يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً، غداً الأربعاء، لبحث الهجوم الكيماوي الذي استهدف، اليوم الثلاثاء، بلدة خان شيخون في محافظة إدلب (شمال غرب سورية)، وأسفر عن سقوط 100 قتيل على الأقل و500 مصاب، وسط تنديد دولي واسع بالمجزرة.
وأعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، عن عقد الاجتماع، بعدما دعت بريطانيا وفرنسا إلى عقده عقب مجزرة خان شيخون التي تسيطر عليها المعارضة.
من جهتها، أعلنت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في سورية أنها "تحقق حالياً" في الهجوم الكيماوي، وقال المحققون في بيان إن "التقارير التي تشير إلى أن هجوماً نفّذ بأسلحة كيماوية تثير قلقاً بالغاً. إن اللجنة تحقق حالياً حول الظروف المحيطة بهذا الهجوم، بما فيها المزاعم عن استخدام أسلحة كيماوية".
وأضافوا "من الواجب تحديد هوية منفذي هذه الهجمات ومحاسبتهم". واتهمت المعارضة السورية النظام السوري بشن هجوم كيماوي خلّف عشرات القتلى، بينهم عدد كبير من الأطفال. وأكدت لجنة التحقيق أن "استخدام الأسلحة الكيماوية واستهداف المنشآت الطبية يشكلان جرائم حرب وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".
إلى ذلك، ندّد البيت الأبيض بالهجوم الكيماوي، معتبراً أنه "لا يمكن القبول به". وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، إن "الهجوم الكيمياوي الذي وقع اليوم في سورية واستهدف أبرياء بينهم نساء وأطفال (هو) مشين"، مندداً بهذا العمل "المروع" الذي اتهم نظام الرئيس بشار الأسد بارتكابه.
وأضاف أن "هذا العمل المروع من جانب نظام بشار الأسد هو نتيجة ضعف الإدارة السابقة وانعدام التصميم لديها". وتابع سبايسر أن "الولايات المتحدة تقف الى جانب حلفائها في أنحاء العالم للتنديد بهذا الهجوم الذي لا يمكن القبول به". ورغم اعتباره أن "من مصلحة" السوريين عدم بقاء بشار الأسد في الحكم، فإن المتحدث اعتبر أنه ليس هناك في هذه المرحلة خيار فعلي لتغيير النظام.
وفي السياق، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن أي استخدام لأسلحة كيماوية هو أمر "مقلق ومزعج للغاية"، وأبلغ الصحافيين "أي نوع من التقارير عن استخدام أسلحة كيماوية، خصوصا ضد المدنيين، هو أمر مقلق ومزعج للغاية. أي استخدام لأسلحة كيماوية في أي مكان يشكل تهديدا للسلام والاستقرار وهو انتهاك خطير للقانون الدولي".
كما أعربت دولة قطر عن إدانتها واستنكارها بأشد العبارات للهجوم، وطالبت وزارة الخارجية القطرية، في بيان أصدرته اليوم الثلاثاء، بتحقيق دولي في هذه الجريمة البشعة، واتخاذ إجراءات فورية وفعالة لحماية الشعب السوري.
وجدد البيان القطري، المطالبة بتقديم جميع المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سورية إلى العدالة، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، مشددا على أن الإفلات من العقاب ساهم في ازدياد الانتهاكات والفظائع في سورية، وقوض تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جون مارك ايرولت، أن الهجوم الكيماوي وسيلة اختبار للإدارة الأميركية الجديدة، وأنه حان الوقت لأن توضح واشنطن موقفها بشأن الأسد.
وقال الوزير الفرنسي في تصريح لراديو (آر.تي.إل) "إنه اختبار. ولهذا السبب تكرر فرنسا الرسائل ولا سيما للأميركيين لتوضيح موقفهم"، مضيفا أن بوسعها فعل ذلك عندما يجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة غداً الأربعاء.
وتابع "قلت لهم إننا نريد الوضوح. ما موقفكم؟ السؤال، الذي يحتاج جواباً بنعم أو لا، يهدف لمعرفة ما إذا كان الأميركيون يدعمون انتقالا سياسياً في سورية، وهو ما يعني تنظيم هذا الانتقال، وإجراء انتخابات وفي نهاية العملية.. يتم طرح السؤال بشأن رحيل الأسد".
إلى ذلك، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، إن الهجوم الكيماوي "المروع" الذي وقع، اليوم الثلاثاء، جاء من الجو، مضيفاً أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيجتمع للمطالبة بمحاسبة المسؤول عنه.
وأضاف في مؤتمر دولي في بروكسل يستهدف دعم محادثات السلام السورية الهشة "كان (هجوماً) مروعاً، ونطالب بتحديد واضح للمسؤولية وبالمحاسبة، وأنا على ثقة بأنه سيكون هناك اجتماع لمجلس الأمن لهذا الشأن".
أما الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند فقد حمّل "المسؤولية السياسية والاستراتيجية والأخلاقية" لحلفاء النظام السوري، عقب الهجوم الكيماوي. وذكر بيان صدر اليوم عن الرئاسة الفرنسية، أنّ "رئيس الجمهورية يدين بشدة الهجوم الجوي بالأسلحة الكيماوية الذي استهدف صباح اليوم خان شيخون".
وأضاف أن "النظام السوري سينكر، مرة أخرى، مسؤوليته الواضحة عن هذه المجزرة".
وهو ما سارع النظام إلى فعله، بعدما نفى النظام السوري في بيان "نفياً قاطعاً" استخدام أي أسلحة كيماوية أو سامة في مدينة خان شيخون. وورد في بيان نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) "القيادة العامة للجيش تنفي نفياً قاطعاً استخدام أي مواد كيماوية أو سامة في بلدة خان شيخون بريف إدلب هذا اليوم، وتؤكد أنها لم ولن تستخدمها في أي مكان أو زمان لا سابقاً ولا مستقبلاً".
وبالنسبة للرئيس الفرنسي، فإن "بشار الأسد يعوّل، تماماً كما حصل في 2013، على الاستفادة من تواطؤ حلفائه لإفلات لا يغتفر من العقاب"، في إشارة إلى الهجوم الكيماوي الذي استهدف، في العام المذكور، الغوطة شرق العاصمة السورية دمشق، وأسفر عن مقتل المئات.
وتابع هولاند أنه "بإمكان أولئك الذين يدعمون هذا النظام (دون تسميتهم) الوقوف مرة أخرى على حجم مسؤوليتهم السياسية والاستراتيجية والأخلاقية".
(وكالات)