يقول أحد الفلاسفة: "النفس الطيبة لا يملكها إلا الشخص الطيب، والسيرة الطيبة هي أجمل ما يتركه الإنسان في قلوب الآخرين؛ وذلك لأن ثروة الإنسان تكمن في حب الآخرين له". تنطبق هذه المقولة المأثورة جلياً على نجم كرة القدم المصرية السابق، محمد أبو تريكة، الذي نجح في حصد ثروة ضخمة من خلال استحواذه على تقدير واحترام الجماهير على اختلاف جنسياتها وميولها.
ولم يكن غريباً أن يحظى صانع ألعاب النادي الأهلي المصري، محمد أبو تريكة، بمثل هذا الدعم الجماهيري الهائل، خلال مشاركته في المباراة الاستعراضية التي جمعت بين فريقي نجوم العالم ونجوم دولة الكويت، في حفل افتتاح إستاد جابر الدولي، الذي أقيم مساء يوم الجمعة، تحت أنظار نحو 60 ألف متفرج؛ فلطالما كان "أبو تريكة" هو الشخص الوحيد، الذي اتفق العرب على عشقه وسط خلافاتهم الطاحنة.
وجنى "أمير القلوب" كما يحلو لعُشاقه مناداته محبة الناس بأخلاقه الرفيعة، وتواضعه الشديد، فإلى جانب الإنجازات المؤثرة التي حقّقها رفقة منتخب بلاده ومع ناديه السابق؛ خطف نجم كرة القدم المصرية الأضواء من خلال مواقفه الإنسانية الراقية، لعل أشهرها ما حدث في نهائي بطولة كأس الأمم الأفريقية، في إستاد القاهرة عام 2006، عندما رفع اللاعب قميصا كُتب عليه "فداك يا رسول الله" رفضاً منه للإساءة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، عندما قامت صحف أوروبية بإعادة نشر رسوم مسيئة له.
مصر
وبدأت حكاية العشق بين لاعب النادي الأهلي السابق، الذي قدم للكرة المصرية ما عجز عن تقديمه أي لاعب عبر تاريخها العريق، وجماهير كرة القدم، في بلده الأم مصر؛ عندما نجح اللاعب في خلق حالة من التوافق داخل الشارع الرياضي المصري، بعد سنوات التعصب بين جماهير النادي الأهلي تارة، وجماهير منافسه التقليدي الزمالك تارة أخرى، حيث أجمع عُشاق كرة القدم في مصر على حبه.
ولم يكن هذا الإجماع من فراغ، بل جاء ذلك نتيجة الإنجازات الكبيرة التي حقّقها نجم النادي الأهلي السابق لكرة القدم المصرية، فضلاً عن تميزه بالأخلاقيات العالية في علاقاته مع الآخرين داخل وخارج الملعب، إلى جانب التزامه الديني، والتزامه بقواعد وأخلاقيات اللعب على أرضية المباراة، إذ لم يحصل أبو تريكة على أي بطاقة حمراء طوال مسيرته وتاريخه في كرة القدم.
فلسطين
ولم يكتفِ "أبو تريكة" بخطف قلوب الجماهير المصرية فحسب، وإنما كسب نجم المنتخب المصري السابق، أيضاً قلوب الجماهير الفلسطينية في السابع والعشرين من شهر يناير 2008، وبالتحديد خلال المباراة التي جمعت منتخب بلاده المصري بنظيره السوداني، في الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثالثة في الدور الأول لبطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 2008.
وفاجأ اللاعب المصري الجماهير آنذاك، عندما ارتدى قميصاً كُتب عليه عبارة "تعاطفاً مع غزة" باللغتين العربية والإنجليزية، وذلك للتعبير عن تعاطفه في ذلك الوقت مع أبناء الشعب الفلسطيني في مدينة غزة، في وقتٍ تجاهل كثيرون نصرة تلك المدينة المسكينة، التي كانت تتعرض لوابلٍ من الصواريخ الإسرائيلية.
الجزائر
وامتلك "أبو تريكة" أيضاً رصيداً وافراً من حب الجماهير الجزائرية، كيف لا؟ وقد خطف اللاعب قلوب الجماهير الجزائرية، عندما سافر إلى بلد المليون شهيد في عام 2009، وذلك كبادرة صلح بين جماهير البلدين، بعدما اشتعل بينهما التوتر عقب أحداث أم درمان الشهيرة، حيث أعلن اللاعب آنذاك عن دعمه وتشجيعه للمنتخب الجزائري في بطولة كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا.
ولم تنسَ الجماهير الجزائرية هذا الموقف العظيم لنجم كرة القدم المصرية، وذلك عندما استقبلته بشكلٍ خُرافي لدى زيارته للجزائر في عام 2011، للمشاركة في المباراة التي جمعت بين فريقي الأهلي المصري، ومولودية العاصمة الجزائري، في بطولة دوري أبطال أفريقيا.
المغرب
ولم تكن جماهير فريق مولودية الجزائر هي الوحيدة التي سبق لها أن استقبلت نجم النادي الأهلي بهذه الطريقة الرائعة، فقد سبق للاعب، الذي ساهم في تتويج منتخب بلاده بلقبي بطولة كأس الأمم الأفريقية عامي 2006 و2008، أن تلقى عاصفة من التصفيق من جانب جماهير فريق الوداد البيضاوي المغربي، خلال المباراة التي جمعت بين الفريقين في بطولة دوري أبطال أفريقيا عام 2011.
اقرأ أيضا..
محرز ليس الوحيد..ظاهرة النجوم الجدد..من "مصانع الكرة" في فرنسا