احتفاءً باليوبيل الفضي لمعرض الدوحة الدولي للكتاب، عاد مهرجان الدوحة الثقافي بباقة متنوعة من الفعاليات الفنية والثقافية، صاحبت أيام المعرض، بعد أن كان المهرجان قد توقف منذ اختيار الدوحة عاصمة للثقافة العربية عام 2010.
وتأكيداً لهوية المهرجان العربية فقد تضمن مشاركات لفرق عربية، كان حفل الافتتاح فيه من نصيب فرقة " إنانا" السورية، التي قدمت مسرحية "صقر قريش"، وتروي فيها سيرة الأمير الأموي عبد الرحمن بن معاوية بن هشام، حفيد الخليفة هشام بن عبد الملك، بأسلوب درامي يحاكي التطورات الجارية في العالم العربي.
و"صقر قريش"، شاعر وقائد عسكري ورجل سياسة وحاكم، ذو شخصية استثنائيّة، أثّرت في التاريخ العربي والعالمي، أسس دولةً عاشت أكثر من ثمانية قرون ضمت العرب والأوروبيين، ورسمت الملامح الحضاريّة للتواصل بين الشرق والغرب.
يعرض العمل رحلة شاقة ومضنية بين رصافة الشام ورصافة الأندلس، أمضاها الأمير الذي يُعدّ آخر الخلفاء الأمويين الأقوياء، فقد توالى بعده أربعة خلفاء، أخذ اللهو والمجون أحدهم، والكبر والمرض والضعف بقيتهم. وقد اجتهدت "إنانا" في تقديم المادة التاريخية لهذه الحقبة في توليفة فنية جميلة جمعت بين الأشعار والغناء والاستعراض والتقنية السينمائية، إذ حمل الراقصون عبء نقل الأحداث السياسية والتاريخية للجمهور بأجسادهم.
وكما احتفى المعرض بفلسطين وكتّابها، احتفى مهرجان الدوحة الثقافي بها أيضاً، فقد استضاف فرقة جامعة الاستقلال للفنون الشعبية الفلسطينية، التي قدمت عدداً من اللوحات الفنية الفلكلورية، التي لامست بساطة وأصالة الحياة الفلسطينية، إضافة إلى عدة معزوفات موسيقية من روائع التراث الموسيقي في فلسطين، ومن أشهر اللوحات التي قدمت، الفلاح والأرض من خلال فن الدبكة، ولوحة العرس الفلسطيني وغيرها.
وانطلاقاً من إيمانهم بالدور الحضاري، الذي تقدمه الفنون الشعبية كلغة تواصل مع الثقافات الإنسانية وتراث الشعوب الحضارية، تأسست الفرقة عام 2011، وتضم أربعين عضواً من كلا الجنسين ما بين راقص ومطرب وموسيقي ، وهي في سعي دائم إلى تطوير الفنون الشعبية والتراث الغنائي الشعبي وإبرازهما على المستوى المحلي والعالمي.
وبعيداً قليلاً عن الرقص والتمثيل، لكن على خشبة المسرح ذاتها، عزفت الأوركسترا اللبنانية بقيادة المايسترو، أندريه الحاج، والفنان أنطوان فرح، مقطوعات موسيقية، رافقتها الفنانة أميمة الخليل، وقد اختارت بعضاً من أغاني فيروز، والفنانة الراحلة صباح، لتحييها بصوتها، كما غنت عدة أغنيات من ألبومها الأخير، ومنها "الكمنجات" للشاعر محمود درويش.
يُذكر أن الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية، تأسست عام 2000، وقدمت أول حفلة في العام نفسه، وتضم 55 عازفًا، وتقدم عروضها المتألقة ناشرة التراث الموسيقي اللبناني، وفق كتابة أوركسترالية تجمع بين الحداثة والتقليد، وكان إنشاؤها محطةً فاصلةً في تاريخ الموسيقى الشرقية العربية، وقد شاركت في أهم المهرجانات العربية والعالمية.
أخيراً وفي إطار احتفال وزارة الثقافة والفنون والتراث بمرور 40 عامًا على عرضها للمرّة الأولى على مسرح قطر الوطني عام 1975، أُعيد عرض المسرحية القطرية "أم الزين" التي تُعدّ علامةً مُضيئةً في تاريخ الحركة المسرحيّة القطرية، وقد شهدت حضوراً تاريخياً في ذلك الوقت، وصل عدده إلى 2700 متفرج على مدى ثماني ليالٍ.
وقال سعد بورشيد مخرج العرض لوسائل إعلام: "إن الكاتب عبد الرحمن المناعي منحه تفويضًا كاملاً بالتصرّف في النص الأصلي بما يلائم الوقت الراهن لكن مع الاحتفاظ بروح الشخصيات كما هي، مع مراعاة بعض الكلمات والحوارات التي بدت صعبة على الممثلين حاليًا وتمّ تخفيفها لتكون بسيطة على المُتلقي". وقد شارك في بطولتها خالد عبدالكريم، يلدا، محمد أنور، راشد الشيب، زينب العلي، علي ربشة، حسن صالح وخالد ربيعة، والفرقة الموسيقية بقيادة الفنان حازم عبد العظيم وغناء الفنان صقر صالح والفنانة أصيل أمين.