب الفلسطيني، وبهدف فرض عزلة دولية على إسرائيل، واستغلال توجه برلمانات أوروبية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، واستغلال توتر العلاقات بين إدارة باراك أوباما واليمين الإسرائيلي، والذي ظهر في مناقشة الإدارة الأميركية، ولأول مرة في تاريخها التوجهَ الى خطواتٍ أكثر جديَّة في التعامل مع الاستيطان الإسرائيلي، ما يحتم على السلطة الفلسطينية تسريع الانضمام إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية، والكف عن المماطلة في ذلك.

كما أن إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني مسؤولية تقع على عاتق السلطة الفلسطينية، كون المصالحة الداخلية الفلسطينية بين فتح وحماس أمراً له وَقعُه في التعامل الدولي مع السلطة الفلسطينية، ممثلة برئيسها، محمود عباس، وحكومة الوفاق الوطني، سلطة واحدة على كامل أراضي عام 67، لأن الانقسام الفلسطيني يهدد أي اعتراف دولي بدولة فلسطين، كوننا نتحدث عن دولة فلسطينية برأسين، بين سيطرة حماس العسكرية على غزة والرئيس محمود عباس الذي يريد أن يتخلص من العبء المالي الذي تشكله غزة المدمرة على خزينة السلطة الفلسطينية.

على السلطة، وفي هذه الفترة تحديداً، الخروج من حالة الفراغ السياسي، والتسريع في اتخاذ قرارات سياسية ودبلوماسية، أكثر جديَّة، على المستويين، الدولي والشعبي، تعزيزاً لقرارها بعرض مشروعها لإنهاء الاحتلال على مجلس الأمن، واستغلالاً لحالة العزلة الدولية التي تعيشها إسرائيل حالياً.

avata
avata
زيد دياب (فلسطين)
زيد دياب (فلسطين)