مع تزايد إعداد الإصابات بفيروس كورونا في العراق، بات الحصول على المستلزمات الوقائية، كالكمامات والقفازات مهمة غير سهلة في ظل شحها، وارتفاع أسعارها. وأدى ذلك إلى انتعاش صناعة الكمامات محليا داخل مدن ومناطق مختلفة في البلاد من قبل مصانع نسيج كانت مغلقة أو حتى داخل المنازل من قبل الأسر المنتجة.
وكانت خلية الأزمة الحكومية المكلفة بمكافحة كورونا وبالتعاون مع وزارة الداخلية العراقية قد فرضت غرامات مالية تصل إلى 50 ألف دينار (نحو 42 دولاراً) على المواطنين الذين لا يرتدون الكمامات والقفازات في الأماكن العامة، ما أدى إلى شحتها في الأسواق وارتفاع أسعارها نتيجة احتكارها من قبل بعض التجار.
وبالرغم من ضعف الإمكانات تنتج بتول أحمد البالغة من العمر 48 سنه أكثر من ألف كمامة يومياً بمساعدة ابنتيها ومن ثم بيعها في الأسواق والطرقات عن طريق الباعة المتجولين.
وقالت في حديثها لـ "العربي الجديد" إن "تدهور الوضع المعيشي دفعها إلى صناعة الكمامات نتيجة الطلب عليها، وبينت أن صناعة الكمامات المنزلية أصبحت واحدة من المهن الأكثر ربحاً والأسهل".
وحول الأرباح التي تدرها صناعة الكمامات أشارت بتول أحمد إلى أن أرباح الكيس الواحد من الكمامات الذي يحتوي على 50 قطعة يتراوح ما بين 7 و10 دولارات حسب نوع الكمامة".
من جهته قال المواطن حسن جاسم، لـ"العربي الجديد" إن "الله لا يغلق بابا إلا ويفتح بابا غيره، فبعد أن أغلقت وزارة الصحة مطعمه الذي يعد مصدر رزقه الوحيد بسبب تفشي فيروس كورونا منذ أكثر من 3 أشهر لجأ إلى صناعة الكمامات تماشياً مع احتياجات المواطنين الضرورية".
وأضاف أن "شح الكمامات وارتفاع أسعارها في الأسواق شجعه على فتح ورشة عمل في منزله تحتوي على 8 ماكينات خياطة وتشغيل 10 من الأيادي العاملة من النساء الماهرات"، مبيناً أن ورشته الصغيرة تنتج يومياً أكثر من عشرة آلاف كمامة تباع عن طريق مندوبين إلى الصيدليات والأسواق".
مسؤولة قسم العمل والتشغيل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، رنا الحديثي، تقول في حديث مع "العربي الجديد" إن "وزارة العمل دعمت الكثير من المشاريع الصغيرة التي تهدف إلى تشغيل أياد عاملة عراقية"، مشيرة إلى أن ورش صناعة الكمامات واحدة من أكثر الورش عملا في الآونة الأخيرة.
وأضافت أن "الوزارة تدعم وترحب بمثل هذه المشاريع كونها تقضي على البطالة وتساهم في تحسين الواقع المعيشي لكثير من العائلات التي تعاني من تدهور وضعها الاقتصادي بعد تفشي فيروس كورونا".
وحسب الحديثي فإن العراق في السابق كان يستورد الكمامات من الصين وتركيا بملايين الدولارات بينما اليوم يكتفي بنسبة 80% من الكمامات محلية الصنع وخصوصاً التي تصنع في المنازل، مشيرة إلى أن صناعة الكمامات رغم قلة الإمكانات والأجهزة الحديثة إلا أنها أصبحت تدر مئات الدولارات لمن يمتهنها.
بينما قال عضو غرفة تجارة بغداد، أحمد حساني، لـ"العربي الجديد"، إن "المئات من الأسر العراقية باتت تنتج الكمامات وتبيعها بأسعار أرخص من المستوردة"، مضيفا أن الكمامات توافق اشتراطات الحماية ويتم استخدام خام قماش جيد وتبقى أفضل من لا شيء. واعتبر أن الظاهرة خلقت فرص عمل لمئات الأسر وفي الوقت نفسه شكلت عامل حماية صحية.
ويعاني العراق من تدهور وضعه الاقتصادي نتيجة الانهيار الكبير في أسعار النفط والعجز الكبير في الموازنة الذي يقدر بنحو 48 ترليون دينار، والذي انعكس سلباً على الواقع المعيشي للمواطنين بعد تسريح آلاف العاملين في القطاع العام وقطع أرزاق آلاف العاملين بالأجر اليومي.
وكان البنك الدولي قد توقع في وقت سابق انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للعراق بنسبة 9.7 في المائة خلال العام الحالي وتضاعف معدلات الفقر إلى مستويات مخيفة.
وحسب مسؤول ورشة الأمل لخياطة الكمامات، خالد العكيلي، فإن "صناعة الكمامات وبيعها في العراق أصبحت مهنه لمن لا مهنة له ومصدر رزق تعتاش عليه آلاف العائلات العراقية سواء كانوا من الذين يعملون في صناعة الكمامات أو الذي يبيعونها في الأسواق والطرقات والساحات العامة"، منوها إلى أن أصغر ورشة عمل لصناعة الكمامات تدر لصاحبها ما لا يقل عن 200 دولار يومياً.
وأضاف أن "انتشار الكمامات محلية الصنع ساهم بإنهاء جشع التجار المحتكرين للكمامات وساهم أيضاً بانخفاض أسعارها إلى النصف".