أفرز المشهد السياسي العراقي المضطرب، وتعدد وسائل الإعلام في البلاد، ظاهرةً يُشير إليها مراقبون بأنها تُمثّل حالة من التشويش على الرأي العام، وهي "كثرة المحللين والخبراء السياسيين والأمنيين". فما إن يتعرّف العراقيون على محللٍ أو خبيرٍ جديد في مجال السياسة ومشاكلها حتى يظهر آخرون جُدد، إلى أن بات لكل فضائية أو إذاعة أو موقع إخباري محللوه الدائمون. والمثير أكثر أنّ بعضهم لم يتجاوز 30 عاماً، الأمر الذي ولَّد سخريةً من هؤلاء على اعتبارهم قليلي خبرة، عدا عن أنّ بعضهم غير طرحه أو تحليله بحسب توجه القناة فتجده يتحدث بقنوات قريبة من إيران بغير حديثه في القنوات العراقية أو العربية البعيدة عن إيران أو الرافضة لهيمنتها في العراق.
ويظهر من هؤلاء المحلّلين على قنوات إعلاميّة عربية، ما يُسبب مشاكل في تعميم مشاكل العراق إلى الخارج بطريقة غير حقيقية في بعض الأحيان أو مبالَغ بها لإرضاء توجهات القنوات تلك، وهو ما يؤكده صحافيون عراقيون. إذ يتسابق بعض مدعي التحليل السياسي للظهور عبر لقاءات متلفزة، وبالعادة يواجه هذا المحلل الجديد أزمة لغته العربية الركيكة، ناهيك بالتخبط وسرد معلومات غير صحيحة.
ويقدّر عدد هؤلاء بأكثر من مائة محلل وخبير ومختص وباحث، بحسب الصفات التي يطلقونها على أنفسهم. وبالعادة يختص كل منهم بقناة أو مؤسسة إعلامية دون غيرها، بينما لآخرين علاقات واسعة مع أكثر من قناة. فالأمر بات مهنة والتنافس على أي القنوات تدفع أكثر من 100 دولار في الظهور، بحسب ما يؤكّده مختصون وأكاديميون، يقولون إنّهم "باتوا يخجلون الظهور احتراماً لأنفسهم".
ويقول الصحافي العراقي راشد العزاوي لـ"العربي الجديد"، إنه "لا غرابة في كثرة المحللين السياسيين، خصوصاً أن المواضيع السياسية كثيرة في العراق، وكذلك الأزمات التي ترافق مسيرة الأحزاب واضطرابات البرلمان وما يتعلق بالموازنات المالية وحجم الفساد في البلاد. فكلها بحاجة إلى محللين وخبراء لشرح ما يجري بطريقة مفهومة للشعب، لأن السياسي بالعادة يشرح المواضيع بطرق سياسية وفق عبارات قد تكون غير مفهومة للعموم. لكنّ الغرابة أنّ المحللين الجُدد، يتلوّنون مع كل محطة تلفزيونية يظهرون عليها، ويتحدثون وفق ما يناسب سياسة كل محطة تستضيفهم، إذ يبدو معارضاً بلقاءٍ ما، ثم يتبدل إلى موالٍ للحكومة في لقاء يعقب الأول بيوم أو أكثر".
اقــرأ أيضاً
اقــرأ أيضاً
ويظهر من هؤلاء المحلّلين على قنوات إعلاميّة عربية، ما يُسبب مشاكل في تعميم مشاكل العراق إلى الخارج بطريقة غير حقيقية في بعض الأحيان أو مبالَغ بها لإرضاء توجهات القنوات تلك، وهو ما يؤكده صحافيون عراقيون. إذ يتسابق بعض مدعي التحليل السياسي للظهور عبر لقاءات متلفزة، وبالعادة يواجه هذا المحلل الجديد أزمة لغته العربية الركيكة، ناهيك بالتخبط وسرد معلومات غير صحيحة.
ويقدّر عدد هؤلاء بأكثر من مائة محلل وخبير ومختص وباحث، بحسب الصفات التي يطلقونها على أنفسهم. وبالعادة يختص كل منهم بقناة أو مؤسسة إعلامية دون غيرها، بينما لآخرين علاقات واسعة مع أكثر من قناة. فالأمر بات مهنة والتنافس على أي القنوات تدفع أكثر من 100 دولار في الظهور، بحسب ما يؤكّده مختصون وأكاديميون، يقولون إنّهم "باتوا يخجلون الظهور احتراماً لأنفسهم".
ويقول الصحافي العراقي راشد العزاوي لـ"العربي الجديد"، إنه "لا غرابة في كثرة المحللين السياسيين، خصوصاً أن المواضيع السياسية كثيرة في العراق، وكذلك الأزمات التي ترافق مسيرة الأحزاب واضطرابات البرلمان وما يتعلق بالموازنات المالية وحجم الفساد في البلاد. فكلها بحاجة إلى محللين وخبراء لشرح ما يجري بطريقة مفهومة للشعب، لأن السياسي بالعادة يشرح المواضيع بطرق سياسية وفق عبارات قد تكون غير مفهومة للعموم. لكنّ الغرابة أنّ المحللين الجُدد، يتلوّنون مع كل محطة تلفزيونية يظهرون عليها، ويتحدثون وفق ما يناسب سياسة كل محطة تستضيفهم، إذ يبدو معارضاً بلقاءٍ ما، ثم يتبدل إلى موالٍ للحكومة في لقاء يعقب الأول بيوم أو أكثر".
ويلفت إلى أنّ "التحليل السياسي تحوّل إلى مهنة استرزاق، إذ إنّه مقابل كل مقابلة على محطة تلفزيونية يُحسب للمحلل 100 دولار أو أقل. وبالتالي فهي مهنة فيها الكثير من المميزات، لعل آخرها الظهور، وأكثرها هو القرب تدريجياً من السياسيين العراقيين، الذي يعمدون إلى تكوين علاقات من الشخصيات دائمة الحضور في الشاشات من أجل تلميع صورتها مقابل أموال، ويصل الأمر أحياناً إلى مقابل وجبة طعام في مطعم فاخر".
من جهته، يُشير منسق وموظف علاقات عامة في محطة تلفزيونية محلية، لم يكشف عن اسمه، إلى أنّ "هناك مجموعات خاصة في تطبيقي "واتساب" و"فايبر" تضم عشرات المحللين، وحين يستعصي الحصول على أحد المحللين البارزين في العراق، تتم الاستعانة بآخرين من المجموعة يكونون جاهزين دائماً وتحت الطلب من أجل تمشية الحال". ويُبيّن لـ"العربي الجديد" أن "المحللين السياسيين وممن يلصقون بأنفسهم لقب الخبير، بالعادة لا يستفيد أحد من طرحهم، فهم من المفترض أن يقوموا بالإجابة عن الاستفهامات التي تدور في الشارع إلا أنهم على الأغلب يكتفون بالمطالبات العامة للحكومة أو الجهات المعنية، وكأنهم مواطنون عاديون يتم اللقاء بهم في الشارع، حتى أنهم لا يملكون أي علاقات مع مصادر القرار، ولا يملكون أي معلومات غير معروفة والتي تنشر عبر بيانات الدولة وغيرها من التصريحات التي تُذاع عبر الإعلام".إلى ذلك، يرى أستاذ الإعلام في جامعة بغداد ومقدم البرامج السياسية، نبيل جاسم، أنّ "وظيفة المحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين، وغيرها من الوظائف الأخرى التي تتعلق بالخطاب، لا تخضع في العراق للشروط الحقيقية للظهور على الشاشات المحلية، وإن الكثير منهم ليس لديه الخبرة الكافية على المستويات السياسية والأكاديمية والتنظيرية". ويوضح لـ"العربي الجديد" أن "التحليل تحول إلى مهنة ارتزاق وسُلم شهرة يوصل إلى المجالس السياسية أكثر مما هو عملية موضوعية تقدم تحليلاً خدمياً يُساهم في تفسير الأحداث للجمهور".
ويضيف جاسم أن "المحلل السياسي لا بد من أن يمتلك تراثاً فكرياً محترماً ومعرفة كبيرة بالأنظمة السياسية ومجريات السياسة الدولية، وغالبية المحللين العراقيين الجدد لا يمتلكون ما يؤهلهم للحديث، ولا حتى تأريخ ولو بسيط في العمل السياسي والحملات الانتخابية، لأن تجارب المحللين هي التي تصنع الرؤية لهم والتوقعات والتوضيحات". ويُشير إلى أن "كل وسيلة إعلام عراقية، تمتلك منسقاً يتولى عملية الاتصال بالضيوف، وهذا الموظف يمكن هل أن يكون الحاكم باختيار الأشخاص الذين سيدلون بآرائهم عبر المحطة، وبالتالي يؤثر على الخطاب الإعلامي". ويتابع: "إن عملية اختيار المحللين السياسيين غير قائمة على دراسة عميقة لهذه الشخصيات وخطابها، إنما تقوم على سهولة الاستجابة والعلاقة الشخصية والخطاب الموائم للمحطة، وهو الأمر الذي يزيد من نسبة التسطيح والتأثير على موثوقية وصدقية القنوات".