مع كل نيسان تعود ذكرى مجازر الأرمن لتزعج السياسة الخارجية التركية، لكن هذه المرة كانت مع الفاتيكان، إذ وصف الباب فرانسيس أحداث 1915 التي تعرض لها الأرمن تحت الحكم العثماني، بأنها أولى مجازر الإبادة الجماعية في القرن العشرين، وذلك في قداس إحياء لذكرى ضحايا الأرمن عقد برئاسة البابا في الفاتيكان، وبحضور الرئيس الأرمني سيرج سركسيان.
أبدت أنقرة إدانة شديدة لتصريحات البابا على لسان عدد من مسؤوليها، بل وقامت باستدعاء سفير الفاتيكان في أنقرة، بينما تم سحب السفير التركي محمد باججي من هناك، لتبلغ هذه الإدانات أوجها اليوم في اجتماع جمعية المصدرين التركية، إذ حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان البابا فرانسيس من تكرار خطئه باستخدام مصطلح "جرائم إبادة جماعية" لوصف ما تعرض له الأرمن في أحداث 1915، مجدداً الدعوة التي كان قد أعلن عنها في وقت سابق من العام الحالي، لتشكيل لجنة من المختصين في التاريخ من البلدين وفتح أرشيف البلدين لإنهاء هذه المشكلة، قائلاً: "عندما يتشبه السياسيون والقادة الدينيون بالمؤرخين، عندها لا يخرج إلا الهذيان وليس الحقيقة، وأكرر الدعوة إلى إنشاء لجنة مشتركة من المؤرخين، وأنا أشدد على أننا جاهزون لفتح أرشيفنا، وأدين تصريحات البابا وأحذره من تكرار هذا الخطأ".
وبينما تصعد العاصمة الأرمنية يرفان من تحركاتها في ما يخص الذكرى المئوية الأولى لمجازر الأرمن في 24 من أبريل/نيسان، يستعد من جانبه البرلمان الأوروبي للمناقشة والتصويت على مشروع قرار يعترف "بمجازر الإبادة الجماعية الأرمنية"، حيث سيناقش البرلمان الأوروبي أيضاً إن كان سيعتمد تسمية عام 2015 بعام "ذكرى مجازر الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن على يد الإمبراطورية العثمانية".
من جانبه أكد سافاش إيلماز رئيس "جمعية مكافحة مزاعم الإبادة الجماعية"، أن الجمعية ستقوم بتنظيم مؤتمرات توعية في بلدان مختلفة، لدحض المزاعم المتعلقة بـ "الإبادة الجماعية" ضد الأرمن عام 1915، مدعومة بعرض وثائق وصور.
وأضح "إيلماز" عضو الهيئة التدريسية في كلية الآداب قسم التاريخ، بجامعة أتاتورك، في حديثه للأناضول، أن بريطانيا تمتلك أرشيف، وأوامر، وفرمانات الدولة العثمانية الصادرة إبان عام 1921، مبيناً أنها (بريطانيا) أقرت أن الدولة العثمانية لم ترتكب إبادة جماعية ضد الأرمن عام 1915، سواء في منطقة القوقاز أو داخل حدود تركيا.
وبينما يؤكد الأرمن بأنهم تعرضوا لجرائم إبادة جماعية تهدف إلى اقتلاعهم من أراضيهم في شرق وجنوب شرق ما يعرف الجمهورية التركية الآن، قتل على إثرها أكثر من مليون ونصف أرمني على يد القوات العثمانية والعشائر الكردية في فترات متلاحقة، تؤكد الرواية الرسمية التركية بأن أعداد القتلى لا تتجاوز النصف مليون، وجاءت رداً على "العصابات الأرمنية" في حوض الأناضول التي شنت عمليات قتل جماعي، وإبادة ممنهجة ضد القرى المسلمة (التركية والكردية) جنوب وجنوب شرقي الأناضول، مستهدفين بذلك الأطفال والشيوخ والنساء، حيث كان الرجال والشباب من تلك القرى يحاربون في عدة جبهات خارجية إبان الحرب العالمية الأولى، ما دفع السلطات العثمانية إلى تهجير الأرمن اضطرارياً، ونقلهم إلى أماكن أخرى ضمن أراضي الدولة العثمانية (سورية، لبنان، العراق)، تجنباً لاحتمالات وقوع حرب أهلية وعمليات ثأر.
اقرأ أيضاً: أردوغان يدعو إلى لجنة محايدة فيما يخص مجازر الأرمن