لم يمضِ شهر واحد على الاتفاق بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان بشأن الملف النفطي، حتى طفا على الساحة خلاف جديد، قد يؤثر سلباً على تطبيق بنود الاتفاق، أو يعرقل عقد اتفاقات أخرى متوقعة بين الجانبين في المرحلة المقبلة. وفي دلالة على دقّة الخلاف بين الطرفين، لفت النائب الكردستاني، أحمد حسين، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن "الاتفاق الأخير بين الإقليم والمركز، لم ينه الخلافات بينهما، بل إن الخلاف قائم ومستمر حتى اليوم، خصوصاً فيما يتعلق بالملف النفطي وعائداته".
وأضاف أنّ "مشكلة جديدة ظهرت الآن بين الطرفين، تمثلت بمطالبة بغداد لأربيل بتسديد المبالغ المالية، التي تخصّ تصدير نفط الإقليم خلال الفترة السابقة". وكشف أن "الإقليم ردّ بدوره على طلب بغداد بمطالبتها بتسديد مبالغ استحقاق الشركات النفطية العاملة في الإقليم. الأمر الذي قد يُشكّل عقدة جديدة لخلاف جديد". وأشار حسين إلى أنّ "الإقليم يسعى لحل المشاكل بالحوار مع بغداد وتسويتها، لكنّ العاصمة ترسل مطالبات بين فترة وأخرى تجدّد الأزمات". ورجّح حسين أن "يكون لهذه المشكلة تأثير على الاتفاق الأخير".
من جهته، قلّل القيادي في "القوى الكردستانية"، محمود عثمان، من "أهمية الاتفاق الأخير بين بغداد وأربيل". وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاتفاق لا يعدو كونه اتفاقاً مبدئياً فقط، ومجرد حلّ مؤقت وإنه غير شفاف". وأكد أن "خلافات وإشكاليات أخرى ستظهر في شأن الاتفاق، وبالتأكيد ستخضع لخلافات سياسية، قد تُعرقل حلّ الأزمة بين الطرفين".
وذكر عثمان أنّ "الاتفاق تمّ من أجل إقرار الموازنة. فالإقليم يطالب بأن تكون له الحرية بتصدير نفطه". وشدّد أن "مشاكل النفط بين حكومتي بغداد وأربيل، تُحلّ عن طريق إقرار مشروع قانون النفط والغاز المعطّل، وكل الحلول، عدا إقرار المشروع، لا قيمة فعلية لها".
بدوره، أعلن النائب عن "تحالف القوى العراقية"، محمد العبيدي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ "أحداً لم يعرف شيئاً عن تفاصيل الاتفاق الأخير الذي أُبرم بين بغداد وأربيل، سوى من حضر الاجتماع في بغداد، سواء من جانب الحكومة المركزية أو من جانب ممثلي أربيل". ودعا الحكومة إلى "عرض الاتفاق على مجلسي الوزراء والنواب، ليعرف الجميع تفاصيله".
وشدّد العبيدي على "أهمية أن تكون الاتفاقات المتعلقة بواردات الشعب العراقي شفافة، ولا تتمّ تحت الطاولة ويلفّها الغموض". وأكّد أنّه "يجب تسوية المشاكل بين الطرفين، وفقاً لمبدأ تساوي حقوق الشعب، فالنفط ملك للشعب العراقي، لا للسياسيين، ويُوزّع وفقاً لاتفاقياتهم".
وإلى جانب الردود الكردية، أكد وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي، في مؤتمر صحافي، عقده في البصرة، أمس الأربعاء، أنّ "العراق يُصدّر رسمياً مليونين و400 ألف برميل، عدا صادرات كردستان وكركوك (شمال)". وأشار إلى أنّ "المساعي حثيثة الآن، للإسراع بإصدار قانون النفط والغاز، لينظم العلاقة بين وزارة النفط والحكومات المحلية والمحافظات المنتجة والحكومة الاتحادية".
وشدّد عبد المهدي أنّه "من الواجب تشريع قانون توزيع الموارد المالية ليصبح قانوناً وتعليمات وتوجيهات قابلة للتنفيذ، وليس كما هو الحال في الفترة الحالية، مجرّد تفسيرات خاصة". وكشف أنّ "هذا الأمر طُرح، يوم الثلاثاء، في اجتماع مجلس الوزراء، وأنّ ذلك لا يصبّ في مصلحة كردستان فحسب، وإنما في مصلحة المحافظات المنتجة للنفط، كي تتمكن من كسب حقوق واضحة لها في الإدارة وفي الموارد النفطية".
وكانت حكومتا بغداد وأربيل، قد توصلتا في الثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري بعد مفاوضات استمرت ليومين، إلى اتفاق بشأن الخلاف النفطي. ونصّ الاتفاق على أن يسلّم الإقليم ما لا يقلّ عن 250 ألف برميل نفط يومياً، إلى بغداد لغرض التصدير، بالإضافة إلى تصدير 300 ألف برميل يومياً من قبل الحكومة الاتحادية من حقول محافظة كركوك، عبر خط أنبوب النفط في كردستان.