من بين جميع زملائه الخطاطين الذين رافقوه في قسم الخط العربي والزخرفة بكلية الفنون الجميلة، بالعاصمة العراقية بغداد، وجد أحمد قاسم في فن الخط حرفة تدر عليه مدخولاً مالياً جيداً، على النقيض من زملائه الذين وجدوا أنفسهم بعد تخرجهم من الجامعة قد انضموا إلى طابور العاطلين الباحثين عن فرصة تعيين في دوائر الدولة.
ورغم أن كثير من زملائه استنكروا عمله على تسخير موهبته بالحفر على شواهد القبور لأجل جني المال، لكنهم انخرطوا لاحقاً في ذات المهنة بعد أن سُدت أمامهم جميع فرص العمل.
ورغم أن كثير من زملائه استنكروا عمله على تسخير موهبته بالحفر على شواهد القبور لأجل جني المال، لكنهم انخرطوا لاحقاً في ذات المهنة بعد أن سُدت أمامهم جميع فرص العمل.
ويقول قاسم لـ"العربي الجديد"، "لم يمتهن بعض أصدقائي خط شواهد القبور فحسب، بل افتتحوا محلات لكتابة لافتات الموتى".
وينطبق المثل القائل "رب ضارة نافعة"، على طبقة واسعة من العراقيين، وهم يجنون مدخولاً مالياً يرتفع بارتفاع عدد الضحايا الذين يلقون حتفهم بسبب القتال الدائر بين القوات العسكرية العراقية مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وللموت في العراق طقوس وعادات متوارثة، يتوجب على العوائل تطبيقها في حال غَيّب الموت أحد أفرادها، بعضها يتوجب تطبيقها بناءً على الشرائع السماوية، كالغسل والتكفين والدفن، وأخرى متوارثة مجتمعياً كإقامة بيت عزاء، وبناء القبور والإعلان في الشوارع عن الوفاة وموعد تلقي العزاء.
وفي واحد من أهم وأشهر الأسواق في بغداد، التي ترتبط حركتها طردياً بعدد الموتى، باتت لا تهدأ حركة العمل فيها. حيث تعرف منطقة الشيخ معروف في وسط العاصمة، بوجود معامل لإعداد القبور الجاهزة، بأشكال وأحجام مختلفة، كذلك بناء شواهد القبور، التي شهدت إقبالاً كبيراً منذ احتدام المعارك بين القوات العراقية وتنظيم (داعش) عقب سيطرة الأخير على مناطق واسعة في العراق، بصيف 2014.
يقول أحد العاملين في بناء القبور، حسين الكرخي، لـ"العربي الجديد"، إنه رغم ارتفاع أعداد الموتى يرفع من مدخوله المالي، إلا أنه يتمنى أن يعم السلام، مضيفاً "أكره مهنتي لكن ليس لدي مصدر رزق غيرها".
ولا ينته الأمر عند هذه الفئة، بل يتجاوز حد المستفيدين ليشمل مهناً أخرى، تنتفع أيضاً من ارتفاع ضحايا داعش ومنهم باعة الأقمشة، الذين يحرصون على توفير أكبر كمية من القماش الأسود، وبحسب صاحب محل ببغداد، رشيد خماس، فإن أصحاب العزاء يقبلون على شراء الأقمشة السوداء لخياطة ملابس للنساء، مستطرداً بالقول في حديثه لـ"العربي الجديد" إنهم كذلك "قبل دفن فقيدهم يشترون القماش الأسود لكي يخط عليه الخطاط عبارة النعي.
في مدن العراق، وأين ما توجه الناظر ببصره يرى عبارات النعي مكتوبة على يافطات سوداء، بخطوط بارزة واضحة، وفيها اسم الفقيد وسبب وفاته ومكان بيت العزاء، لإعلام أهل الحي، لأجل مشاركة ذوي الفقيد مصابهم، وفق ما تعارف عليه العراقيون.
وارتفاع أعداد القتلى كان كذلك فرصة لكثيرين يعملون في غسل ودفن الموتى، أنعش اقتصادهم. وفتح باباً للعمل في المهنة، التي ينفر منها الكثيرون، بل بلغ الأمر في رفع أسعار المقابر، التي بات المتر المربع الواحد فيها يصل إلى نحو ثلاثة آلاف دولار، وأكثر من هذا السعر بحسب مواصفات المقبرة، ما أغرى الكثيرين ممن يملكون قطع أراض زراعية قريبة من المقابر الرئيسية، إلى الإعلان عن بيع أراضيهم وتحويلها إلى مقابر.
يقول سلمان درامة أنه عُرض عليه مبلغ أربعة آلاف دولار للمتر الواحد في مقابل بيع أرض فارغة مساحتها 200 متر مربع، في مقبرة الرصافة، شمال بغداد، لافتاً في حديثه لـ"العربي الجديد" أن ميزة الأرض التي اشتراها قبل خمسة أعوام بمبلغ 500 دولار للمتر المربع الواحد، لتكون مقبرة لعائلته، هو إطلالها على الطريق العام، ووقوعها في بداية المقبرة.
كثير من أصحاب المحال التجارية غيروا تجارتهم وراحوا يعملون في تأجير السرادق وأثاث بيوت العزاء، وكانت فرصة كذلك لأصحاب سيارات نقل البضائع، الذين ينقلون تلك الأغراض من المحلات إلى مكان العزاء، وجدوا فيها عملاً مستقراً.
والعزاء في عادات العراقيين يتطلب إقامة موائد طعام للمعزين طيلة الأيام الثلاثة المقررة للعزاء، وعليه تعم الفائدة على مربي الماشية.
الطهاة المهرة ارتفعت أجورهم لتصل إلى نحو مئة دولار في اليوم الواحد، بل يصل الأمر أحياناً إلى أنهم يتولون عملية الإشراف على عدد من ولائم المآتم، كما هو الحال مع صباح عبد اللطيف، الذي تصل أجرته أحياناً إلى 500 دولار في اليوم الواحد، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن نحو 20 طباخاً يعملون لصالحه.
اقرأ أيضا: "التُربي"..مهنة لا تعرف الكساد في مصر
وينطبق المثل القائل "رب ضارة نافعة"، على طبقة واسعة من العراقيين، وهم يجنون مدخولاً مالياً يرتفع بارتفاع عدد الضحايا الذين يلقون حتفهم بسبب القتال الدائر بين القوات العسكرية العراقية مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وللموت في العراق طقوس وعادات متوارثة، يتوجب على العوائل تطبيقها في حال غَيّب الموت أحد أفرادها، بعضها يتوجب تطبيقها بناءً على الشرائع السماوية، كالغسل والتكفين والدفن، وأخرى متوارثة مجتمعياً كإقامة بيت عزاء، وبناء القبور والإعلان في الشوارع عن الوفاة وموعد تلقي العزاء.
وفي واحد من أهم وأشهر الأسواق في بغداد، التي ترتبط حركتها طردياً بعدد الموتى، باتت لا تهدأ حركة العمل فيها. حيث تعرف منطقة الشيخ معروف في وسط العاصمة، بوجود معامل لإعداد القبور الجاهزة، بأشكال وأحجام مختلفة، كذلك بناء شواهد القبور، التي شهدت إقبالاً كبيراً منذ احتدام المعارك بين القوات العراقية وتنظيم (داعش) عقب سيطرة الأخير على مناطق واسعة في العراق، بصيف 2014.
يقول أحد العاملين في بناء القبور، حسين الكرخي، لـ"العربي الجديد"، إنه رغم ارتفاع أعداد الموتى يرفع من مدخوله المالي، إلا أنه يتمنى أن يعم السلام، مضيفاً "أكره مهنتي لكن ليس لدي مصدر رزق غيرها".
ولا ينته الأمر عند هذه الفئة، بل يتجاوز حد المستفيدين ليشمل مهناً أخرى، تنتفع أيضاً من ارتفاع ضحايا داعش ومنهم باعة الأقمشة، الذين يحرصون على توفير أكبر كمية من القماش الأسود، وبحسب صاحب محل ببغداد، رشيد خماس، فإن أصحاب العزاء يقبلون على شراء الأقمشة السوداء لخياطة ملابس للنساء، مستطرداً بالقول في حديثه لـ"العربي الجديد" إنهم كذلك "قبل دفن فقيدهم يشترون القماش الأسود لكي يخط عليه الخطاط عبارة النعي.
في مدن العراق، وأين ما توجه الناظر ببصره يرى عبارات النعي مكتوبة على يافطات سوداء، بخطوط بارزة واضحة، وفيها اسم الفقيد وسبب وفاته ومكان بيت العزاء، لإعلام أهل الحي، لأجل مشاركة ذوي الفقيد مصابهم، وفق ما تعارف عليه العراقيون.
وارتفاع أعداد القتلى كان كذلك فرصة لكثيرين يعملون في غسل ودفن الموتى، أنعش اقتصادهم. وفتح باباً للعمل في المهنة، التي ينفر منها الكثيرون، بل بلغ الأمر في رفع أسعار المقابر، التي بات المتر المربع الواحد فيها يصل إلى نحو ثلاثة آلاف دولار، وأكثر من هذا السعر بحسب مواصفات المقبرة، ما أغرى الكثيرين ممن يملكون قطع أراض زراعية قريبة من المقابر الرئيسية، إلى الإعلان عن بيع أراضيهم وتحويلها إلى مقابر.
يقول سلمان درامة أنه عُرض عليه مبلغ أربعة آلاف دولار للمتر الواحد في مقابل بيع أرض فارغة مساحتها 200 متر مربع، في مقبرة الرصافة، شمال بغداد، لافتاً في حديثه لـ"العربي الجديد" أن ميزة الأرض التي اشتراها قبل خمسة أعوام بمبلغ 500 دولار للمتر المربع الواحد، لتكون مقبرة لعائلته، هو إطلالها على الطريق العام، ووقوعها في بداية المقبرة.
كثير من أصحاب المحال التجارية غيروا تجارتهم وراحوا يعملون في تأجير السرادق وأثاث بيوت العزاء، وكانت فرصة كذلك لأصحاب سيارات نقل البضائع، الذين ينقلون تلك الأغراض من المحلات إلى مكان العزاء، وجدوا فيها عملاً مستقراً.
والعزاء في عادات العراقيين يتطلب إقامة موائد طعام للمعزين طيلة الأيام الثلاثة المقررة للعزاء، وعليه تعم الفائدة على مربي الماشية.
الطهاة المهرة ارتفعت أجورهم لتصل إلى نحو مئة دولار في اليوم الواحد، بل يصل الأمر أحياناً إلى أنهم يتولون عملية الإشراف على عدد من ولائم المآتم، كما هو الحال مع صباح عبد اللطيف، الذي تصل أجرته أحياناً إلى 500 دولار في اليوم الواحد، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن نحو 20 طباخاً يعملون لصالحه.
اقرأ أيضا: "التُربي"..مهنة لا تعرف الكساد في مصر