ينتظر أن تعلن، اليوم الخميس، نتائج التحقيق بشأن العنف الذي شهدته تظاهرات العراق مؤخرا، وأودى بحياة عدد من المتظاهرين، فيما عادت رواية "الطرف الثالث"، التي لاذت حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي خلفها لتبرير عمليات قتل وخطف المتظاهرين، للتداول بعدما أطلقت حكومة مصطفى الكاظمي سلسلة بيانات وتصريحات استدعت من خلالها الفرضية نفسها.
وتسري توقعات بألا تكون نتائج التحقيق، الذي سبق لرئيس الوزراء أن وعد في وقت سابق بالكشف عن نتائجه، حاسمة في الكشف عن المتورطين بقتل المتظاهرين، أو الذين استخدموا بنادق صيد طيور في تفريق المحتجين قرب ساحة الطيران الأحد الماضي، وتسببت بإصابات بالغة.
ومنذ الأحد الماضي، سقط أربعة متظاهرين عراقيين خلال تجدد الاحتجاجات في العاصمة بغداد بالقرب من ساحة التحرير، بينهم فتى بالسابعة عشرة، فضلا عن رجل ستيني يدعى أبو أحمد النحات، عرف بالحراك الشعبي الأخير من المطالبين بتحسين الحياة المعيشية للمواطنين، ورحل تاركا خلفه 10 أطفال بلا معيل، كما أصيب 59 آخرون، بينهم 20 محتجا في النجف.
وتعليقا على الأحداث الأخيرة، تحدثت حكومة الكاظمي عن وجود طرف ثالث بين المتظاهرين وقوات الأمن يقوم بعمليات إطلاق النار وقتل المحتجين لأسباب معروفة، وهو ما اعتبره سياسيون ومراقبون فشلا جديدا لحكومة الكاظمي بتنفيذ وعود حماية المتظاهرين، وأيضا قد يكون محاولة للتهرب من المسؤولية وتقديم المتورطين بقمع التظاهرات.
وأعلنت وزارة الداخلية العراقية، في وقت سابق، عن رصد "مجموعات إجرامية" استهدفت المتظاهرين في ساحة التحرير في بغداد، مؤكدة أن القوات الأمنية لم تستخدم الرصاص الحي ضد المتظاهرين، فيما قال أحمد ملا طلال، المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إن "جزءا من نتائج التحقيق باستشهاد المتظاهرين في ساحة التحرير أفاد بأن أحد الشهيدين قتل برصاصة أطلقت من مسافة مترين، فيما كانت القوات الأمنية على بعد 45 مترا عن المحتجين"، في ترديد مشابه لرواية المتحدث السابق باسم الحكومة عبد الكريم خلف، الذي أصرّ على وجود طرف ثالث يقتل المتظاهرين وليس قوات الأمن.
منذ الأحد الماضي، سقط أربعة متظاهرين عراقيين خلال تجدد الاحتجاجات في العاصمة بغداد بالقرب من ساحة التحرير، بينهم فتى بالسابعة عشر، فضلا عن رجل ستيني
مسؤول في مكتب رئيس الوزراء العراقي قال، لـ"العربي الجديد"، إن الأخير تلقى تقارير استخباراتية وأمنية تؤكد وجود جهات مجهولة دخلت إلى ساحة التحرير خلال الأيام الماضية، وتهدف إلى تصعيد الاحتجاج ودفع المتظاهرين المعتصمين إلى الخروج والاحتكاك بالأمن، وعدم البقاء داخل خيامهم ساكنين كما في الفترة الماضية التي أعقبت جائحة كورونا.
وذكر المسؤول ذاته أنه وفقا لنتائج التحقيقات هناك جهات سياسية ومسلحة تقف خلف التصعيد الأخير في ساحة التحرير، و"التحقيق مستمر ومتواصل، وهناك نية حقيقية لكشف نتائج هذا التحقيق أمام الرأي العام، خلال الساعات أو الأيام المقبلة".
وكشف المسؤول العراقي عن أن "حكومة الكاظمي اتخذت خطة أمنية جديدة، نفذت خلال الساعات الماضية، لغرض توفير الحماية الكافية للمتظاهرين، والتصدي الى العناصر، التي تحاول جر المتظاهرين إلى الصدام والاقتتال مع القوات الأمنية".
مسؤول: وفقا لنتائج التحقيقات هناك جهات سياسية ومسلحة تقف خلف التصعيد الأخير في ساحة التحرير، والتحقيق مستمر ومتواصل، وهناك نية حقيقة لكشف نتائجه أمام الرأي العام
بدوره، قال القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، لـ"العربي الجديد"، إن مصطلح الطرف الثالث تم خلقه من أجل عدم كشف الجهات والشخصيات المتورطة بقتل وقمع المتظاهرين، و"هذا الأمر تعيده حكومة مصطفى الكاظمي حالياً، كما فعلت حكومة عادل عبد المهدي، ذلك سابقاً".
وبين الزاملي أن "إمكانيات الدولية العراقية كبيرة جداً، وإذا كانت هناك جهات وشخصيات تقف خلف عمليات قتل وقمع المتظاهرين، فعلى أجهزة الدولة كشفها، وعدم الاكتفاء بإطلاق تصريحات لا يمكن تصديقها، كوجود طرف ثالث أو وجود جهات خفية".
وأضاف أن "قضية وجود جهات سياسية تقف خلف التصعيد أمر غير مستبعد، لكن في المقابل على الحكومة العراقية كشف تلك الجهات، وعدم السير على نفس نهج حكومة عادل عبد المهدي، فالسير على هذا النهج، ربما يعيد سيناريو إسقاط الحكومة السابقة مع الحالية".
من جانبه، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، كاطع الركابي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "حكومة مصطفى الكاظمي اختلقت تفسيرا جديدا، يختلف عن الطرف الثالث، وهو أن قتل المتظاهرين تم من المتظاهرين أنفسهم"، في إشارة إلى حديث الحكومة عن أن الضحايا قتلوا على مسافة عدة أمتار.
وذكر الركابي: "كنا نأمل من حكومة الكاظمي أن تكشف عن الطرف الثالث، الذي كان يقتل ويقمع المتظاهرين في حكومة عادل عبد المهدي، لكن الحكومة الجديدة خلقت رواية جديدة، فلا يمكن للحكومات العراقية أن تبرر لعمليات القتل والقمع بحق المتظاهرين برواية لا يمكن تصديقها من قبل المواطنين".
وأضاف أن "الكاظمي يتحمل مسؤولية كل عمليات القتل والقمع بحق المتظاهرين، مهما كانت الجهات والشخصيات التي تقف خلفها، كما الحكومة العراقية هي المسؤولة عن أمن وسلامة المتظاهرين وعموم الشعب العراقي".
وختم عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بأن "تصعيد الاحتجاجات هو أمر شعبي، وليس سياسيا، خصوصاً أن المتظاهرين لم يلمسوا أية جدية في تلبية مطالبهم، كما هناك تراجع كبير في مستوى الخدمات، خصوصاً في توفير الطاقة الكهربائية مع الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، وهذا الأمر ربما يفجر الشارع العراقي، بكل المدن والمحافظات".