يُمكن القول إن عام 2017 هو الأسوأ على الإطلاق في تاريخ الصحافة، في المملكة العربية السعودية، بعد حملة شنها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، طاولت كثيرين، وشملت عشرات الصحافيين وأصحاب الحسابات المؤثرة والفاعلة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً "تويتر".
هذه الحملة التي استهدفت خاصة منتقدي الحكومة السعودية أو معارضيها في الرأي، أدت إلى دخول صحافيين ومؤثرين إلى السجن، من دون محاكمات.
كما واجهت أقلام صحافية كثيرة إنذارات معينة، ومنهم من أوقفوا عن الكتابة، بأوامر من الديوان الملكي السعودي المخوّل متابعة الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، ورصدها عبر لجان، كي تقدم تقارير فيها إلى جهات عليا.
وبالعودة قليلاَ إلى الوراء يتضح أن سقف الحرية كان أعلى مما هو عليه في الوضع الآني. كما لم يكن التنكيل بالصحافيين وإيداعهم في السجون موجوداً، ولم تتعد العقوبة التوقيف أياماً معدودة وأخذ تعهدات من الكتّاب. وفي هذا الصدد، يبرز الكاتب الصحافي الشهير، صالح الشيحي الذي تم اعتقاله، بعدما صرّح في أحد البرامج التلفزيونية أن "البلد ليس محمد بن سلمان فقط حتى نضع اللائمة عليه"، في ديسمبر/كانون الأول الجاري، فضلاً عن مقالات كتبها، وانتقد فيها أداء الدولة.
ويضاف إلى الشيحي الكاتب جميل فارسي الذي تم اعتقاله على خلفية انتقاده قرار بيع حصة من شركة "أرامكو"، في سبتمبر/أيلول الماضي.
ولم تأخذ الدولة أي خطوات في الإفراج عن الكاتب زهير كتبي الذي اعتقل، العام الماضي، بتهمة "تأليب الرأي العام على الدولة"، وهي تهمة استغلتها السلطات السعودية في إخماد الأصوات المنتقدة لسياساتها.
ولا يغيب عن الأذهان الكاتب جمال خاشقجي التي كفت صحيفة "الحياة" يده عن الكتابة، في ديسمبر/كانون الأول الجاري، بسبب "التجاوزات التي قام بها أخيراً"، وتضمنت "لجوء الكاتب للإعلام الغربي ومشاركته في لقاءات مشبوهة تسعى للنيل من المملكة والإساءة لها"، وفقاً لبيان عن الناشر خالد بن سلطان، علماً أن خاشقجي تعرض سابقاً لإيقاف مؤقت في سبتمبر/أيلول الماضي، من قبل الصحيفة نفسها، بعد تغريدات له، دافع فيها عن "جماعة الإخوان المسلمين"، وعن الشيخ يوسف القرضاوي.
كما نال لفيف من المغردين المصير نفسه، لا سيما عصام الزامل وخالد العلكمي اللذين لم يتماهيا مع الدولة في سياسة التحريض ضد دولة قطر. وأدى ذلك إلى انكفاء أقلام، وبرزت أسماء جديدة من الإعلاميين تكاد تكون مهمتها الوحيدة تبجيل قرارات الحكومة والنيل من دول مجاورة، فأضحى الإعلام المحلي مفعماً بالمديح.
إذ يبرز في هذا الشأن المحلل السياسي الطاغي على القنوات الحكومية، نايف الوقاع الذي يتولى مهمة مهاجمة دولتي قطر وتركيا في أغلب إطلالاته الإعلامية، بالإضافة إلى آخرين أمثال نايف الحربي الذي تبنى الأسلوب ذاته إزاء الدولتين.
بيد أن مجرى الأمور تغير عما كان عليه قبل عامين. وكانت منظمة "مراسلون بلا حدود" قد وجهت في تقريرها السنوي انتقادات للمملكة مفادها أن مستوى الرقابة الذاتية مرتفع للغاية، في ظل دولة لا تسمح بوجود صحافة مستقلة على أراضيها. وأردفت المنظمة أنه لم يعد أمام المنتقدين سوى فضاء الإنترنت للتعبير عن مكنون آرائهم. وانخفض مركز المملكة العربية السعودية إلى المرتبة 168، لتكون الأسوأ في منطقة الخليج العربي، بعد أن كانت في المركز الـ165، العام الماضي.
على المنوال ذاته سارت مؤسسة "فريدوم هاوس" التي انتقدت قمع حرية الصحافة في المملكة، إذ أشارت إلى أن السلطات السعودية لا تسمح لصحافييها بالتطرق إلى حرب اليمن، باستثناء بياناتها الرسمية.
وأدت تلك الإجراءات المشددة إلى إنشاء صفحات وحسابات على موقع "فيسبوك"، علّها تحقق ما يصبو إليه الصحافيون من نقلهم لوقائع حقيقية في البلاد، من دون تهديد من الرقيب. وكان العام الحالي المشرف على نهايته قد تخللته أحداث تاريخية في المملكة، بدءاً بالإعلان عن محمد بن سلمان ولياً للعهد، وصولاً إلى القبض على عشرات الأمراء ورجال الأعمال البارزين، بتهم "الفساد"، واحتجازهم في فندق "ريتز كارلتون" في العاصمة الرياض، وسط تعتيم إعلامي على أوضاعهم.
ولا تكمن المعضلة وحدها في هذا الشق، إذ تجاوزت ذلك لتكون متابعة قناة "الجزيرة" "وبي إن سبورتس" من المحظورات التي تستوجب العقوبة، ما لاقى تهكما كبيراً من المتابعين حيال "ضيق صدر" العهد الجديد.
اقــرأ أيضاً
هذه الحملة التي استهدفت خاصة منتقدي الحكومة السعودية أو معارضيها في الرأي، أدت إلى دخول صحافيين ومؤثرين إلى السجن، من دون محاكمات.
كما واجهت أقلام صحافية كثيرة إنذارات معينة، ومنهم من أوقفوا عن الكتابة، بأوامر من الديوان الملكي السعودي المخوّل متابعة الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، ورصدها عبر لجان، كي تقدم تقارير فيها إلى جهات عليا.
وبالعودة قليلاَ إلى الوراء يتضح أن سقف الحرية كان أعلى مما هو عليه في الوضع الآني. كما لم يكن التنكيل بالصحافيين وإيداعهم في السجون موجوداً، ولم تتعد العقوبة التوقيف أياماً معدودة وأخذ تعهدات من الكتّاب. وفي هذا الصدد، يبرز الكاتب الصحافي الشهير، صالح الشيحي الذي تم اعتقاله، بعدما صرّح في أحد البرامج التلفزيونية أن "البلد ليس محمد بن سلمان فقط حتى نضع اللائمة عليه"، في ديسمبر/كانون الأول الجاري، فضلاً عن مقالات كتبها، وانتقد فيها أداء الدولة.
ويضاف إلى الشيحي الكاتب جميل فارسي الذي تم اعتقاله على خلفية انتقاده قرار بيع حصة من شركة "أرامكو"، في سبتمبر/أيلول الماضي.
ولم تأخذ الدولة أي خطوات في الإفراج عن الكاتب زهير كتبي الذي اعتقل، العام الماضي، بتهمة "تأليب الرأي العام على الدولة"، وهي تهمة استغلتها السلطات السعودية في إخماد الأصوات المنتقدة لسياساتها.
ولا يغيب عن الأذهان الكاتب جمال خاشقجي التي كفت صحيفة "الحياة" يده عن الكتابة، في ديسمبر/كانون الأول الجاري، بسبب "التجاوزات التي قام بها أخيراً"، وتضمنت "لجوء الكاتب للإعلام الغربي ومشاركته في لقاءات مشبوهة تسعى للنيل من المملكة والإساءة لها"، وفقاً لبيان عن الناشر خالد بن سلطان، علماً أن خاشقجي تعرض سابقاً لإيقاف مؤقت في سبتمبر/أيلول الماضي، من قبل الصحيفة نفسها، بعد تغريدات له، دافع فيها عن "جماعة الإخوان المسلمين"، وعن الشيخ يوسف القرضاوي.
كما نال لفيف من المغردين المصير نفسه، لا سيما عصام الزامل وخالد العلكمي اللذين لم يتماهيا مع الدولة في سياسة التحريض ضد دولة قطر. وأدى ذلك إلى انكفاء أقلام، وبرزت أسماء جديدة من الإعلاميين تكاد تكون مهمتها الوحيدة تبجيل قرارات الحكومة والنيل من دول مجاورة، فأضحى الإعلام المحلي مفعماً بالمديح.
إذ يبرز في هذا الشأن المحلل السياسي الطاغي على القنوات الحكومية، نايف الوقاع الذي يتولى مهمة مهاجمة دولتي قطر وتركيا في أغلب إطلالاته الإعلامية، بالإضافة إلى آخرين أمثال نايف الحربي الذي تبنى الأسلوب ذاته إزاء الدولتين.
بيد أن مجرى الأمور تغير عما كان عليه قبل عامين. وكانت منظمة "مراسلون بلا حدود" قد وجهت في تقريرها السنوي انتقادات للمملكة مفادها أن مستوى الرقابة الذاتية مرتفع للغاية، في ظل دولة لا تسمح بوجود صحافة مستقلة على أراضيها. وأردفت المنظمة أنه لم يعد أمام المنتقدين سوى فضاء الإنترنت للتعبير عن مكنون آرائهم. وانخفض مركز المملكة العربية السعودية إلى المرتبة 168، لتكون الأسوأ في منطقة الخليج العربي، بعد أن كانت في المركز الـ165، العام الماضي.
على المنوال ذاته سارت مؤسسة "فريدوم هاوس" التي انتقدت قمع حرية الصحافة في المملكة، إذ أشارت إلى أن السلطات السعودية لا تسمح لصحافييها بالتطرق إلى حرب اليمن، باستثناء بياناتها الرسمية.
وأدت تلك الإجراءات المشددة إلى إنشاء صفحات وحسابات على موقع "فيسبوك"، علّها تحقق ما يصبو إليه الصحافيون من نقلهم لوقائع حقيقية في البلاد، من دون تهديد من الرقيب. وكان العام الحالي المشرف على نهايته قد تخللته أحداث تاريخية في المملكة، بدءاً بالإعلان عن محمد بن سلمان ولياً للعهد، وصولاً إلى القبض على عشرات الأمراء ورجال الأعمال البارزين، بتهم "الفساد"، واحتجازهم في فندق "ريتز كارلتون" في العاصمة الرياض، وسط تعتيم إعلامي على أوضاعهم.
ولا تكمن المعضلة وحدها في هذا الشق، إذ تجاوزت ذلك لتكون متابعة قناة "الجزيرة" "وبي إن سبورتس" من المحظورات التي تستوجب العقوبة، ما لاقى تهكما كبيراً من المتابعين حيال "ضيق صدر" العهد الجديد.