رغم سيطرة الهدوء على سوق الصرف الأجنبي في إيران، مع بدء الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية على إيران، الإثنين، إلا أن الريال الإيراني ظل على مدار فترات العقوبات السابقة الأكثر عرضة لتداعيات العقوبات، وسط توقعات بألا يكون على المدى البعيد في مأمن من أن تأثيرات العقوبات الجديدة التي تستهدف القطاعين المالي والنفطي.
ووفق وكالة مهر الإيرانية، فإن الطلب على الدولار ارتفع مجددا في الفترة الأخيرة، التي سبقت الحزمة الثانية من العقوبات، خاصة يوم الأربعاء الماضي، إذ اشترى مواطنون الدولار بقيمة 142 ألف ريال، بينما كان الدولار قد شهد مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي عمليات بيع، ما أدى إلى تحسن قيمة العملة المحلية، ليصل سعر الدولار آنذاك إلى نحو 100 ألف ريال.
ووفقا لمشاهدات ميدانية لـ"العربي الجديد" في منطقة فردوسي الواقعة في مركز العاصمة وفيها سوق صرف العملات الأجنبية، لوحظ استمرار عمل الصرافين الرسميين المرخصين من السلطات المعنية، مقابل وجود سماسرة في ذات المنطقة، يفضّلون إجراء معاملاتهم في أزقة ضيقة بعيدا عن الأعين، وهو ما ينبئ باحتمال استمرار نشاط هؤلاء في الفترة المقبلة رغم الرقابة الأمنية ووجود عناصر من الشرطة بالزي المدني في المكان، إلا بحال حصول تصعيد أمني قد يصبح ضروريا بحال حصل انهيار شديد في سعر الريال.
الغالبية في سوق الصرف يتحدثون عن توقعاتهم المرتبطة بانعكاسات العقوبات على سعر الريال، معتبرين أن التأثيرات الأولية ستكون نفسية أكثر من كونها حقيقية، فالمضاربون يزيدون المشكلة، كما أن التجارب السابقة أثبتت أن تدخّل الحكومة قد يحد من الانهيار مؤقتا إذا ما حصل بشكل صحيح.
وبالفعل، كانت إيران قد فاجأت الكثير بقدرتها على السيطرة على سوق الصرف بمجرد وصول حزمة العقوبات الأولى إليها في أغسطس/آب، حيث طبق البنك المركزي سياسات جديدة ساهمت بضبط السوق ومنع الانهيار الشديد لأيام.
واختبر الريال موجة انتعاش نسبية واستقرار محدود وصفت حينها بالمؤقتة، وهو ذاته ما يتوقعه البعض الآخر مع وصول حزمة العقوبات الجديدة، لكن ذلك مشروط بتدخل الحكومة ووقوفها بوجه أي انهيار جديد، مقابل توقعات أخرى بحصول انخفاض.
وفي هذا السياق، قال الكاتب في صحيفة تعادل الاقتصادية مهدي بيك، إن التوقعات المرتبطة بسوق الصرف يجب أن تكون بعيدة المدى لا أن تخص المستقبل القريب الذي سيشهد على مؤشرات غير حقيقية، ستنخفض أحيانا وسترتفع في أحيان ثانية، مشيرا إلى أن ذلك يعتمد على العديد من العوامل، تتمثل في سياسات مسؤولي المؤسسات الاقتصادية وخطة عمل البنك المركزي والسيولة، وكذلك العامل الخارجي القادم من واشنطن.
وأوضح بيك أن طهران اختبرت ذات العقوبات في وقت سابق، دون أن ينفي أنها ستترك بصمات سلبية على الاقتصاد، إلا أن حجم الانهيار يعتمد على الداخل ويتعلق بحجم الارتباط الأميركي بالأطراف الدولية الأخرى، متوقعا ألا تكون التبعات الكبرى الحقيقية واضحة على سوق الصرف على المدى القريب.
وأضاف أن لدى إيران مخزونا كبيرا من العملة الصعبة ستضطر لاستخدامه لإنقاذ نفسها مؤقتا، لكن الانعكاسات على الظروف المعيشية ستكون قاسية، كما أن العقوبات ستزيد الخلاف بين تيارات الداخل على كيفية التعامل مع الوضع الاقتصادي.
ورأى أن نتائج انتخابات الكونغرس المرتقبة ستكون مؤثرة، لذا فإن الخطط التي وضعتها البلاد رادعة وحسب، ولا يمكن إقرار أبعد منها، لأن القادم قد يبدل كل المعطيات.
كما اعتبر أنه من الضروري أن تفتح إيران قنوات مالية مع الآخرين لتحصل على العملة الصعبة بما يحد من التأثيرات على سوق الصرف، فلا بد لها أن تبحث عن بدائل كون التطبيق المثالي للآليات الأوروبية التي يدور الحديث عنها لإقناع طهران بالبقاء في الاتفاق النووي ليس مضمونا أيضا.
وتابع أنه من المحتمل أن تقوم أميركا بتخفيف بعض القيود، موضحا أن "الحديث عن منح إعفاءات لشراء نفط إيران قد يسري على السماح بإجراء تبادلات مالية معها بشروط، وهذا بهدف إغراء طهران لتجلس لطاولة حوار مع واشنطن".