يكشف مصدر حكومي عراقي بارز لـ"العربي الجديد"، أنّ رئيس الوزراء حيدر العبادي اعتذر عن أول طلب إيراني مباشر تلقاه خلال زيارته الرسميّة الأولى إلى طهران، الثلاثاء الماضي، ويقضي بطرد ما تبقى من أعضاء منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة والمتواجدة حالياً في بغداد.
ويؤكّد المصدر الوزاري ذاته، أنّ "الرئيس الإيراني حسن روحاني طالب العبادي بطرد ما تبقى من عناصر "مجاهدي خلق" في بغداد وتسليم عدد منهم للقضاء الإيراني، بسبب وجود دعوى قضائية ضدهم". وقابل العبادي، وفق المصدر ذاته، طلب روحاني بالاعتذار، انطلاقاً من أنّ ذلك "لن يصبّ في صالح العراق ومشروع تحسين صورته أمام الرأي العام العربي أو الغربي، فضلاً عن أنّ جماعة "خلق"، تخضع لوصاية بعثة الأمم المتحدة في بغداد "يونامي"، لكنّه تعهّد في الوقت ذاته بأنّهم "لن يشكّلوا أيّ تهديد على أمن وسيادة إيران".
وكان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، حليف طهران، قد نفّذ سلسلة هجمات على معسكرات المعارضة الإيرانيّة، في ديالى وبغداد، خلال السنوات الثماني الماضية، ما أسفر عن مصرع العشرات منهم، وبينهم أطفال ونساء، في موازاة تسليمه عدداً منهم لحكومة بلادهم. ولاقت هذه الخطوة تنديد الأمم المتحدة، التي رأت فيها "انتهاكاً للمعايير الدوليّة وحقوق الإنسان"، مقابل ترحيب إيران بخطوات المالكي.
ويوضح المصدر الحكومي ذاته أنّ "أجواء اللقاءات التي عقدها العبادي مع المسؤولين الإيرانيين كانت متوترة وغير مريحة، خصوصاً مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، بسبب هذا الملفّ وملفّ التحالف الغربي واستمرار توسّعه في العراق". ويؤكّد أنّ "إيران أبلغت العبادي عدم ارتياحها لمشروع الحرس الوطني في مناطق شمالي وغربي البلاد، معتبرة إياه تهديداً للعراق وجيرانه، إذ قد يكون وجهاً ثانياً لتنظيم "داعش" في المستقبل بسبب اقتصاره على مكون واحد".
ولم يتردّد العبادي أمام الهواجس الإيرانيّة، وفق المصدر، في إبلاغ المسؤولين الذين التقاهم بأنّه "لن يكون لمشروعه في العراق أي آثار سلبية على الإيرانيين"، مؤكّداً التزامه بالعمل مع التحالف الدولي حتى القضاء على تنظيم "داعش".
وكان العبادي قد أطلق في التاسع والعشرين من أغسطس/آب الماضي مشروع "الحرس الوطني"، بقوّة قوامها نحو 200 ألف مقاتل، يتولون ملف الأمن في مناطق شمالي وغربي البلاد، فضلاً عن محاربة تنظيم "داعش"، على أن يخضع المنتسبون إلى قانون المؤسّسة العسكريّة العراقيّة، ويحظوا بالامتيازات ذاتها، ويمثّلوا نواة الجيش العراقي المقبل، الذي سيتمركز في تلك المناطق، في مقابل انسحاب قوات الجيش الحالي إلى مناطق أخرى من البلاد.
ويسعى العبادي، بحسب مراقبين، إلى تغيير الصورة النمطيّة عن تبعيّة أنظمة الحكم المتعاقبة على بغداد لإيران، وتطمين الدول الغربيّة المتحالفة ضد تنظيم "داعش"، لناحية وجود تغيير فعلي في السياسية العراقيّة بهذا الاتجاه. وبدا ذلك واضحاً منذ تولي العبادي لرئاسة الحكومة ورفضه إسناد حقيبة "الداخليّة"، إلى زعيم "مليشيا بدر"، هادي العامري، "الابن المدلل" لطهران.