يتمسك التحالف الشيعي الأكبر "الفتح" بالحصول على وزارة الداخلية، عبر ترشيح رئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض. كما يتشبث "ائتلاف الوطنية" لزعيمه إياد علاوي بوزارة الدفاع، فيما ترفض قوى عدة إسناد وزارة العدل لأسماء سالم شقيقة زعيم مليشيا بابليون ريان الكلداني. ويعتبر المعترضون أن تعيينها يشكل انحرافاً خطيراً في مشروع الإصلاح المعلن. ورغم التقدم الذي تحقق بالاتفاق على وزارات أخرى مثل التخطيط والثقافة والتربية والتعليم العالي والهجرة، إلا أن الوزارات الثلاث تلك هي الأبرز في الأزمة الحالية.
أما الحوارات بين أبرز شخصيتين تقودان عملية تشكيل الحكومة في العراق فلم تفضِ إلى نتيجة، إذ لم ينجح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في التوصل مع رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري، إلى حلول ناجعة لسد الثغرات في العملية السياسية والوضع الخائر لعبد المهدي.
ووجّه الصدر رسالة علنية عبر "تويتر" للعامري، قال فيها إن "هناك صفقات سياسية تحاك بين أعضاء (فتح) وبين أفراد (البناء) من سياسيي السنة لشراء الوزارات بأموال ضخمة وبدعم خارجي لا مثيل له". وذكّر الصدر العامري بأنه "اتفقنا سوية أن يُدار العراق بطريقة صحيحة وبأسلوب جديد يحفظ استقلاليته وسيادته"، قبل أن يضيف "إما المضي سوية أو ليأخذوا كل مغانمهم وبأي أسلوب يشاؤون وتحت أنظار الشعب العراقي". وخاطب الصدر العامري قائلاً: "تعاهدنا بأن العراق هو سيكون الكتلة الأكبر، وتحالفي كان معك وليس مع الفاسدين المليشياويين".
وتشير الرسالة إلى أن الأزمة بين الصدر والعامري تعقدت وأن الجهود التي توصلت إليها الجبهتان خلال الأشهر الماضية، لمنع المحاصصة وبناء دولة خدمات وفق معايير النزاهة والكفاءة، لم تجلب نتيجة". كما يعتقد مراقبون أن المعلومات التي وردت في التغريدة، وهي صادرة عن زعيم أكبر كتلة برلمانية، تطيح بالحكومة وبمخرجات العملية الانتخابية. كما تثبت أنّ العملية كانت فاشلة وفاسدة وباطلة.
ولا يبدو أن جلسة اليوم ستحل معضلة ملف الوزارات الشاغرة في حكومة عادل عبد المهدي، لا سيما بعد خلو جدول أعمال الجلسة التي من المفترض أن تعقد مساءً من أي بند يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة. في المقابل، طُرح موضوع عام لمناقشة محافظ البنك المركزي علي العلاق وأعضاء مجلس الإدارة ومدير المصرف العراقي للتجارة، عقب فضيحة تلف مليارات الدنانير العراقية بمياه الأمطار التي هطلت أخيراً.
من جهته، يرجح عضو مجلس النواب العراقي، حُنيّن قدو، "إمكانية تمرير ستة وزراء خلال جلسة اليوم". ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "الخلافات السياسية مستمرة بشأن مرشحي الداخلية والدفاع بسبب إصرار تحالف الإصلاح (مقتدى الصدر) على عدم تولي شخصيات معينة وزارة الداخلية، في حين أن الكتل السنية لا تزال تبحث اختيار شخصية لمنصب وزارة الدفاع".
وحتى الآن لا يزال تحالف "الفتح" وكتلة "عطاء" يتمسكان بمنصب وزير الداخلية عبر مرشح واحد لم يظهر له منافس، هو فالح الفياض، أما عدد المرشحين لوزارة الدفاع فقد بلغ خمسة، بحسب عضو في ائتلاف الوطنية، الذي يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن "منصب وزارة الدفاع هو من حصة المكون السني، وبناءً على هذا الاختيار تدخّل تحالف المحور الوطني بشكل مباشر في عملية الترشيح لهذا المنصب وطرح خمسة مرشحين يجد فيهم الكفاءة والمهنية".
في السياق، يقول القيادي في تحالف "المحور الوطني"، علي الصجري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "البرلمان العراقي سيناقش اليوم قضية البنك المركزي وحادثة تلف 7 مليارات دينار عراقي، ليتم التحقق من أمر التلف عبر أعضاء هيئة النزاهة، بالتنسيق مع أعضاء لجنة النزاهة في البرلمان، وبعد التوصل إلى النتائج سيتم الإعلان عنها عبر الإعلام". وحول تشكيل الحكومة، يلفت إلى أن "مشكلة عدم استكمال التشكيلة الحكومية الجديدة، هي متعلقة بالوزارات الأمنية، والخلاف على الأسماء المرشحة، أي أن الحكومة كلها مرتبطة بالوزارات الأمنية". ويعتبر أنه يتعين "على عبد المهدي الإسراع بتشكيل الحكومة وحل ملف الوزارتين الأمنيتين، لأن تنظيم داعش الإرهابي يحاول اليوم استغلال الفراغ الحكومي والهجوم من جهة حدود العراق الغربية".
من جهته، يشير عضو تحالف "الفتح" عامر الفايز، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "الكيانات السياسية لحد الآن لم تتفق على اسم أي شخصية لأي وزارة محددة، لكنّ هناك اتفاقاً شبه رسمي على خمس وزارات، وترك ثلاث وهي الداخلية والدفاع والثقافة". ويوضح أن "الوزارات الخمس، لن تتم مناقشتها في جلسة اليوم، وقد يتم الأسبوع المقبل حل المشكلة، لأن المفاوضات لا تزال مستمرة لكن بدون اتفاقات".
في المقابل، يرى المحلل السياسي العراقي وأستاذ الإعلام في جامعة بغداد رعد جاسم، في حديث مع "العربي الجديد" أن "جلسة اليوم الأربعاء ربما ستحسم ملف الوزارات، لا سيما بعد تدوير عدد من الوزارات ما بين الأقليات وتحديداً المسيحيين، إذ كان الاتفاق يقضي بإعطاء المسيحيين وزارة العدل، ولكنها بحسب التسريبات صارت من حصة الأكراد، بعد تخليهم عن وزارة الهجرة والمهجرين التي ستكون من حصة المسيحيين". ويوضح أن "وزارات مثل التخطيط والدفاع والداخلية لن تحسم بسبب الصراع الكبير عليها، وتحديداً اشتداد الخلافات بين المكون السني على الدفاع وما بين المكون الشيعي خصوصاً سائرون والفتح على منصب وزير الداخلية، و(وزارة) التخطيط التي يسعى إليها الحزب الإسلامي".
ويلفت جاسم إلى أن "المفارقة في ما يجري حالياً، أن في بداية تشكيل الحكومة كنا نسمع أن الكتل خوّلت عادل عبد المهدي بأن يختار الوزراء بحرية، لكن حالياً الأمور تغيرت، فقد صار عبد المهدي هو الذي يخوّل الكيانات والأحزاب اختيار الأسماء، ما يدل على أن مركز القوة ليس عند عبد المهدي إنما عند الكتل السياسية في البرلمان".