بعد الحرب الأهلية في لبنان، تمت هندسة السياسات المالية والنقدية لصالح تنمية اقتصاد الريع على حساب الإنتاج. من زيادة الفوائد على السندات التي وصلت في التسعينيات إلى أكثر من 35%، مروراً بتشجيع الاقتراض الداخلي وتعظيم الدين العام، بموازاة سيطرة عدد كبير من السياسيين على المصارف، وصولاً إلى إنفاق مليارات الدولارات من دون إقرار الموازنة طوال 11 عاماً، وقبلها إنفاق المليارات من دون إجراء قطوع للحسابات.
تقديرات حجم الفساد تتفاوت بين جهة وأخرى، من مليار إلى مليارين وصولاً إلى 5 مليارات دولار سنوياً، الثابت أنها تكتب دائماً بتسعة أصفار. إذ سهلت هذه السياسات فتح الكثير من أبواب الفساد. من استحواذ السياسيين والنافذين على الشاطئ اللبناني واحتلال الأملاك العامة، عقد عدد كبير من الصفقات بالتراضي، ووفق محاصصات حزبية ومناطقية، اتهامات متبادلة بين المسؤولين بالسرقة والاختلاس من الأموال العامة... وصولاً إلى السيطرة على القطاع العام بمؤسسات وإدارته عبر التوظيفات السياسية.
واليوم، بعد انطلاقة انتفاضة شعبية في 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حرّك السياسيون عدداً من ملفات الفساد، في محاولة لاستمالة الشارع، وكسب شعبية تتآكل يوماً بعد يوم.