لم تستطع الفتاة الفلسطينية دانيا ارشيد (17 عاماً) من تحقيق حلمها الوحيد والنجاح في الثانوية العامة، فرصاصات جنود الاحتلال الاسرائيلي غيبتها وأحلامها عن أحضان كُتبها المدرسية ودعوات والدتها لها.
كانت دانيا في طريقها لمركز اللغة حيث تأخذ دروس تقوية للغتها الإنجليزية، قبيل استشهادها. كان ذلك تاريخ ذلك اليوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما قررت بأن تتوجه إلى المسجد الإبراهيمي للصلاة والدعاء.
ثمانية أيام مضت على استشهاد دانيا، ولم تستطع مسح الحزن عن عائلتها المتعبة من استعادة تفاصيل لا تزال منتشرة في زوايا المنزل في شارع السلام بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، حيث كانت دانيا تعيش.
وبالصوت المتعب من الحزن الشديد، يروي جهاد ارشيد لـ"العربي الجديد" حكاية رحيل ابنته دانيا أكبر فتياته، ويقول: "هي عروس الحرم، كانت في طريقها إليه للصلاة والدعاء، كانت على فترات متقطعة تتوجه إلى الحرم الإبراهيمي للدعاء لنيل شهادة الثانوية العامة، لكنها نالت شهادة أكبر وأجمل".
اقرأ أيضاً: فلسطين تدعو لتحقيق دولي في جرائم الاحتلال بحق أطفالها
تجاوزت دانيا بحسب والدها أول نقطة تفتيش عند الحرم الابراهيمي، والثانية أيضاً، وعند النقطة الثالثة صرخ فيها أحد الجنود، بأن ترمي سكيناً ادعى أنها تحمله، ويقول: "أي سكين وهي خضعت للتفتيش مرتين، كل ما في الأمر أن جنود الاحتلال ارتكبوا جريمة بشعة بحق ابنتي، وأعدموها بدم بارد وهي في طريقها للصلاة".
قتل جنود الاحتلال "عروس الحرم" بعدة رصاصات أطلقوها على جسدها، وتركوها تنزف على الأرض حتى فقدت كل قطرات الدم دون أن يتركوا لها قطرة واحدة من أجل التمسك بتلك الحياة التي تحبها، ولا حتى سمحوا لـ طواقم الإسعاف الفلسطينية من التدخل لإنقاذها.
هي التفاصيل ستترك وجعاً كبيراً لإخوتها الذكور الخمسة، عندما ينادوا على دانية لتعد لهم القهوة التي يحبونها من يدها، أو عندما تتذكر شقيقتاها الجدال بينهم على توضيب المنزل، أو عندما ترفع أمها الغطاء عنها كل صباح لتوقظها إلى المدرسة، ولكن هذه المرة لن تجدها.
اقرأ أيضاً: استبرق.. فتاة فلسطينية استيقظت لتجد نفسها متهمة بالطعن
يقول الأب كانت لدانيا حياة عادية، ولديها بضع أحلام بسيطة، منها حلم تحرير فلسطين، ووحدة العرب أيضاً، ويعتبر أن ابنته كانت عصامية وذات شخصية قيادية، وصاحبة ابتسامة لن تغيب ذكراها عن كل من عرفها، وهي المتفوقة في دراستها، ويشهد على ذلك مقعدها الذي لا يحمل اليوم سوى صورتها.
"مثل النسمة كانت في البيت" يصف ارشيد ابنته، ويشير إلى أنها كانت تحرص كثيراً بأن لا تغضب أحداً من أفراد عائلتها ولا حتى أصدقاءها، وتملك من الحضور والحركة ما يكفي ليجعل الجميع يفتقدها.
قُتلت دانيا، إعداماً برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي المتمركزين في نقاط التفتيش عند بوابات الحرم الإبراهيمي في 25 الشهر الماضي، واحتجز جثمانها لمدة أسبوع قبل أن يسلموه لذويها، وتم تشييعها في موكب وصفه والدها بالعرس أمس السبت.
اقرأ أيضاً: الشهيدة بيان العسيلي...رفعت رأس والدها