ووفقاً لشهود عيان، فإن عدداً من النساء تجمعن أمام منزل الزعيم السوداني الراحل، إسماعيل الأزهري، الذي تحقق استقلال البلاد في عهده قبل ستين عاماً، بناء على دعوة من الاتحاد النسوي لتسجيل موقف والاحتجاج على موجة الغلاء التي اجتاحت البلاد عقب حزمة القرارات الاقتصادية الأخيرة، الخاصة بزيادة أسعار الوقود وإلغاء الدعم عن الأدوية وتحرير أسعارها.
وحملن المتظاهرات لافتات بعبارات منددة بالإجراءات ومناهضة للنظام الحاكم في الخرطوم، وأكد الشهود أن رجال الأمن "عمدوا إلى انتزاع اللافتات بالقوة من أيدي المتظاهرات، وعمدت الشرطة لنشر قواتها لمقابلة الاحتجاجات".
وفي ذات المنحى، قالت "لجنة المعلمين السودانية" (جهاز معارض)، إن "الأمن قام باستدعاء واعتقال ستة من أساتذة المدارس في الخرطوم اليوم، إلى جانب عضو المكتب التنفيذي للجنة عمار يوسف الذي اعتقل أخيراً".
وأكدت لجنة المعلمين في بيانها أن "الأجهزة الأمنية اعتقلت ثلاثة معلمي ثانوي بمناطق العاصمة المختلفة، واستدعت ثلاثة آخرين، مشيرة الى أن "الخطوة لن تثني اللجنة في المطالبة بحقوق المعلمين".
عصيان مدني
في غضون ذلك، سارعت قوى سودانية معارضة، السبت، إلى تأييد العصيان المدني المعلن، غداً الأحد، من ناشطين، للتوقف عن العمل بمؤسسات الدولة الخاصة والعامة، ووقف التعامل مع المرافق الحكومية لثلاثة أيام متتالية.
ويهدف الناشطون من العصيان إلى شل الحكومة والضغط عليها، للتراجع عن حزمة القرارات الاقتصادية التي أقرتها أخيراً، برفع الدعم عن الدواء وتحرير أسعاره، فضلاً عن زيادة أسعار المحروقات، وصولاً لإسقاط النظام.
وعمد ناشطون خلال الفترة الماضية في نشر دعوات للعصيان المدني على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك وواتساب" كبديل عملي للتظاهرات، تجنباً للعنف الذي واجهت به الحكومة تظاهرات سبتمبر قبل ثلاثة أعوام، والتي خرجت احتجاجاً على زيادة المحروقات وقتل وجرح فيها نحو خمسمائة شخص.
وأكد، حتى الآن، نحو ثلاثة آلاف وستمائة شخص تنفيذ العصيان بعدم الذهاب الى العمل والاعتكاف داخل المنازل، حسب صفحات التواصل التي أنشئت لهذا الغرض.
ودعا رئيس "حزب الأمة" المعارض، الصادق المهدي، السودانيين للاعتصام والإضراب عن العمل، فضلاً عن التظاهر السلمي، احتجاجاً على قرارات الحكومة الأخيرة، مؤكداً أن النظام في الخرطوم فوت كل فرص الحوار وحل المشكلة السودانية، عبر المراوغة ونقض العهود.
من جانبها، أكدت أحزاب "المؤتمر السوداني" و"الاتحادي الديمقراطي والليبرالي" المعارضة تأييدها العصيان والعمل على إنجاحه، فضلاً عن حث قواعدها للمشاركة فيه، ورأت في الخطوة سلوكاً نضالياً رفيعاً، يتسق مع جهود المعارضة في إسقاط الحكم.
على الجانب الآخر، رفض حزب "المؤتمر الشعبي" و"منبر السلام العادل" الخطوة، في وقت التزم "الحزب الشيوعي" و"حركة الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين الصمت حتى الآن.
ودفعت القوى المعارضة المسلحة التي تقاتل الحكومة في ولايات دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ببيانات مؤيدة للعصيان المدني، مؤكدة "وقوف تلك الحركات مع الجماهير"، مبينة أن "النظام فقد كافة مبررات البقاء في السلطة".
وفي ظل الوضع المجهول في البلاد، سافر الرئيس السوداني، عمر البشير، اليوم، الى الإمارات التي سيبقى فيها لأيام، لإجراء سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين هناك.
ويرى المحلل السياسي، نور الدين أحمد، أن "نجاح الاعتصام سيكون إعلامياً أكثر من كونه واقعاً على الأرض، لصعوبة قياس مدى نجاحه بطرق علمية دقيقة"، مشيراً إلى أن" الاستجابة ستكون محدودة، لغياب الحملة الإعلامية الكافية والمقنعة للمواطن".
أما الخبير السياسي، الطيب عابدين، فلم يستبعد نجاح الاعتصام، "بالنظر إلى تجربة الأطباء الأخير، حيث نجح إضراب الأطباء على الرغم من أنه كان بمعزل عن النقابة التي تحسب عادة على الحكومة"، واعتبر قيام الحكومة باعتقال عدد من النشطاء تأكيداً على قلقها من الخطوة، ورأى أن نجاح الاعتصام ولو بشكل جزئي من شأنه أن يمثل خطوة وبالون اختبار آخر أكثر قوة.