06 فبراير 2018
السيادة في مفهوم الأسد
يمان دابقي (سورية)
ارتبط مفهوم السيادة عربياً بإرادة السيد الواحد، بمدى قدرته وقوته على فرضها أمام إرادة الجماعة لكبحها وجعلها طوعاً لقوانينه التي سنّها من خلال تشريعات ودساتير تمّ صوغها بما يخدم بقاء السلطة حكراً بيد شخص واحد لصالح السيد الأول.
اتضح أكثر مفهوم السيادة بدعم حافظ الأسد لها، عندما استلم سدة الحكم في شباط/ فبراير 1971 فاستحكم بمفاصل الدولة ثمّ رسخ مفهوم السيادة الوطنية لسورية، عن طريق القوة والابتعاد عن معناها الحقيقي كمفهوم اصطلاحي، يُعنى بتنظيم أمور الجماعة وإعطاء كلّ الحقوق الفردية والشخصية بميزان العدل والمساواة.
ومع انطلاق الثورة السورية في العام 2011 وضعت السيادة السورية على المحك، وسرعان ما انكشفت النيات، إذ أثبت الأسد أنّه أكثر تمسكاً وأشدّ صرامةً من أبيه للاستحكام والسيطرة على سورية، عبر مفهوم السيادة الوطنية وإصراره على منع انتهاكها.
وعندما أوجع السوريون ركائز سلطته استنزف الأسد قوته، ولم تعد تكفيه فتم الانتقال إلى مرحلةٍ أخرى، هي تقاسم السيادة السورية مع الدول الكبرى، والسؤال هنا: هل يمكن تقاسم السيادة؟
تكلم المفكر الفرنسي جان بودان عن تجزئة السيادة من خلال تبعثر القوة باعتبارها جملةً من الأوامر والنواهي، تحدّد الولاء لشخص واحد عن طريق القوة الجبرية والسلاح فتتبعثر القوة، ما يفسح المجال للفتن وحدوث صراعات واندلاع حروب أهلية، وهذا بالضبط ما قام به الأسد، عندما تشتّتت قوتهُ في الدفاع عن مُلكه، فطلب المدد من إيران واستجلب مرتزقة ومليشيات من حزب الله اللبناني والعراق والأفغان، ليصل به المطاف إلى دخول روسيا وتشكيل حلف سياسي من دول مناصرة عديدة له، وكلّ هذا حصل على حساب تجزئة السيادة وتقديم سورية لهم بكلّ ما تحوي من خيرات وثروات على طبق من ذهب، مقابل البقاء على كرسي العرش في العاصمة دمشق.
أنصف جان بودان مفهوم السيادة، عندما فصل بينها وبين الملكية الذاتية للفرد، فإبراز الملكية الفردية وإظهار مجال المشاركة وفصلهما يعدّ من الأسس التي تقوم عليها الدولة. ومن هنا، تقوم العلاقة الأساسية على أنّ السيادة التي حاز عليها الحاكم يجب أن لا تهضم حق المواطنين من الملكية الخاصة، فالعدل هنا هي الصفة الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الحاكم وتمنعه من سلب حق الجمهور، فعمد بودان إلى التمييز بين أنظمة الحكم على أساس القانون، وقال إنّ الطاغية ينظر إلى القانون نظرة ثانوية، لأنّه ينظر إلى الجمهور نظرة عبيد، ويعتقد الطاغية أنّه يحق له التصرّف بهم كما يشاء، أمّا الحاكم العادل، والذي وصفه بودان بالحاكم الرشيد، فهو ينظر إلى القانون على أساس العدل، وليس نظرة ثانوية، ويتوجب على الحاكم جعل القانون متوافقاً مع المنظومة الأخلاقية والروحية ومفهوم السيادة له يستمدها من خلال نظره إلى روح القانون والتعامل به على أساس تقديم مصلحة الجمهور على مصلحته الخاصة.
مفارقة كبيرة بين ما ميّزه بودان وما ميّزه الأسد من الابتعاد كلّ البعد عن جوهر القانون وتدمير المنظومة الأخلاقية والروحية وتفتيت المجتمع عبر التهجير القسري، وتفكيك النسيج الاجتماعي جرّاء طُرق مستمدّة من الملاحم التاريخية التي ارتكبت أكبر الجرائم بحق الإنسانية، ولا زال الأسد بعد كلّ ما ذكرناه يُطلق تراجيديا ويقدم محاضرات عن مفهوم السيادة الوطنية.
اتضح أكثر مفهوم السيادة بدعم حافظ الأسد لها، عندما استلم سدة الحكم في شباط/ فبراير 1971 فاستحكم بمفاصل الدولة ثمّ رسخ مفهوم السيادة الوطنية لسورية، عن طريق القوة والابتعاد عن معناها الحقيقي كمفهوم اصطلاحي، يُعنى بتنظيم أمور الجماعة وإعطاء كلّ الحقوق الفردية والشخصية بميزان العدل والمساواة.
ومع انطلاق الثورة السورية في العام 2011 وضعت السيادة السورية على المحك، وسرعان ما انكشفت النيات، إذ أثبت الأسد أنّه أكثر تمسكاً وأشدّ صرامةً من أبيه للاستحكام والسيطرة على سورية، عبر مفهوم السيادة الوطنية وإصراره على منع انتهاكها.
وعندما أوجع السوريون ركائز سلطته استنزف الأسد قوته، ولم تعد تكفيه فتم الانتقال إلى مرحلةٍ أخرى، هي تقاسم السيادة السورية مع الدول الكبرى، والسؤال هنا: هل يمكن تقاسم السيادة؟
تكلم المفكر الفرنسي جان بودان عن تجزئة السيادة من خلال تبعثر القوة باعتبارها جملةً من الأوامر والنواهي، تحدّد الولاء لشخص واحد عن طريق القوة الجبرية والسلاح فتتبعثر القوة، ما يفسح المجال للفتن وحدوث صراعات واندلاع حروب أهلية، وهذا بالضبط ما قام به الأسد، عندما تشتّتت قوتهُ في الدفاع عن مُلكه، فطلب المدد من إيران واستجلب مرتزقة ومليشيات من حزب الله اللبناني والعراق والأفغان، ليصل به المطاف إلى دخول روسيا وتشكيل حلف سياسي من دول مناصرة عديدة له، وكلّ هذا حصل على حساب تجزئة السيادة وتقديم سورية لهم بكلّ ما تحوي من خيرات وثروات على طبق من ذهب، مقابل البقاء على كرسي العرش في العاصمة دمشق.
أنصف جان بودان مفهوم السيادة، عندما فصل بينها وبين الملكية الذاتية للفرد، فإبراز الملكية الفردية وإظهار مجال المشاركة وفصلهما يعدّ من الأسس التي تقوم عليها الدولة. ومن هنا، تقوم العلاقة الأساسية على أنّ السيادة التي حاز عليها الحاكم يجب أن لا تهضم حق المواطنين من الملكية الخاصة، فالعدل هنا هي الصفة الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الحاكم وتمنعه من سلب حق الجمهور، فعمد بودان إلى التمييز بين أنظمة الحكم على أساس القانون، وقال إنّ الطاغية ينظر إلى القانون نظرة ثانوية، لأنّه ينظر إلى الجمهور نظرة عبيد، ويعتقد الطاغية أنّه يحق له التصرّف بهم كما يشاء، أمّا الحاكم العادل، والذي وصفه بودان بالحاكم الرشيد، فهو ينظر إلى القانون على أساس العدل، وليس نظرة ثانوية، ويتوجب على الحاكم جعل القانون متوافقاً مع المنظومة الأخلاقية والروحية ومفهوم السيادة له يستمدها من خلال نظره إلى روح القانون والتعامل به على أساس تقديم مصلحة الجمهور على مصلحته الخاصة.
مفارقة كبيرة بين ما ميّزه بودان وما ميّزه الأسد من الابتعاد كلّ البعد عن جوهر القانون وتدمير المنظومة الأخلاقية والروحية وتفتيت المجتمع عبر التهجير القسري، وتفكيك النسيج الاجتماعي جرّاء طُرق مستمدّة من الملاحم التاريخية التي ارتكبت أكبر الجرائم بحق الإنسانية، ولا زال الأسد بعد كلّ ما ذكرناه يُطلق تراجيديا ويقدم محاضرات عن مفهوم السيادة الوطنية.