رغم مرور شهر كامل على انتهاء الحرب في مدينة الفلوجة العراقية، إلا أن المدينة لا تزال ترزح تحت سيطرة قوات الجيش الحكومي ومليشيات "الحشد الشعبي" الموجودة في معسكر طارق، شرق المدينة، والمتهمة بسرقة وإحراق آلاف المنازل والمتاجر.
ووفقا لتقديرات مسؤولين حكوميين محليين، فإن "نسبة الدمار الذي أصاب المنازل والمتاجر والأسواق والمعامل، والتي تم إحراقها أو تفجيرها بالفلوجة، بعد سرقتها من قبل مليشيات الحشد، بلغت أكثر من 70 بالمائة".
وبحسب مسؤول عراقي، فإن آلاف المنازل والمتاجر والمباني سرقتها المليشيات ثم أحرقتها أو فجرتها، في مختلف أحياء المدينة.
إلى ذلك، أعلن مصدر في دائرة أوقاف الفلوجة رفض الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد" أن عدد المساجد المدمرة والمحترقة على يد مليشيات الحشد الشعبي بلغت 21 جامعاً في مركز مدينة الفلوجة، مضيفا أن هناك مساجد أخرى جرى تدميرها بالكامل، في عدد من القرى والأرياف حول مدينة الفلوجة.
وقد تعرضت البنى التحتية من خطوط كهرباء وماء وشبكات مالجاري والاتصالات إلى أضرار كبيرة، جراء التخريب المتعمد لمليشيات "الحشد الشعبي"، إذ أشار مدير دائرة كهرباء الفلوجة، علاء راشد، لـ"العربي الجديد"، إلى أن نسبة الدمار الذي أصاب محطات الكهرباء وخطوط النقل والمحولات في المدينة بلغ سبعين في المائة.
بدوره، أوضح مسؤول محلي لدى قائم مقامية الفلوجة لـ"العربي الجديد"، أنّ الدمار في مدينة الفلوجة، عقب انتهاء المعارك مباشرة كان بحدود 10 % بعد تحريرها من داعش"، مؤكداً أن "نسبة الدمار ارتفعت إلى أكثر من 70 % بسبب عمليات انتقامية طائفية، مارستها مليشيات الحشد بعد اجتياحها للمدينة، تفاوتت ما بين سرقة وتفجير وحرق للمنازل والمحلات التجارية والجوامع".
إلى ذلك، أكد مصدر أمني في الشرطة المحلية أن "مليشيات الحشد ما زالت موجودة في معسكر طارق، شرقي المدينة، وفي منطقة الجسر الياباني شمال المدينة"، لافتاً إلى أن "المليشيات تدخل بشكل يومي للفلوجة، وتقوم بدوريات في شوارع المدينة الخالية، وتفتش مناطق عديدة من أحياء المدينة".
وسرّب ناشطون عراقيون العشرات من مقاطع الفيديو والصور تظهر قيام مليشيات الحشد بعمليات حرق وتفجير المنازل، وسط شعارات طائفية، وضحكات استهزاء، يطلقها أفراد تلك المليشيات. كما أظهرت صور أخرى قيام عربات تابعة لمليشيات الحشد بنقل المواد التي تم الاستيلاء عليها باتجاه العاصمة بغداد، أمام مرأى قوات الجيش الحكومي.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر محلية في العاصمة بغداد قيام أفراد تابعين لمليشيات الحشد بعرض ما جرت سرقته من منازل الفلوجة في أسواق شعبية في بعض مناطق بغداد أطلقوا عليها تسمية "سوق داعش"، مؤكدين أن ثمن هذه البضائع أرخص بكثير من سعرها الحقيقي.
وقدّر خبراء اقتصاد عراقيون حجم الخسائر التي تكبدتها المدينة، جراء عمليات الحرق والسرقة والتفجير، والتي نفذتها مليشيات الحشد، بأكثر من 250 مليون دولار.
وقال عضو غرفة تجارة الأنبار، ماجد العبيدي لـ"العربي الجديد" إن "الدمار الذي خلفته المليشيات أكثر من الدمار الذي تطلبه إخراج داعش من الفلوجة".
وأضاف "داعش تنظيم إرهابي، وعندما يفخخ منزلاً أو يفجر مبنى فهذا شيء غير مستغرب، لكن عندما تتشارك المليشيات مع الشرطة الاتحادية بعمليات سرقة وتفجير ونهب أموال الناس، ثم حرق منازلهم ومتاجرهم، بدوافع انتقام طائفية، فهذا ما يجب على الحكومة فتح تحقيق بشأنه".