الدراسة الحديثة التي أجرتها جامعة تكساس، ربما تكون القنبلة التي ستغير الخريطة الجيوسياسية لصناعة الطاقة في العالم، وتضع معادلات جديدة في صناعة الغاز الطبيعي لم تكن من قبل في الحسبان.
وإذا تأكدت صحة التوقعات حول بلوغ ذروة إنتاج الغاز الطبيعي بحلول العام 2020، فإن ذلك يعني أن ثورة الغاز في أميركا لم يتبق من عمرها سوى خمس سنوات، وبالتالي فإن السوق الأميركي الضخم الذي كان مكتفياً من الغاز الطبيعي ويبحث عن التصدير سيفتح موانئه مرة أخرى لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من جديد وربما في غضون سنوات قليلة، وهو ما يعني أن أسعار الغاز الطبيعي سترتفع بمعزل عن انخفاض أسعار النفط، لأن أميركا أعتمدت خلال السنوات الماضية على الاستخدام المكثف للغاز الطبيعي في الصناعة والتدفئة.
ومن هذا المنطلق فإن الدول الرئيسية المصدرة للغاز الطبيعي المسال، ستعود للعب دور رئيسي في تغذية السوق الأميركي للغاز.
وبالتأكيد إذا صحت نتائج هذه الدراسة فستكون لها انعكاسات كثيرة على مجريات الاقتصاد والسياسة العالمية. أهمها سياسياً، الصراع الغربي الدائر منذ مدة بين بروكسل وموسكو حول إمدادات الغاز الطبيعي، فإن موسكو ستعود مرة أخرى للضغط على أوروبا الغربية وابتزازها كما كانت تفعل في السابق، وستكون بروكسل مضطرة لقبول الابتزاز والتعاطي سياسياً مع روسيا لتلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي وتروح قضية أوكرانيا ضحية لمصالح الغاز، خصوصاً أن ثورة الغاز الأميركي، كانت إحدى بدائل مصادر الغاز بعيداً عن روسيا، التي كانت موضوعة في الحسابات الأوروبية إلى جانب الغاز القطري.
وإذا تبخرت هذه الثورة الغازية فسيعني أن أوروبا ستتخلى تدريجياً عن الحظر المفروض حالياً على الرئيس بوتين، وستبدأ بعض الدول الأوروبية في إعادة حساباتها السياسية في التعامل مع موسكو.
وربما تكون هذه الدراسة هي السر وراء الزيارة الغامضة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال عطلة الإسبوع إلى موسكو. ويلاحظ أن قضية إمدادات الطاقة لأوروبا قضية إستراتيجية لا يمكن التضحية بها في سبيل وحدة وديمقراطية أوكرانيا.
وعلى صعيد دول آسيا وعلى رأسها اليابان التي تستورد جميع احتياجاتها من الغاز الطبيعي والنفط، فإن نتائج هذه الدراسة ستعني أن اليابان ربما تعود مرة أخرى إلى استخدام الطاقة النووية في توليد الكهرباء رغم فظاعة كارثة فوكوشيما وما تسببت فيه من ضحايا ودمار.