واستمرت، يوم أمس الأربعاء، حملة النظام العسكرية التي بدأت قبل أكثر من ثلاثة أسابيع ضد تنظيم "داعش" في جنوب العاصمة السورية دمشق، إذ ذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن قوات النظام قصفت بالمدفعية الثقيلة مواقع في مخيم اليرموك والحجر الأسود، بالتزامن مع محاولات للتقدّم على حساب التنظيم، مضيفةً أنّ "داعش" شنّ مساء أول من أمس الثلاثاء هجوماً معاكساً على مواقع قوات النظام، تمكّن على إثره من استعادة السيطرة على موقع المستشفى الياباني وكامل المدينة الرياضية في مخيم اليرموك، وقتل وجرح أكثر من خمسين عنصراً من قوات الأسد.
ويُبدي مسلحو "داعش" شراسةً في هذه المعارك، في وقت اعتبرت "قاعدة حميميم" أن قلّة كفاءة قوات النظام المهاجمة، هي سبب تأخّر الحسم في مخيم اليرموك والحجر الأسود ضد التنظيم. وكان النظام السوري وتنظيم "داعش" قد توصّلا سابقاً إلى اتفاق يقضي بخروج مسلحي الأخير من جنوب دمشق إلى بادية دير الزور شمال شرق البلاد، إلا أنّ الاتفاق لم يتم تنفيذه، من دون معرفة السبب الحقيقي وراء ذلك، وسط حديث عن أنّ مسلحي التنظيم طالبوا بضمانات بألا يتعرّضوا للقصف طيلة الطريق الذي سيقطعونه من دمشق إلى ريف دير الزور، وهو ما يستحيل تحقيقه، بسبب كونهم سيعبرون من مناطق النظام نحو مناطق ينشط فيها طيران "التحالف الدولي" شرقي سورية.
إلى ذلك، دخلت الشرطة العسكرية الروسية، أمس الأربعاء، إلى بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، التي كانت تحت سيطرة المعارضة السورية، وذلك بعد خروج الدفعة الخامسة من المدنيين والمقاتلين من المنطقة باتجاه الشمال السوري، وقبل خروج الدفعة الأخيرة بيومٍ واحد. وقالت مصادر محلية لـ "العربي الجديد" إن "عناصر الشرطة العسكرية انتشروا (أمس) الأربعاء داخل أحياء الجنوب الدمشقي، وذلك على الرغم من وجود مقاتلين من المعارضة السورية ومدنيين يرغبون في الخروج نحو الشمال السوري"، مضيفةً أن الشرطة العسكرية الروسية تعرّضت لرشق بالحجارة من قبل بعض الشبّان في المنطقة، إذ استهدفت الحجارة آلياتهم وأماكن تمركزهم.
وفي سياق متصل، وصلت قوافل المُهجّرين من ريف حمص الشمالي وجنوب دمشق إلى ريف حلب الشرقي. وقالت مصادر من "منسقي الاستجابة" في الشمال السوري لـ"العربي الجديد" إن الدفعة الثانية من مهجّري ريف حمص الشمالي وصلت الأربعاء إلى معبر "أبو الزندين" على مشارف مناطق سيطرة المعارضة في مدينة الباب، بالتزامن مع وصول الدفعة الأخيرة من مهجّري جنوب دمشق إلى المنطقة ذاتها. وتضمّ قافلة ريف حمص الشمالي 2803 أشخاص بين مقاتلين ومدنيين، تمّ نقلهم على متن 59 حافلة، بالإضافة إلى خمس حافلات فارغة للطوارئ، وثلاث سيارات إسعاف نقلت مصابين، وأخرى فارغة للطوارئ.
في المقابل، تضمّ القافلة السادسة من مهجري قرى وبلدات جنوب دمشق 655 شخصاً على متن 39 حافلة، وأربع حافلات فارغة للطوارئ، بالإضافة إلى سيارتي إسعاف محملتين بمصابين. وبقيت القوافل تنتظر حتى عصر أمس، عند معبر "أبو الزندين" بمحيط مدينة الباب، من أجل السماح لها بالدخول إلى مناطق المعارضة التي يسيطر عليها "الجيش السوري الحر"، والمنضوي ضمن عملية "درع الفرات". وقال ناشطون سوريون هناك إن القوات التركية في المنطقة تقوم بعمليات تفتيش وتدقيق على المهجّرين قبل السماح لهم بالدخول، مشيرةً إلى أنّ هذا الإجراء يأتي خوفاً من وجود مقاتلين من "هيئة تحرير الشام" بين هذه القوافل.
إلى ذلك، دخل أمس رتل عسكري تركي إلى غربي محافظة حلب، بمهمة يرجّح أنها استطلاعية، بهدف تثبيت نقطة مراقبة جديدة هناك، حسب اتفاقيات "أستانة"، التي عهدت إلى تركيا إنشاء 12 نقطة مراقبة في مناطق التماس بين النظام والمعارضة بمحافظة إدلب وأرياف حماة وحلب المتصلة بها. ويتألف الرتل العسكري من نحو ستين مدرعة وآلية عسكرية، وقد توجّه فور دخوله من الأراضي التركية عبر معبر كفرلوسين، نحو منطقة الراشدين الحدودية بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة غربي حلب. وقالت هيئة الأركان التركية إنها أتمت تثبيت عشر نقاط مراقبة حتى الآن في شمالي سورية، بينها خمس نقاط في ريف حلب الغربي، في حين تمّ توزيع النقاط المتبقية في محيط إدلب وشمالي حماة.
وفي شرقي البلاد، وتحديداً في ريف دير الزور، الذي يشهد هذه الأيام تحرّكاتٍ لقوات النظام و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) وتنظيم "داعش"، شنّت قوات "قسد" أمس هجوماً جديداً على مواقع لـ "داعش" قرب قرية الباغوز، شرقي دير الزور، قرب الحدود السورية - العراقية. وكان "مجلس دير الزور العسكري" التابع لـ"قسد" قد أعلن، الأسبوع الماضي، أنه سيبدأ عملياتٍ عسكرية واسعة، لـ"تطهير" آخر جيوب "داعش" قرب الحدود السورية العراقية، إن كان في ريف دير الزور الشرقي أو في جنوبي محافظة الحسكة.
ويشنّ "مجلس دير الزور العسكري" هجماته ضد "داعش" بدعم من طيران "التحالف الدولي"، الذي شنّت طائراته الحربية الثلاثاء غارات على مواقع للتنظيم بريف دير الزور عند الضفة الشرقية التي تُسيطر "قسد" على معظمها، مع احتفاظ قوات النظام بسيطرة على قرى عدة فيها، أبرزها خشام ومظلوم والحسينية والصالحية.