تستعد عائلة الطفل أحمد منذ أيام لالتحاق ابنها البكر بالمدرسة مطلع الشهر الحالي، بعد أن سهلت وزارة التربية والتعليم الأردنية إجراءاتها لقبول الطلاب السوريين في مدارسها.
أبو أحمد؛ وهو لاجئ سوري مقيم في الأردن منذ الأيام الأولى لانطلاق الثورة السورية قبل ست سنوات، حمد الله كثيرا أنه عثر على مدرسة حكومية ليتعلم فيها ابنه، وأضاف لـ"العربي الجديد" خلال شرائه حقيبة مدرسية من أحد المجمعات التجارية "صحيح أن المدرسة بعيدة جدا عن مكان سكني، لكن ذلك بكل الأحوال أفضل من أن يبقى أحمد دون تعليم".
بينما آثر أولياء أمور مئات من الطلاب السوريين عدم إرسال أطفالهم إلى المدارس الحكومية لبعدها عن منازلهم. وتابع والد أحمد أنه بعد محاولات عديدة ومراجعات متكررة لوزارة التربية، تمكن من حجز مقعد لابنه في إحدى المدارس المسائية التي خصصتها الحكومة لتعليم أبناء السوريين المقيمين في الأردن، البالغ عددهم 1.3 مليون سوري بحسب تعداد سكان الأردن لعام 2015.
وكانت وزارة التربية والتعليم قد استحدثت منذ بدء الأزمة السورية ثماني وتسعين مدرسة مسائية مخصصة لتعليم الطلاب السوريين، كما تخطط الوزارة إلى رفع عددها إلى مائتي مدرسة باستحداث مائة ومدرستين إضافية للعام الدراسي الجديد 2016/ 2017.
وتتوقع وزارة التربية والتعليم في الأردن أن تقبل مطلع العام الدراسي الجديد نحو خمسين ألف طالب سوري جديد؛ ما يرفع عدد الطلاب السوريين في المدارس الحكومية إلى 195 ألف طالب.
وتقدر وزارة التربية تكاليف تقديم خدمات التعليم المباشرة وغير المباشرة للطلبة السوريين في مدارس المملكة بـ1700 دولار سنويا للطالب الواحد.
اقــرأ أيضاً
تأمين لقمة العيش
وفي وقت تنتظر عائلة أحمد بشوق بدء مشوار ابنها التعليمي ليصبح مستقبلا مهندسا، فإن عائلة الطفل يوسف تفضل أن يتعلم "صنعة" تساعدها في تأمين لقمة العيش.
ويظهر أحدث مسح لعمالة الأطفال في الأردن أنّ 73 بالمائة من الأطفال السوريين الذين في سن الدراسة غير منخرطين في التعليم. وبحسب نتائج المسح يجلس على مقاعد الدراسة في الأردن 250 ألف طفل سوري من بين 345 ألف طفل سوري، تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات إلى 17 عاما يقيم على أراضي المملكة.
وبحسب والد يوسف فإن ابنه البالغ من العمر 16 عاما، وجد صعوبة بالغة في التأقلم مع المناهج الأردنية؛ لذلك "أرسلته إلى صالون الحلاقة لدى أحد أصدقائي ليتعلم أسرار المهنة"، بحسب كلامه.
ويوسف في هذا الأمر ليس وحيدا؛ إذ أن "ستة من بين كل عشرة من الأطفال السوريين في الأردن الذين تتراوح أعمارهم بين 15 عاما و17 عاما ليسوا على مقاعد الدراسة"، بحسب نتائج مسح عمالة الأطفال الذي أجراه مركز الدراسة الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ووزارة العمل في الأردن ودائرة الإحصاءات العامة فيها.
المناهج الأردنية ونسب النجاح
وتظهر صعوبة تأقلم الطلاب السوريين مع المناهج الأردنية في تدني نسبة نجاحهم في امتحان شهادة الثانوية العامة "التوجيهي". فبحسب مصادر وزارة التربية لم تتجاوز نسبة النجاح في امتحان التوجيهي في جميع مدارس مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن 6 بالمائة.
وأظهرت النتائج التي أعلنت مطلع الشهر الماضي أنّ 11 طالبا في هذه المدارس اجتازوا الامتحان بنجاح من أصل 196 طالبا تقدموا للامتحان. وإلى جانب صعوبة التأقلم مع المناهج دفعت ضيق اليد عائلات سورية إلى إبقاء أبنائها في المنازل، لعدم قدرتها على تحمل أعباء التعليم المالية. "لم يكن بمقدوري دفع 1500 دولار لأحجز مقعدا لابني في مدرسة خاصة، بعد أن تعذر تأمين مكان له في مدرسة حكومية"، يعلل مصطفى سبب تفضيله تعليم ابنه في المنزل وعدم إرساله إلى المدرسة.
وهو سبب كان وراء عدم ذهاب نحو ثلاثين ألف طفل سوري يقيم في الأردن إلى المدارس، حسب نتائج مسح عمالة الأطفال في الأردن. لذلك يأمل مصطفى أن يعود ابنه إلى المدرسة خلال الأيام المقبلة، مع اتخاذ وزارة التربية تسهيلات لقبول الطلاب السوريين في مدارسها.
اقــرأ أيضاً
بلا وثائق
وكانت وزارة التربية طلبت من مدارسها خلال الشهور الماضية قبول تسجيل الطلاب السوريين، حتى وإن كانت تنقصهم وثائق؛ وهي خطوة أشادت بها منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأميركية المدافعة عن حقوق الإنسان الأسبوع الماضي.
ووقف نقص الوثائق المطلوبة حجر عثرة أمام التحاق نحو 1400 طفل سوري بالمدارس الحكومية، وفق تقديرات مصادر وزارة التربية.
وقبل ذلك كانت وزارة التربية تشترط لقبول طلاب سوريين في مدارسها حصولهم وثائق خدمة تصدرها وزارة الداخلية وجود أوراق مدرسية مصدقة تثبت مستواهم التعليمي.
ومع وجود قرابة 94 ألف طفل سوري في المملكة بعيدا عن مقاعد الدارسة، تعهد الأردن خلال مؤتمر عقد في العاصمة البريطانية لندن في فبراير/ شباط الماضي أن يوفر التعليم لجميع الأطفال السوريين على أراضيه، مقابل أن تلتزم الدول المانحة بتقديم مليار دولار إلى الأردن خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وبالتزامن مع رفع شعار "لا أطفال خارج المدارس" هذا العام، وقع الأردن الأسبوع الماضي اتفاقيات مع الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والنرويج وسويسرا، تقدم بموجبها هذه الدول منحا تبلغ قيمتها نحو 100 مليون دولار لدعم قطاع التعليم في الأردن.
اقــرأ أيضاً
اكتظاظ الصفوف
وقبل عقد مؤتمر لندن في فبراير/ شباط الماضي، شكا الأردن طيلة السنوات الماضية من أن تدفق اللاجئين السوريين على أراضيه بشكل متواصل منذ أوائل صيف عام 2011 أثر بشكل كبير في سير خطط التعليم في الأردن، إذ زاد اكتظاظ الصفوف الدراسية، واختصرت مدة الحصة التعليمية لفتح صفوف مسائية لتعليم الطلاب السوريين.
وبحسب مسؤولي وزارة التربية فإنّ تدفق اللاجئين زاد عدد المدارس ذات الصفوف المكتظة من 36 بالمائة عام 2013 إلى 46 بالمائة عام 2015 من إجمالي مدارس المملكة، بينما ارتفع عدد الطلاب في الشعب الدراسية إلى مستويات قياسية وصلت في بعضها إلى 60 طالبا في الشعبة الواحدة.
بينما أنفقت فيه وزارة التربية 600 مليون دولار خلال السنوات الماضية لبناء قرابة 5 آلاف غرفة صفية لاستيعاب الطلبة السوريين في المدارس الحكومية.
فيما تقدر وزارة التربية تكاليف استيعاب الطلبة السوريين في مدارسها بنحو 250 مليون دينار سنويا تتحمل خزينة الدولة المثقلة بالديون لوحدها ثلاثة أرباع هذه التكاليف، بينما لا يتجاوز ما يحصل عليه الأردن من دعم في هذا المجال 25 بالمائة بحسب مسؤولي الوزارة.
اقــرأ أيضاً
بينما آثر أولياء أمور مئات من الطلاب السوريين عدم إرسال أطفالهم إلى المدارس الحكومية لبعدها عن منازلهم. وتابع والد أحمد أنه بعد محاولات عديدة ومراجعات متكررة لوزارة التربية، تمكن من حجز مقعد لابنه في إحدى المدارس المسائية التي خصصتها الحكومة لتعليم أبناء السوريين المقيمين في الأردن، البالغ عددهم 1.3 مليون سوري بحسب تعداد سكان الأردن لعام 2015.
وكانت وزارة التربية والتعليم قد استحدثت منذ بدء الأزمة السورية ثماني وتسعين مدرسة مسائية مخصصة لتعليم الطلاب السوريين، كما تخطط الوزارة إلى رفع عددها إلى مائتي مدرسة باستحداث مائة ومدرستين إضافية للعام الدراسي الجديد 2016/ 2017.
وتتوقع وزارة التربية والتعليم في الأردن أن تقبل مطلع العام الدراسي الجديد نحو خمسين ألف طالب سوري جديد؛ ما يرفع عدد الطلاب السوريين في المدارس الحكومية إلى 195 ألف طالب.
وتقدر وزارة التربية تكاليف تقديم خدمات التعليم المباشرة وغير المباشرة للطلبة السوريين في مدارس المملكة بـ1700 دولار سنويا للطالب الواحد.
تأمين لقمة العيش
وفي وقت تنتظر عائلة أحمد بشوق بدء مشوار ابنها التعليمي ليصبح مستقبلا مهندسا، فإن عائلة الطفل يوسف تفضل أن يتعلم "صنعة" تساعدها في تأمين لقمة العيش.
ويظهر أحدث مسح لعمالة الأطفال في الأردن أنّ 73 بالمائة من الأطفال السوريين الذين في سن الدراسة غير منخرطين في التعليم. وبحسب نتائج المسح يجلس على مقاعد الدراسة في الأردن 250 ألف طفل سوري من بين 345 ألف طفل سوري، تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات إلى 17 عاما يقيم على أراضي المملكة.
وبحسب والد يوسف فإن ابنه البالغ من العمر 16 عاما، وجد صعوبة بالغة في التأقلم مع المناهج الأردنية؛ لذلك "أرسلته إلى صالون الحلاقة لدى أحد أصدقائي ليتعلم أسرار المهنة"، بحسب كلامه.
ويوسف في هذا الأمر ليس وحيدا؛ إذ أن "ستة من بين كل عشرة من الأطفال السوريين في الأردن الذين تتراوح أعمارهم بين 15 عاما و17 عاما ليسوا على مقاعد الدراسة"، بحسب نتائج مسح عمالة الأطفال الذي أجراه مركز الدراسة الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ووزارة العمل في الأردن ودائرة الإحصاءات العامة فيها.
المناهج الأردنية ونسب النجاح
وتظهر صعوبة تأقلم الطلاب السوريين مع المناهج الأردنية في تدني نسبة نجاحهم في امتحان شهادة الثانوية العامة "التوجيهي". فبحسب مصادر وزارة التربية لم تتجاوز نسبة النجاح في امتحان التوجيهي في جميع مدارس مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن 6 بالمائة.
وأظهرت النتائج التي أعلنت مطلع الشهر الماضي أنّ 11 طالبا في هذه المدارس اجتازوا الامتحان بنجاح من أصل 196 طالبا تقدموا للامتحان. وإلى جانب صعوبة التأقلم مع المناهج دفعت ضيق اليد عائلات سورية إلى إبقاء أبنائها في المنازل، لعدم قدرتها على تحمل أعباء التعليم المالية. "لم يكن بمقدوري دفع 1500 دولار لأحجز مقعدا لابني في مدرسة خاصة، بعد أن تعذر تأمين مكان له في مدرسة حكومية"، يعلل مصطفى سبب تفضيله تعليم ابنه في المنزل وعدم إرساله إلى المدرسة.
وهو سبب كان وراء عدم ذهاب نحو ثلاثين ألف طفل سوري يقيم في الأردن إلى المدارس، حسب نتائج مسح عمالة الأطفال في الأردن. لذلك يأمل مصطفى أن يعود ابنه إلى المدرسة خلال الأيام المقبلة، مع اتخاذ وزارة التربية تسهيلات لقبول الطلاب السوريين في مدارسها.
بلا وثائق
وكانت وزارة التربية طلبت من مدارسها خلال الشهور الماضية قبول تسجيل الطلاب السوريين، حتى وإن كانت تنقصهم وثائق؛ وهي خطوة أشادت بها منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأميركية المدافعة عن حقوق الإنسان الأسبوع الماضي.
ووقف نقص الوثائق المطلوبة حجر عثرة أمام التحاق نحو 1400 طفل سوري بالمدارس الحكومية، وفق تقديرات مصادر وزارة التربية.
وقبل ذلك كانت وزارة التربية تشترط لقبول طلاب سوريين في مدارسها حصولهم وثائق خدمة تصدرها وزارة الداخلية وجود أوراق مدرسية مصدقة تثبت مستواهم التعليمي.
ومع وجود قرابة 94 ألف طفل سوري في المملكة بعيدا عن مقاعد الدارسة، تعهد الأردن خلال مؤتمر عقد في العاصمة البريطانية لندن في فبراير/ شباط الماضي أن يوفر التعليم لجميع الأطفال السوريين على أراضيه، مقابل أن تلتزم الدول المانحة بتقديم مليار دولار إلى الأردن خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وبالتزامن مع رفع شعار "لا أطفال خارج المدارس" هذا العام، وقع الأردن الأسبوع الماضي اتفاقيات مع الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والنرويج وسويسرا، تقدم بموجبها هذه الدول منحا تبلغ قيمتها نحو 100 مليون دولار لدعم قطاع التعليم في الأردن.
اكتظاظ الصفوف
وقبل عقد مؤتمر لندن في فبراير/ شباط الماضي، شكا الأردن طيلة السنوات الماضية من أن تدفق اللاجئين السوريين على أراضيه بشكل متواصل منذ أوائل صيف عام 2011 أثر بشكل كبير في سير خطط التعليم في الأردن، إذ زاد اكتظاظ الصفوف الدراسية، واختصرت مدة الحصة التعليمية لفتح صفوف مسائية لتعليم الطلاب السوريين.
وبحسب مسؤولي وزارة التربية فإنّ تدفق اللاجئين زاد عدد المدارس ذات الصفوف المكتظة من 36 بالمائة عام 2013 إلى 46 بالمائة عام 2015 من إجمالي مدارس المملكة، بينما ارتفع عدد الطلاب في الشعب الدراسية إلى مستويات قياسية وصلت في بعضها إلى 60 طالبا في الشعبة الواحدة.
بينما أنفقت فيه وزارة التربية 600 مليون دولار خلال السنوات الماضية لبناء قرابة 5 آلاف غرفة صفية لاستيعاب الطلبة السوريين في المدارس الحكومية.
فيما تقدر وزارة التربية تكاليف استيعاب الطلبة السوريين في مدارسها بنحو 250 مليون دينار سنويا تتحمل خزينة الدولة المثقلة بالديون لوحدها ثلاثة أرباع هذه التكاليف، بينما لا يتجاوز ما يحصل عليه الأردن من دعم في هذا المجال 25 بالمائة بحسب مسؤولي الوزارة.