لم يحصل عامل البناء السوري شاهر اليوسف على الجنسية القبرصية رغم زواجه في لارنكا من مواطنة منذ عام 2004 متوقعا أن يتم الرد عليه في نهاية المطاف بالرفض، قائلا "منذ أن تقدمت بطلب الحصول على الجنسية في عام 2011، أذهب كل ثلاثة أعوام، لسؤال الموظفة المختصة بطلبات الجنسية عن تطورات طلبي، لترد علي بأن وجود الأولاد أمر ضروري حتى يثبت استقراري في البلد"، وهو ما دفعه إلى تكليف محام لمتابعة طلبه، وقد اكتشف عرقلة الطلب، بعد سؤاله مكتب الجنسيات في وزارة الداخلية القبرصية عن سبب تأخير الطلب، ليكتشف أن تم تسجيله ضمن قائمة مخالفي ما يعرف بالـ stop list، والتي تعني دخوله بشكل غير شرعي إلى البلاد قبل الزواج.
ويبدي اليوسف اندهاشه من استمرار تسجيله في تلك القائمة، فقد سبق أن دفع ثمناً باهظاً مالياً وقضائياً، لإزالة تلك المخالفة، وهو ما جعله يشعر باليأس من نيل جنسية زوجته التي يحق له التقدم بطلب الحصول عليها بعد انقضاء 3 سنوات من تاريخ زواجه، شريطة ألا يكون صدر بحقه أي حكم في جنحة، وفقاً لتأكيد المحامي المختص بشؤون الإقامة والجنسية يورغو يورغيوس لـ"العربي الجديد"، والذي لفت إلى أن اليوسف في حال حصل على اللجوء الكامل من الحكومة القبرصية بسبب ظروف الحرب الدائرة في بلده، يمكنه أن ينال وثيقة سفر أوروبية خاصة باللاجئين، وإقامة خمس سنوات، والتقدم بطلب الحصول على الجنسية بعد انقضاء سبعة سنوات مع ضرورة دفعه المستمر للتأمينات ووجود عمل ودخل مستمر له.
تأخر الموافقات على طلبات الجنسية
يعود سبب تأخير الموافقات على طلب المتقدم للحصول على الجنسية القبرصية، أو رفض مكتب الجنسيات بوزارة الداخلية القبرصية لطلبه إلى المخالفات المسجلة لدى الحكومة بحق المتقدمين مهما كانت خفيفة، مثل التأخر في تجديد الإقامة، ولو زالت المخالفة لاحقاً يجب أن يمر وقت عليها، قد يصل لسنة أو يزيد، وتراكم عدم دفع التأمينات الكاملة المشمولة صحياً ومهنياً واجتماعياً، وعدم استيفاء الشروط القانونية الواجبة لإمكانية التقدم بطلب الحصول على الجنسية، ما يضيع الرسوم المدفوعة لطلب الحصول على الجنسية والتي تبلغ 1500 يورو في كل مرة يرفض فيها الطلب، بحسب اليوسف وأربعة عرب مقيمين في قبرص، عانوا لسنوات من عدم الحصول على الجنسية القبرصية، رغم تزوجهم من قبرصيات، ومنهم الفلسطيني سعيد أبو رواد الذي يخشى من عدم حصوله على الجنسية، رغم مرور 12 عاما على زواجه من قبرصية، وإنجابه منها 4 أطفال كما يقول، وهو ما حدث مع حمدان محمد المصري المقيم في مدينة ليماسول الذي تزوج من قبرصية منذ خمسة عشر عاماً، ولم يحصل على الجنسية، رغم امتلاكه محلاً لبيع الحلويات العربية هناك، ويحمل أبناؤه الجنسية القبرصية، وهم في المرحلة الإعدادية من الدراسة، كما يقول لـ"العربي الجديد" مضيفا أنه جاء إلى قبرص وعمره عشرون عاماً، وما زال ينتظر البت في طلب الجنسية منذ عشر سنوات، متابعا "دفعت لعدة محامين مبالغ تتجاوز سبعة عشر ألف يورو، ولا توجد نتيجة، ولو أني وفرت هذا المبلغ لتوسيع عملي وشراء سيارة جديدة لكان هذا أفضل".
غلاء الجنسية القبرصية
وافقت السلطات القبرصية على 20% من إجمالي الطلبات المقدمة لنيل الجنسية القبرصية في السنوات الخمس الأخيرة، بحسب المحامي يورغوس.
وتعد الجنسية القبرصية من أغلى الجنسيات في العالم، إذ يتوجب من أجل الحصول على الجنسية القبرصية الاستثمار في عدة مجالات، منها الاستثمار في سندات الخزانة الحكومية أو شراء أو المشاركة في شركات تجارية قائمة أو الإيداع بالبنوك القبرصية أو الاستثمار العقاري غير أن أقل وسيلة للحصول على الجنسية القبرصية هي الاستثمار العقاري بقيمة لا تقل عن 2 مليون يورو بعد أن كانت 2.5 مليون يورو حتى مايو/أيار من عام 2017، في حين تتطلب بقية الخيارات الأخرى استثمارا بقيمة لا تقل عن 5 ملايين يورو، وفقا للقانون تحت بند تنفيذ سياسة الجنسية الاقتصادية، بحسب المحامي خرستوذيا، والذي أكد أن القانون القبرصي يشترط على المتقدم للحصول على إقامة دائمة من غير مواطني الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وجوب توفر موارد مستقرة ومنتظمة تكفيه ومن يعولهم للعيش في قبرص، دون اللجوء إلى نظام المساعدة الاجتماعية، والتأمين الصحي الذي يغطي المخاطر التي تغطيها شركات التأمين القبرصية في العادة، وألا يمثل وجوده في قبرص تهديداً للنظام، أو الأمن العام، وألا يكون مقر إقامته في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة القبرصية نتيجة غش أو تحريف.